الحصار الاقتصادي لا يُطبِّ إلاِّ من قبَل مجلس الأمن لأنه مرتبط بنظام الأمن الجماعي
أكاديميون في القانون الدولي يتحدثون لـ”الثورة”: احتجاز سفن المشتقات النفطية والحصار الاقتصادي يخالف قانون الأمم المتحدة ومواثيقها
د. الغيش: القرصنة والحصار هما من أعمال العدوان كما عرّفتها الأمم المتحدة
د. الوشلي: احتجاز سفن المشتقات النفطية جريمة إبادة جماعية للشعب اليمني وانتهاك صارخ للقوانين الدولية
د. السقاف: احتجاز المشتقات النفطية تسبب في اتّساع معدلات الفقر والبطالة
د. المجاهد: القانون الدولي يدعو إلى تحييد المشتقات النفطية وعدم استخدام الوضع المعيشي للإنسان كورقة ضغط أثناء الحروب
يواصل العدوان السعودي استخدام ورقة الحصار الاقتصادي واحتجاز سفن المشتقات النفطية، مخالفا بذلك القوانين والأعراف الدولية وسط صمت مخز للأمم المتحدة والعالم، ومعه تزيد معاناة شعب بأكمله في الحصول على أبسط مقومات الحياة في مشهد نفاق دولي مكتمل الأركان ويعطي اليمنيين الحق في الرد والدفاع عن النفس بكافة الوسائل المتاحة .
أكاديميون في القانون الدولي يتحدثون للثورة عن احتجاز سفن المشتقات النفطية، وما يمثله هذا العمل من عدوان لا إنساني على الشعب اليمني..
الثورة / أحمد السعيدي
في البداية تحدث للثورة الدكتور أمين الغيش- أستاذ النظم السياسية المساعد في جامعة صنعاء:
” لا بد أن نعرف أن القرصنة والحصار هما من أعمال العدوان كما عرّفتها الأمم المتحدة في قرار الجمعية العامة (3314) 1974م، وهو قرار دولي ملزم في تعريف العدوان، وهو نتيجة لمقررات مؤتمر “كامبال” في نفس العام لذلك فإن الحصار هو عدوان مثله مثل العدوان العسكري ولكنه بالنسبة لنا في المجتمع اليمني هو أكثر فتكا وضررا بالشعب لأنه يمس كل شرائح المجتمع وآثاره الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الزراعة والجانب الصحي والجانب الخدمي وكل ما يعرض حياة الإنسان للخطر ولذلك فإن العقوبات الاقتصادية هي في ميثاق الأمم المتحدة انتهاك صارخ للميثاق الأممي كون الحصار الاقتصادي لا يطبق إلا من قبل مجلس الأمن لأنه مرتبط بنظام الأمن الجماعي في المادة 42 في ميثاق الأمم المتحدة ومرتبط بالفصل السابع مباشرة وهو من اختصاص مجلس الأمن ولذلك فإن الحصار القائم الآن على الجمهورية اليمنية عدوان شامل تجاوز العدوان العسكري الذي تكون آثاره في مناطق محددة بعكس الحصار الاقتصادي الذي يتضرر منه كل مواطن والسكوت على هذا ذلك من قبل مجلس الأمن أمر مخزٍ بل وصل الأمر إلى التواطؤ والمؤامرة معه والشراكة في هذا العدوان ولذلك من حقنا في الجمهورية اليمنية وسلطة المجلس السياسي الأعلى وعبر المادة 51من خلال ميثاق الأمم المتحدة أن نقاوم هذا العدوان بالطريقة الفردية والجماعية حيث يدعو الميثاق الأممي الدول للوقوف إلى جانب الجمهورية اليمنية في مواجهة هذا العدوان = وأن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته ولذلك نحن ننتظر مواقف لأصدقائنا وأشقائنا في محور المقاومة وتتكاتف الجهود لكسر الحصار الاقتصادي المفروض علينا منذ ست سنوات وحتى القرار 2216 الذي صدر في 2015م بعد العدوان مباشرة ليس فيه أي نص على الإطلاق يعطي لدول العدوان الحق في فرض الحظر الاقتصادي على اليمن ولذلك نحن من الناحية الشرعية والقانونية اذا قمنا باي عمل فهو في إطار الدفاع الشرعي عن النفس وفقا لكتاب الله والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وفي النهاية يجب الإشارة إلى أن الحصار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة والسماح للمشتقات النفطية بالدخول هو اختبار حقيقي ومحك للوعود الانتخابية للرئيس بايدن الذي قال انه سيعمل على وقف العدوان على اليمن وهو اختبار لمصداقية السياسة الأمريكية الجديدة التي تعمل على اللعب عليها في ما يسمى حقوق الإنسان وهم يعلمون حجم المعاناة التي يعانيها جميع المواطنين في اليمن بسبب هذا الحصار ” .
إبادة جماعية
من جانبه تحدث الأكاديمي في القانون الدولي ومساعد رئيس جامعة صنعاء سابقا الدكتور عبد الوهاب الوشلي، حيث قال:” احتجاز دول العدوان لسفن المشتقات النفطية جريمة إبادة جماعية للشعب اليمني في ظل صمت دولي مريب يعكس موت الضمير العالمي ونحن على مشارف العام السابع يستمر العدوان على اليمن بصورة إجرامية غير مسبوقة وانتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية والإعلانات والمبادئ الأممية ، نستغرب ذلك الوجوم والصمت الدولي المريب والمخزي عن الجرائم التي ترتكبها السعودية والإمارات ومن معهما بحق الشعب اليمني وما تزال مستمرة، هذه الجرائم تجرمها كافة قوانين السلم والحرب الدولية منها احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل دول العدوان بتجبر وتكبر مقيت، برغم حصول السفن على التصاريح الأممية بالدخول إلى ميناء الحديدة، وتأبى دول العدوان إلا الاستمرار باحتجاز السفن في عرض البحر لأشهر خلت ممعنة في أذية الشعب اليمني ومضاعفة معاناته، ما أدى إلى حدوث كوارث إنسانية في كل مناحي الحياة في اليمن، ففي المجال الطبي توقفت غرف العناية المركزة وغرف العمليات ومبردات الأدوية للأنسولين لمرضى السكرى وغيرها من أدوية الأمراض الأخرى، وكافة الأجهزة الأخرى منها أجهزة غسيل الكُلى، وأجهزة التنفس اللازمة لمواجهة جائحة كورونا، فكل يوم يمر يكون الموت محققاً لمئات المرضى، وفي المجال الاقتصادي توقفت المصانع المحلية لانعدام الطاقة، وكذا توقف إيصال مستلزمات الحياة من الغذاء فنجد آلاف الشاحنات محملة بالبضائع متوقفة لا تستطيع الوصول إلى محافظات ومدن وقرى الجمهورية لإيصال البضائع من الغذاء، وتضاعفت أسعار الكهرباء والماء وغيرها، مجسدة أسوأ مجاعة وكارثة إنسانية في العالم عرفها التاريخ المعاصر والحديث، ولم تلتفت دول العدوان للعديد من المناشدات بإطلاق سفن المشتقات النفطية، التي اطلقتها عدد من المنظمات المهتمة بالشأن الإنساني، تضاف هذه الجريمة الكارثية إلى الكوارث الإنسانية البشعة التي سببها قصف طيران التحالف اليومي المتواصل للمنازل والأسواق والصالات والمستشفيات والمدارس والجامعات…الخ، لستة أعوام خلت وماتزال مستمرة حتى الساعة بالإضافة للحصار الشامل برا وجوا وبحرا وإغلاق المنافذ والمطارات ومنع المرضى والطلاب من السفر والعودة ، ولا ننسى قيام دول العدوان بقطع مرتبات الموظفين اليمنيين لخمسة أعوام متتالية وقيامها بطباعة العملة دون غطاء ما أدى إلى تناقص القوة الشرائية للريال اليمني إلى الخمس، مع العلم أن مرتب الموظف اليمني كان لا يكفيه لأسبوع في ظل الوضع الطبيعي، فما بالنا اليوم في ظل العدوان المتوحش، الذي تسبب في كارثة غلاء أسعار السلع التي لم تشهدها دولة من قبل ، فتخيلوا حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني المظلوم المكلوم الذي تجبرت وتكالبت عليه القوى الإقليمية والدولية وارتكبت وما تزال ضده أسوأ الجرائم المحرمة في كافة اتفاقيات جنيف، وبمطالعة تقارير وإحصائيات عدد من المنظمات الإنسانية بهذا الشأن نجد فيها أرقاما مفجعة ووقائع مؤلمة تجعل كل صاحب ضمير حي لا ينام”.
اتساع معدلات الفقر والبطالة
الدكتور فتحي أحمد السقاف – رئيس المركز الوطني للرقابة وتعزيز الشفافية والنزاهة، هو الآخر تحدث عن احتجاز سفن المشتقات النفطية وما يترتب على ذلك، فقال:
“يشهدُ اليمنُ سلسلةً من الأزمات السياسية والاقتصادية منها انعدام المشتقات النفطية (الديزل والبترول والغاز) لتكون سبباً رئيسياً في اتّساع معدلات الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول إلى الخدمات الرئيسية وزيادة الأعباء على الشرائح الضعيفة في المجتمع، ويعتبر تعاقُبُ أزمة المشتقات النفطية كارثة غير طبيعية تزيد من معاناة ومرارة عيش اليمنيين بين فترة وأُخرى وهو الأمر الذي يضاعف المعاناة والأثر المأساوي على شرائح الدخل الثابت والمؤقت، بالإضافة إلى تزامن هذه الزيادات مع تراجع مستويات الدخل وحرمان شرائح عريضة من المجتمع لمصادر الدخل مما يشكل ضغطاً على الحياة المعيشية الاعتيادية للمواطن، في حين تتجه الأسعار بالارتفاع بشكل تصاعدي للمواد الغذائية والنقل والمواصلات الداخلية وبين المحافظات، وهذا يؤدي إلى حدوث انخفاضات كبيرة إلى ما دون مستويات المتطلبات الشهرية، وارتفاع فجوة الطلب ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، بحيث ازدادت المعاناة إلى مستويات غير مقبولة بشكل عام وعلى وجه الخصوص في القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والنقل الداخلي وبين المدن، وطال التأثير السلبي المباشر للأزمة العاملين في تلك القطاعات، وكان من تداعياتها زيادة نسبة البطالة وتسجيل عاطلين جدداً عن العمل، يضافون إلى ملايين الفقراء الذين يحتاجون للمساعدات الإنسانية بشكل دوري ما ينعكسَ سلبا على مستوى توليد الكهرباء وزيادة الإنفاق على العديد من المتطلبات الضرورية، كتوفير المياه، وشراء وسائل الإضاءة البديلة، إذ تتجسد المعاناة بشكل أكبر في توفير الطاقة الكهربائية وينعكس ذلك على عمليات القطاع الخاص بشقَّيه الصناعي والخدمي مما يؤدي إلى توقف المصانع وفقدان آلاف العاملين لمصادر أرزاقهم، كما تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والانعكاساتُ الخطيرة على القطاع الصحي وأسعار الأدوية والمياه وهي المشكلة الأكثر صعوبة التي تواجه النازحين داخلياً والعائدين من المجتمعات المستضيفة وتشكل عائقاً أساسياً على العمليات الإنسانية، حيثُ تعاني منظمات الإغاثة والعمل الإنساني بشدة من عدم توفر الوقود اللازم، مما يشكل صعوبة أمام جميع الجهات الفاعلة في المجال الإنساني في المشهد الراهن لليمن.
تحييد المشتقات النفطية
بدوره دعا الدكتور عبدالله المجاهد أستاذ القانون في كلية الشريعة جامعة صنعاء وعضو مجلس الشورى، إلى تحييد المشتقات النفطية عن العمل السياسي والعسكري، كون احتجاز سفن المشتقات النفطية ينعكس سلبا على كل شيء في البلاد سواء الإنتاج الزراعي أو تدهور وسائل النقل أو ارتفاع الأسعار لتصبح المعاناة مضاعفة لما كانت سابقا وهذا التدهور الاقتصاد يتجرع ويلاته المواطن البسيط وما علينا في الفترة الحالية إلا أن نقاوم هذه الظاهرة التي تؤدي إلى حبس ومنع المشتقات النفطية وشحة تواجدها في العاصمة والمحافظات مما يؤثر على الجانب الإنساني الذي من المفترض أن يكون عند الأمم المتحدة من الأوليات المهمة المتعارف عليها في كل النزاعات والصراعات المسلحة، أما بالنسبة للقانون الدولي في ما يخص الحصار واستخدام الورقة الاقتصادية والإنسانية واحتجاز سبل العيش، فأضاف الدكتور المجاهد قائلا:
” القانون الدولي حول احتجاز المشتقات النفطية في مثل هكذا حالات واضح ويتعامل بحذر مع هذه القضايا الحساسة ويدعو إلى تجنب المزايدات واستخدام الوضع الإنساني والمعيشي للإنسان كورقة ضغط أثناء الحروب والنزاعات، والواجب تحييد المواطن ومقومات الحياة الخاصة به عن الصراعات المسلحة ويجب أن يتم تعويض المواطن المتضرر بأكثر مما يحصل عليه في الأوضاع الطبيعية، فيحصل على المزيد من المشتقات النفطية والمساعدات الغذائية والدوائية والاهتمام بالأطفال والنساء وكبار السن وغيرها من الأمور التي تطبق في دول العالم ولا نشاهدها في اليمن بل بالعكس يقف العالم ومنظماته مع المعتدي والمحاصر للشعب اليمني”