الواقع اليمني بين التصريحات والمعطيات
زيد البعوة
تؤخذ الحقائق من نتائج المعطيات الملموسة ومن فحوى المستجدات الميدانية الإيجابية ولا تؤخذ من أفواه التصريحات الإعلامية الجوفاء الفارغة التي يلقيها قادة العدوان وتتداولها وسائل الإعلام وترسلها إلى كل منزل ليتناولها الناس ثم تبقى الأمور كما هي عليه أو تزداد قسوة أكثر مما كانت عليه، والأخطر من ذلك هو التفاعل مع تلك التصريحات وانتظار تحقيقها على الواقع ثم يأتي العكس فيجد الناس انفسهم أضحوكة يسخر منهم عدوهم الذي يدرس الحالة الاجتماعية عندما يرمي في أوساط الناس مثل هذه التصريحات ليعرف ردة فعلهم ثم يبني على أساس تفاعلهم مخططاته ومؤامراته حتى ولو كان هناك نسبة مصداقية ضئيلة جداً في تحقيق جزء بسيط من تلك التصريحات فإن العدو يجعل منها طعماً ويستغلها ويتحرك ببطء ويراوغ ويكذب ويماطل ويفرض المزيد من الشروط والإملاءات ويقدم مبادرات هزيلة يحاول من خلالها التأكيد على صدق توجهه ثم تتشعب الأمور حتى تصبح تلك التصريحات – التي فرح الناس بها – مجرد حرب نفسية وسراب معلق بين الوهم والحقيقة.
الضجيج الإعلامي الدولي العالمي الذي امتلأت به أسماع الشعب اليمني والكثير من شعوب العالم خلال هذه المرحلة عن اليمن منذ الأيام الأخيرة في عهد الراحل ترامب إلى الأسابيع الأولى من عهد الصاعد بايدن ومنها تصنيف أمريكا لأنصار الله كجماعة إرهابية وكذلك حديث بايدن عن وقف الدعم الأمريكي للعدوان على اليمن وتسريبات إعلامية عن احتمال سحب أنصار الله من قائمة الإرهاب الأمريكية اضف إلى ذلك الكلام الذي جاء على لسان متحدث وزارة الدفاع الأمريكية وتكرر في تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة أكثر من مرة والذي يتحدث عن أن الشعب اليمني يعيش أكبر كارثة إنسانية في العالم خلال هذه السنوات نتيجة العدوان والحصار والظروف الاقتصادية العصيبة التي يعيشها اليمنيون وانه حان الوقت لوضع حد لمعاناة الشعب اليمني ولكن النتيجة الملموسة من وراء كل هذا الضجيج أن المعاناة ازدادت والحصار تفاقم ولا بوادر إيجابية لفك الحصار ووقف العدوان ، ومحاولة أمريكا والأمم المتحدة تصوير العدوان الخارجي على اليمن بأنه صراع دولي بين ايران وأمريكا أو صراع داخلي على السلطة، هي محاولات خبيثة للهروب من جرائمهم والهروب من هزيمتهم التي صارت واضحة لكل سكان العالم.
لا يستطيع أحد أن ينكر حجم الإنجازات والانتصارات التي حققها الشعب اليمني الصامد بجيشه ولجانه الشعبية وصموده الأسطوري خلال الست السنوات من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن والتي أحبطت مؤامرات العدو وأفشلت مخططاته وجعلته يظهر أمام العالم ضعيفاً هزيلاً رغم إمكانياته العسكرية والمادية ودفعته إلى السير في الاتجاه الآخر الذي يحاول من خلاله التبرير لنفسه والحديث عن السلام والحل السياسي وغير ذلك، اضف إلى ذلك أن الوضع الإنساني المتدني في اليمن نتيجة سياسة دول العدوان الإجرامية وسياسة الأمم المتحدة النفاقية والجرائم الوحشية والحصار الاقتصادي الظالم وغير ذلك من العوامل والمؤثرات أجبرت أمريكا على محاولة الهروب من الجريمة والهروب من وحل الهزيمة التي منيت بها في اليمن هي ومن معها من الحلفاء الفاشلين حيث لجأت أمريكا إلى سياسة المد والجزر بتصريحات سياسية إعلامية تدعو للحل وتحث على وضع حد للكارثة الإنسانية ورفع الدعم العسكري الأمريكي للحرب على اليمن، ولكن تلك التصريحات ما تزال في رحلة طويلة عبر الأثير وعبر أقمار البث الصناعية ولم تحط رحالها على واقع الأرض لتترجم إلى أفعال ولهذا لا يمكن تصديقها حتى تتحول إلى واقع ملموس.
أمريكا تدرك أن استمرارها في العدوان على اليمن لن يجلب لها سوى المزيد من الهزائم والمزيد من الإحراجات بين دول العالم على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والإنسانية لأن سياستها الاستعمارية فشلت في تحقيق أهدافها في اليمن لأسباب عديدة منها وأهمها صمود وثبات الشعب اليمني وكذلك فشلت عسكرياً رغم دعمها العسكري الكامل وأسلحتها الحديثة والمتطورة والتي تحولت إلى مسخرة إذ أنها عجزت عن حماية مرتزقتها ناهيك عن صناعة الانتصارات أضف إلى ذلك حجم الكارثة الإنسانية التي خلقتها بسبب الحصار الاقتصادي الجائر ولهذا بعد التصريحات الأخيرة التي صدرت من مسؤولي حكومة بايدن ستكون أمريكا أمام إحراج أكبر من السابق لأنها اذا لم تعمل على تحقيق وتطبيق ما وعدت به فهي بذلك قد أثبتت وشهدت على نفسها بأنها هي من تقود العدوان وانها فشلت عسكرياً وأنها سبب الكارثة الإنسانية في اليمن وأنها تكذب وتخدع الناس وأن فشلها الذي شاهده سكان العالم في السنوات الست يعكس حقيقة ضعفها وأن الجرائم التي ارتكبت في اليمن تؤكد حقيقتها الإجرامية الإرهابية.
ولكي نكون على مسافة متوسطة من السراب والحقيقة ونكون في المكان المناسب والصحيح في التعاطي مع الواقع كما يجب، علينا كشعب يمني عدم الركون على تصريحات الإدارة الأمريكية والتفاعل معها أكثر مما ينبغي، وفي نفس الوقت الاستمرار في الصمود والدعم والرفد للجبهات، وقيادتنا الحكيمة تؤكد دائماً استعدادها للسلام الشامل والحقيقي الذي يكفل لليمن واليمنيين حريتهم واستقلالهم وعزتهم وكرامتهم وليكن تعاطينا مع تلك التصريحات تعاطياً مضبوطاً بالحكمة والوعي بحيث لا نكون ضحية خداع من تعتمد سياستهم على المكر والخداع وفي نفس الوقت نواصل مشوارنا في الثقة بالله والتوكل عليه فهو تعالى القائل “وما النصر إلا من عند الله”، والقائل “وكان حقاً علينا نصر المؤمنين”.