جُمعةُ رجَب.. حَدثٌ يَمانيٌ إيمَاني

مطهر يحيى شرف الدين

 

 

الجُمعة الأولى من رجب من كل عام تعتبر يوماً مميزاً وفريداً بالنسبة لليمنيين ولهذا اليوم مكانة عظيمة في قلوبهم ففيه أعلن اليمنيون إسلامهم ودخلوا في دين الله أفواجا فكان ارتباطهم بالله وبرسوله تعزيزاً لقيمهم الأصيلة التي تجسد فطرة الله التي فطر الناس عليها ،
ولأن لليمنيين مكانة واعتباراً استثنائياً عند رسول الله صلوات الله عليه وآله فقد كانوا عند حسن ظنه وحصل الانسجام بين توجه أهل اليمن وتطلعاتهم الروحية ونفسياتهم التوّاقة إلى الفطرة السليمة التي تجسّد ما جاء به الإسلام وبين مضامين الدعوة الإسلامية الداعية إلى الإيمان بالله سبحانه إلاهاً واحداً لا شريك له والإيمان برسول الله الذي استبشر الخير والمدد ونصرة دين الله من أهل اليمن وقد سجد شكراً لله حين أدرك وتحقق أملهُ بأن اليمنيين هم أهلٌ للقيم الإيمانية وأنهم من سيمثّلون الدين الإسلامي الصحيح بمبادئه وقيمه وتعاليمه.
فكان لليمنيين الشرف العظيم والمكانة المتميزة بين كل الأمم والشعوب حين دعا لهم النبي صلوات الله عليه وآله بجمع الشمل والنصر والتأييد على أعدائهم وخصومهم فقال :
“اللهم اجمع شملهم وانصرهم على من عاداهم ولا تنكس شوكتهم”.
نعم إنها الهوية والفطرة والقيم التي تحلى بها أبناء اليمن منذ بزوغ الإسلام جعلتهم يرتدونه ديناً ويتخذون المنهج الرباني والمشروع المحمدي طريقا وحيداً وحبلاً متيناً وصراطاً مستقيما لتتنزل الآيات الكريمات الدالة على علو شأنهم ومكانتهم المتميزة التي جعلتهم على ارتباطٍ وثيق بالدين الإسلامي وتعلقٍ مباشر بمصادرهِ الأصلية الصحيحة.
ولذلك كان لا بد وأن ندرك أهمية إحياء ذكرى جمعة رجب من كل عام لكي تستشعر الأجيال المتعاقبة عظمة وقيمة هذا اليوم الذي أعز الله فيه أهل اليمن وكرّمهم وقال عنهم في محكم كتابه:
“والذينَ تبوءو الدّار والإيمانَ من قَبلهم يُحبون مَن هَاجر إليهم وَلا يَجدونَ فِي صُدورهِم حَاجةً مِما أُوتُوا وَيُؤثرونَ عَلى أَنفسهم وَلو كَان بِهم خَصاصَة”.
وكما أرسل النبي صلوات الله عليه المبعوثين إلى كثير من البقاع بهدف الدعوة إلى الإسلام فقد جعل لليمن واختصها بصفوة الصحابة الكرام وأرسل أبو موسى الأشعري إلى مخلاف تهامة وأرسل معاذ بن جبل إلى الجند وأرسل بن عمه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى صنعاء ليدخلها دون أن يقتل نفساً أو حتى يسل سيفاً ، بل أنه رأى في سيماء أهل اليمن البطولة والإقدام ومعاني النخوة والحمية والفروسية والسماحة والكرم وقال شعراً عن ذلك مادحاً ومعجَباً بأهل اليمن :
تَيَمَّمتُ هَمدانَ الَّذينَ هُمُ هُمُ..
إِذا نابَ أَمرٌ جُنَّتي وَحُسامي
وَنادَيتُ فيهِم دَعوَةً فَأَجابني..
فَوارِسُ مِن هَمدانَ غَيرُ لِئامِ
فَوارِسُ مِن هَمدانَ لَيسوا بُعُزَّلٍ..
غُداةَ الوَغى مِن شاكِرٍ وَشبامِ
وَمن أَرحَبَ الشَمَّ المطاعينَ بِالقَنا..
وَرَهُمٌ وَأَحياءُ السَبيعِ وَيامِ
وَمِن كُلِّ حَيٍّ أَتَتني فَوارِسٌ..
ذوُو نَجَداتٍ في اللِقاءِ كِرامِ
ألا إن هَمدانَ الكِرامَ أَعِزَةٌ..
كَما عَزَّ رُكنُ البَيتِ عِندَ مَقامِ
أَناسٌ يُحِبّونَ النَبيَّ وَرَهطَهُ..
سِراعٌ إِلى الهَيجاءِ غَيرَ كَهامِ
فَلو كُنتَ بَوّاباً عَلى بابِ جَنَةٍ..
لَقُلتُ لِهَمدانَ اِدخلوا بِسلامِ
و يكفي أهل اليمن منحةً و فخراً وامتيازاً دون غيرهم من الأمم ما قاله رسول الله صلوات الله عليه وآله عنهم :
” الإيمان يمان والحكمة يمانية”
حديثٌ شريف ووسامٌ نبوي وتاجٌ إيماني يماني مرصعٌ بحب النبي وودهِ وتعلقه الروحي بأهل اليمن
تتمنى كل الأمم والشعوب العربية والإسلامية أن يكون لها تلك المنحة المحمدية وذلك الإرث الإيماني الأصيل وكأن اليمنيون قد اتخذوا الإيمان رداءً وسكناً وطمأنينة واتخذهم الإيمان أهلاً وداراً وسكينة ،
ولذلك فقد تحققت فِراسة وإدراك النبي الأكرم ورؤيتهُ لأهل اليمن بأنهم من سيحملون الدين الحقيقي ويحمونهُ من الثقافات المغلوطة ومروّجي الأفكار الغريبة الدخيلة على دين الفطرة وهم من يكون على أيديهم نصرة الإسلام والانتصار لله ورسوله على مر التاريخ وفي كل الأحداث والصراعات وفي مرحلةٍ أصبحت الكثير من الأُمم بأنظمتها وزعاماتها تنتصر للطاغوت وللباطل وتقف حائلاً دون إعلاء الحق ودون سيادة الأمة الإسلامية بقيمها وتعاليمها ومبادئها التي أرادها الله أن تكون خير الأمم وأفضلها.

قد يعجبك ايضا