رغم الأموال الطائلة المقدمة من مملكة العدوان.. مليشيا حزب الإصلاح تفشل في تحشيد مقاتلين لتبديل مسار المعركة في مارب
الثورة / إسكندر المريسي
لم تترك مليشيا حزب الإصلاح سبيلاً للتحشيد في معركة مارب إلّا وسلكته، من دون أن تفلح في تبديل مسار المعركة، التي لا تزال إلى الآن تجري لصالح الجيش واللجان الشعبية اليمنية، رغم تباطؤ وتيرتها. سلفيون و”قاعدة” و”دواعش” جلبتهم مليشيا الإصلاح المئات منهم من المحافظات الجنوبية ومن الساحل الغربي على أمل قلْب المعادلة الميدانية، من دون أيّ نتيجة إلى الآن، لا تزال مليشيا الإصلاح تواجه عقبات في استقدام الشباب الجنوبيين، والذين ذاقوا الأمرّين في المواجهات التي خاضوها لحسابها طيلة السنوات الماضية.
وتناقلت وسائل الإعلام أنه بعد تقدُّم قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الأسبوعين الماضيين إلى محيط مدينة مارب، استنفرت السعودية كلّ قواها القبليّة والحزبيّة، ونبشت شعاراتها الطائفية، ودفعت بالآلاف من العناصر المتطرّفة من محافظات شبوة وأبين وحضرموت وعدن ولحج وتعز والساحل الغربي للدفاع عن آخر معاقل وصايتها في شمال اليمن. وعلى رغم رفض «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، نقل مقاتليه إلى مارب، استخدمت الرياض الإغراءات المالية للدفع بميليشيات سلفيّة وأخرى موالية لـ«الانتقالي» للتصعيد في جبهات الضالع، من دون أن يفلح كلّ ذلك في إحداث أيّ تغيير في مسار المواجهات، والذي لا تزال قوات صنعاء تتحكّم به، مُواصِلةً تحقيق مكاسب على الأرض، وإن بوتيرة أقلّ.
وعكَس التحشيد السعودي الكبير للقوى الموالية للمملكة والذي لم يستثنِ تنظيمَي «داعش» و«القاعدة»، مخاوف الرياض من سقوط كامل محافظة مارب بيد الجيش واللجان الشعبية. كما أكّد، مرّة أخرى، أن التحالف السعودي – الإماراتي يستخدم حكومة الفار عبد ربه منصور هادي، كغطاء لتحقيق أجندته في اليمن. إزاء ذلك، تعتقد صنعاء أن تحرير المحافظة أصبح أكثر أهمّية، في ظلّ المخطّط السعودي لتوطين التكفيريين فيها. وعلى هذا الطريق، عزّزت موقفها العسكري خلال اليومين الماضيين، باتفاقيات جديدة مع قبائل مارب. وأكدت مصادر قبلية أن “حكومة الإنقاذ” عقدت أكثر من لقاء مع قبائل طوق مدينة مارب، وقبائل عبيدة، صاحبة القرار الأول في المدينة ووادي عبيدة وصولاً إلى منطقة صرواح النفطية، وتَمكّنت من التوصُّل إلى اتفاقيات جديدة مع مشائخ آل جلال وقبائل عبيدة، التزمت فيه بعدم استهداف قوّاتها لمصالح القبائل، مقابل التزام الأخيرة بعدم استخدام الطرف الآخر أراضيها في أيّ أعمال عسكرية، بالإضافة إلى فتح خطّ تواصل مع قيادات صنعاء للتوصُّل إلى اتفاق بخصوص مستقبل بقية المناطق التابعة لها.
في المقابل، حاولت السعودية، على مدى الأيام القليلة الماضية، فتح جبهات استنزاف إضافية في جنوب مارب وشمالها، وعزّزت مليشيا الإصلاح لخوض معركه مارب بالمئات من المتطرّفين الموالين لها بقيادة «أبو العباس الجزائري»، من الساحل الغربي ومحافظة لحج، كما استقدمت المئات من مقاتلي قبائل أبين وشبوة الموالين لها. لكن الرياض، التي منحت قائد قوّاتها في مارب العميد عبد الرحمن الشهراني القيادة الفعلية للجبهات، لم تنجح في تغيير مسار المواجهات، حيث تمكّن الجيش و«اللجان الشعبية» من إحراز تقدُّم جنوب الطلعة الحمراء شرق صرواح، فيما لا يزالون في مواقعهما السابقة في جبهات الكسارة غرب المدينة وفي جبهة رغوان. وفي حين تواصَل ضغطهم العسكري في جبهات العام والرويك، صدّوا عدّة هجمات للقوات الموالية للفار لهادي في تبّة الأقشع الواقعة بالقرب من معسكر اللبنات شمال مارب، لتتراجع تلك القوات بعد أن خسرت 13 مدرّعة وعشرات القتلى.
وبعد تلقّيها تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، صَعّدت قوات الفار هادي في جبهات آل أحمد في مديرية جبل مراد جنوب مارب، ودفعت بالمئات من العناصر نحو جبهات غرب المدينة، إلا أنها فقدت المزيد من القيادات العليا في المعركة. فبعد أيّام من مقتل قائدَي «اللواء 203 – مشاة ميكا» و«اللواء 62 – مدرّع» في جبهات صرواح، اعترفت بمقتل قائد «لواء الصقور» الموالي لها، العميد أحمد الشرعبي، في جبهات الكسارة ، كما تكتّمت عن استسلام الكتيبة الثانية في «اللواء117» أمس الأول في جبهة شرق صرواح. وبعكس ما يحدث على الأرض، لجأت قوات الفار هادي، منذ أيام، إلى بثّ إشاعات عن انتصارات لا وجود لها في الواقع، مُحاوِلةً بذلك رفع الروح المعنوية المنهارة لجنودها، والتكتُّم عن خسائرها العسكرية في المعركة التي مضى على انطلاقها أسبوعان، خشية فشل خطّة التحشيد التي تُنفّذها في مختلف المحافظات الجنوبية ومحافظة تعز تحت شعارات طائفية. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر محلية في محافظة شبوة (شرق) توجيه سلطات حزب «الإصلاح»، المسيطِرة على المحافظة جميع المساجد بتحريض المواطنين على التوجُّه للقتال في مارب. ووفقاً للمصادر، فقد أطلق مكتب الأوقاف في شبوة حملة «الهبّة الشبوانية لنصرة محافظة مارب»، والهادفة إلى حثّ المواطنين على التوجُّه شمالاً. وتأتي حملات التحريض هذه بالتزامن مع إعلان تنظيم «داعش»، رسمياً، الأربعاء، مشاركته في القتال في جبهات غرب مارب إلى جانب قوات هادي، فضلاً عن قيام الأخيرة بمنح أحد قادة تنظيم «القاعدة» في أبين، المدعو «أبو منيرة المرقشي»، رتبة عقيد، وتعيينه قائداً لجبهة الكسارة غرب مدينة مارب. بالتوازي مع ذلك، وجّهت السعودية بتصعيد القتال في جبهات مريس وقعطبة في محافظة الضالع (جنوباً) الواقعة على الحدود مع محافظة إب (شمالاً)، لتخفيف الضغط العسكري عن مارب.
إزاء ذلك، شدّد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه الأخير بمناسبة «جمعة رجب»، على أن «المعارك التي يخوضها الجيش واللجان الشعبية في مارب والجوف والبيضاء وتعز والساحل وكلّ الاتجاهات، هي تصدٍّ للمعتدي الذي حارب الشعب اليمني، ويريد السيطرة والوصاية عليه»، مؤكداً أن «المعركة الحالية في مارب أو في أيّ محافظة ليست مع أبناء المحافظة»، لافتاً إلى أن «قلّة قليلة من أبناء مارب تقاتل تحت إمرة ضابط سعودي، ويحاولون فرض السيطرة السعودية في إطار الولاء لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل». وكان المكتب السياسي لـ«أنصار الله» استهجن، ، الضغوط الدولية لوقف تحرير مارب، داعياً بدلاً من ذلك إلى وقف العدوان ورفع الحصار.
ويرى خبراء عسكريون أن «معركة تحرير مارب ستكون في ضوء ما تشهده من عمليات تحشيد من كلّ حدب وصوب، معركة فاصلة، ليس في هذه الحرب العدوانية فحسب، بل في تاريخ اليمن المعاصر، كون هذه المحافظة ظلّت عقوداً من الزمن تحت الوصاية السعودية». ويعتبرون أن «القلق الأميركي والبريطاني والأوروبي في مارب يُعبّر عن الأطماع القديمة الجديدة في الثروة النفطية والغازيّة، والتي جاهر بها نائب الرئيس الأميركي في عام 1986، جورج بوش، عندما حضر بنفسه تدشين محطة صافر، بقوله إن واشنطن وجدت بديلاً للنفط الخليجي الملتهب. كما كشفت برقية سرّية للسفير الأميركي السابق، ستيفن سيش، في 2008، نشرَها موقع «ويكيليكس»، أن شبوة ومارب والجوف لديها كمّيات هائلة من النفط والغاز. هذا إضافة إلى ما تحدّث به الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أثناء حملته الانتخابية، عن أن الحرب في اليمن هدفها النفط وليس شيئاً آخر».
السعودية.. التي كرّست وجودها العسكري في مارب خلال السنوات الماضية تحت ذريعة دعم إعادة «الشرعية»، أقدمت على إنشاء عدد من القواعد في مناطق تداوين والكنائس والماس واللبنات والرويك وصحن الجن في أقلّ من عامين، فضلاً عن فرض نفوذها على كلّ القوات الموالية للفار لهادي، والتي تمّت إدارتها من قِبَل الحاكم العسكري السعودي في مارب، أبو سلطان. مع ذلك، فشلت الرياض، منذ مطلع العام الماضي، في حماية قواتها ومقرّاتها، إذ تمكّن الجيش و«اللجان»، منذ مايو الفائت، من إفراغ كلّ القواعد العسكرية السعودية من العتاد والعدة، وأجبروا المئات من الجنود السعوديين على الانسحاب منها وسحب الأسلحة الثقيلة معهم، بعدما فشلت منظومات الدفاع الجوي التي نصبتها المملكة في مختلف مناطق المحافظة في تحقيق الغاية منها.