تراجع أمريكا عن قرار التصنيف فرضه تحرك جاد ومسؤول للشعب اليمني نابع من الإيمان بالقضية والهوية الإيمانية

إرادة الشعب أقوى: الشعب اليمني يسجل انتصاراً سياسياً وسط البيت الأبيض
إرادة الشعوب تبقى هي الأقوى وستدرك أمريكا في الأخير وزنها الحقيقي أمام هذه الإرادة

الثورة / ساري نصر
أمريكا عبر تاريخها تشدقت، بأنها الدولة العظمى التي تحترم حق الإنسان في الحياة في جميع بقاع العالم، وكأن شعوب العالم ودولها منحتها حق المحافظة على حياة تلك الشعوب وأمنها واستقرارها وحريتها، وهي في هذا، توزع الاتهامات على دول العالم، من قبيل هذه المجموعة مارقة وتلك تشكل بنك الإرهاب في العالم، وعلى هذا المنوال تخاطب العالم وتسوق نفسها، على أنها الدولة العظمى التي ترعى وتحافظ على الأمن والسلم العالمن في مخادعة وكذب واضحين كل الوضوح من خلال أعمالها وغزواتها للدول واحتلالها بفريات ما انزل الله بها من سلطان: الهيمنة على الرأي العام في بلدها وفي بقية دول العالم بفعل ما تمتلك من قدرات هائلة في الإعلام ومن ثم صناعة المواقف الدولية سواء في تخليق رأي عام مخالف للحقيقة أو فرض إرادتها في إصدار قرارات من مجلس الأمن باستخدام قوتها المؤثرة في المحيط الدولي كدولة عظمى، ولكن تبقي الحقيقة التي لا مفر منها وهي أن لا استدامة للظلم مهما بلغ من القوة، وهذا ما يظهر لنا بصورة جلية، التغيير الحاصل الآن في العالم، والاهم في ظل هذه التغيرات، هي إرادة الشعوب والتي هي أقوى بكثير من قوة الموت والإرهاب الأمريكي..
إرادة الشعوب
ان أمريكا غير معتادة على احترام الحكومات والشعوب حتى في القضايا التي تخص هذه الحكومات والشعوب، مثل كيفية الدفاع عن نفسها، أو في طبيعة العلاقات التي تقيمها مع الدول الأخرى، بل وحتى في اختيار النظم السياسية التي ترى أنها أصلح لها من غيرها، فأمريكا تضرب بكل هذه الخيارات عرض الحائط دون أدنى اعتناء، وتفرض رؤيتها على هذه الحكومات والشعوب على أنها حقائق مطلقة، ولا يملك الآخرون غير الخضوع لهذه الرؤية وتطبيقها، وإلا سيحل عليهم الغضب الأمريكي، ولكن هناك حكومات وشعوباً رفضت أن تكون ضمن تجسيدات الرؤية الأمريكية، وهذه الحكومات والشعوب للأسف الشديد قليلة جدا، فمن الصعب جدا أن ترد الحكومات والشعوب بالمثل على قوى كبرى مثل أمريكا، وتتعامل معها بندية، وترفض تدخلها في شؤونها الداخلية، فهي تدفع مقابل ذلك إثمانا باهظة، فقط لأنها ترفض الخنوع والخضوع لأمريكا.
الحقد الأمريكي
من بين هذه الدول القليلة جدا، التي وقفت في وجه أمريكا وعكرت عليها صفو طغيانها وإطماعها، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا واليمن والعراق ولبنان لذلك وضعت أمريكا هؤلاء الدول في قمة قائمة حقدها وغضبها ومؤامراتها، ويكفي نظرة سريعة على المؤامرات الأمريكية المتلاحقة ضدها، لنكتشف حجم الثمن الذي يجب ان تدفعه الشعوب، لرفضها الإرادة الأمريكية المتغطرسة، على سبيل المثال، وصل الصلف بأمريكا، عندما تصورت أن الاتفاق النووي مع إيران، سيجعل الأخيرة تذعن للإرادة الأمريكية، فهي تحاول أن تختبر بين وقت وآخر مدى تمسك إيران باستقلال قرارها وسيادتها وكرامتها، فقبل أيام اعترض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيري على رسالة المواساة التي بعثها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد نصر الله بمناسبة استشهاد القائد الكبير في الحزب مصطفى بدر الدين في سوريا، واصفا الرسالة بأنها محبطة، وواصفا الحزب بنعوت لا تليق إلا بأمريكا وربيبتها “إسرائيل” وإذنابها في المنطقة.
فرض الإرادة
تتصور أمريكا أن إيران لا تريد إفشال الاتفاق النووي الذي أدى إلى رفع الحظر الاقتصادي الغربي عنها، لذلك يمكن أن “تتساهل” في مبادئها وأهدافها، بينما الحقائق على الأرض تؤكد أن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، وهو اتفاق فرضته إيران على القوى الكبرى، بعد أن عجزت أمريكا و”إسرائيل” في حرمان إيران من حقوقها النووية، وان حاجة أمريكا إلى هذا الاتفاق لا يقل عن حاجة إيران إذا لم يكن أكثر، كما أن أفضل رد إيراني على التصور الأمريكي الخاطئ في احتمال تغيير بوصلة إيران بعد الاتفاق النووي، كان في الإصرار على تعزيز ترسانة الصواريخ الإيرانية نوعا وكما، رغم كل الضجة الأمريكية الصهيونية المفتعلة، دون أن تؤثر هذه الضجة على القرار الإيراني في مواصلة تعزيز قوة الردع الإيرانية التي كانت السبب الأول والأخير في قبر أحلام أمريكا وربيبتها “إسرائيل” بالعدوان على إيران.
القرار الأمريكي بشأن أنصار الله
واليمن كذلك إحدى الدول القليلة التي رفضت الهيمنة الأمريكية ولذلك وضعت اليمن ضمن قائمة الحقد والصلف الأمريكي وأبرز دليل على ذلك قرار وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا بتصنيف أنصار الله ضمن ما أسمته ” قائمة الإرهاب”، الذي يعد تعدياً صارخاً على إرادة الشعب اليمني الحر في رفض الوصاية والهيمنة الخارجية، ويٌعد عملاً عدائياً وغير مسبوق من إدارة أمريكية متغطرسة تلفظ أنفاسها السياسية الأخيرة، وليس بغريب أن يصدر هذا القرار من قبل إدارة متصهينة ومتطرفة وعدوانية تجاه شعبها قبل غيره وتساهم طيلة الفترة الماضية بشكل مباشر وعلني في قتل الشعب اليمني ونصب العداء له وللشعوب الإسلامية، ولكنها بهذا القرار الأرعن عزّزت من قناعات شعبنا بالدور العدواني الكبير والمباشر لها ضد وطننا وشعبنا ومدى إسنادها الإجرامي للعدوان الذي تشاطره المسئولية القانونية لجرائم الحرب المرتكبة بحق شعبنا اليمني على مدى السنوات الماضية.
التراجع عن القرار أنتصار سياسي
إن صمود شعبنا اليمني وانحيازه الأخوي الصادق لقضايا الأمة المركزية وفي المقدمة القضية الفلسطينية، ورفضه لمشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يمارس إرهابه منذ أكثر من سبعين سنة على شعبنا الفلسطيني الأعزل، لم يرق لهذه الإدارة المتصهينة التي أبت أن ترحل إلا بتتويج عدوانها على شعبنا بمثل هكذا قرار سافر، ولكن وعى الشعب اليمني كان اكبر من ذلك لتشهد المحافظات اليمنية مظاهرات واسعة وحاشدة للتنديد بهذا القرار كما شهدت الساحة اليمنية تحركات جادة ومسؤولة لرفض مثل هذه الهيمنة والغطرسة الأمريكية والتدخل السافر بالشأن اليمني، ونظرا لما رأته أمريكا من خلال هذه التحركات من صمود ووعي وأيمان صادق من الشعب اليمني بقضيته ومظلوميته تراجعت الإدارة الأمريكية عن هذا القرار، ليكون هذا التراجع فشلاً ذريعاً وخططاً مكشوفة وأساليب منحطة وأحلاماً مندثرة، وتراجعات عن قرارات أحادية لا تسمن ولا تغني من جوع، تخبطات في السياسات المتوالية للأمريكان، وانكشاف لتهاوى عظمتها العالمية, وترهل متوال لضعف سياسي كبير، وارتباك في صناعة القرارات، وليكون كذلك للفشل الأمريكي عنوانه العسكري أولا والسياسي المتصاعد ثانيا والمتخذ في إدراج أنصار الله اليمنية ضمن منظمات الإرهاب ، ليتم التراجع الذي هو بمثابة انتصار سياسي يمني مضاف لعديد الانتصارات العسكرية والسياسية السابقة ليتم توجيه بوصلة التحرك نحو العالم بأكمله لمعرفة كامل مجريات الأحداث وما تم إلحاقه بشعب اليمن والإيمان والحكمة من حصار وتجويع وقتل وهدم وتشريد لملايين المواطنين بفعل عدوان أمريكي سعودي جبان قرب دخول عامه السابع من تواصل وباستمرار في مواصلة القتل والهدم والحصار على شعب اليمن والإيمان.
تهم الأرهاب
هذه السياسة الأمريكية المتغطرسة ضد الشعوب التي تقاوم هيمنتها نرى ملامحها أيضا في سوريا، حيث تحاول أمريكا أن تكون هي الفيصل في تحديد من هو إرهابي ومن هو ثوري، ففي الوقت الذي تؤكد كل الوقائع والتطورات في سوريا منذ سنوات أن جماعات تكفيرية مثل جيش الإسلام وأحرار الشام المنضوية مع فرع القاعدة في سوريا “جبهة النصرة” تحت لواء ما يعرف “جيش الفتح” لا تقل إجراما وتطرفا وإرهابا وطائفية عن القاعدة و”داعش”، نرى أمريكا تحاول بكل ما أوتيت من قوة تسويق هذه المجاميع الإرهابية على أنها معارضة معتدلة، وتسعى لفرض هذه الرؤية على المجتمع الدولي، وذات السياسة الأمريكية بعدم اعتبار الجماعات التكفيرية مثل “جند الأقصى” و”أحرار الشام” وجماعات أخرى متحالفة مع “جبهة النصرة”، إرهابية، هي التي ساهمت في سقوط بلدة خان طومان بيد الجماعات التكفيرية، التي استغلت هدنة وقف أطلاق النار فشنت هجوما قادته “جبهة النصرة”، المصنفة إرهابية والمتحالفة مع الجماعات المعتدلة أمريكيا!!، على البلدة، وسقط العديد من الشهداء فيها بينهم مستشارون إيرانيون.
شواهد وأحداث
الأحداث في سوريا والعراق واليمن ولبنان والمنطقة بشكل عام، تؤكد أن السياسة الأمريكية المتغطرسة لا يمكن فرضها على الشعوب الرافضة لهذه الغطرسة، وان ما يحدث في سوريا وما يشهده لبنان واليمن والعراق وفلسطين من تبلور إرادة شعبية صلبة، والصمود الأسطوري لإيران منذ أكثر من 35 عاما، كلها شواهد تؤكد أن إرادة الشعوب تبقى هي الأقوى وستدرك أمريكا في الأخير وزنها الحقيقي في الشؤون الدولية وتعود إلى سياسات القرن التاسع عشر الانعزالية، والتي كانت في ظلها القوة الأكثر نجاحًا في العالم، فالآن، العالم كله يرفض الاعتراف بالزعامة الأمريكية، ولم تعد الولايات المتحدة تمتلك الموارد لإجبار الجميع على هذا الاعتراف”.

قد يعجبك ايضا