نسمع أن هناك أنشطة ومرافق تنمية المواهب ولكننا لا نراها برغم إذلالنا في دفع الرسوم
بعض المدارس الخاصة لا ترتقي إلى اسم مدرسة فكيف ستبني الأجيال؟
البيئة الدراسية المناسبة للتعليم وتوفر المرفقات التعليمية والكوادر المؤهلة هي أساس التفوق
الأسرة/ وائل علي
يتكبد أولياء الأمور عناء دفع مبالغ مالية مرتفعة للمدارس الأهلية، رغم ظروفهم الاقتصادية الصعبة جراء الحصار الغاشم على بلادنا، بهدف تمكين أبنائهم من الحصول على خدمات شبه منعدمة بنظيرتها الحكومية سواء كانت مادية كوسائل التعليم الحديثة التي تساعد على سرعة الفهم وجودة التعليم أو معنوية من خلال الأنشطة والجوائز التحفيزية التي تقدم للطلاب لحثهم على بذل المزيد ..هذه هي الصورة الراسخة في ذهن الكثير ممن يفضلون تلك المدارس عن غيرها، ليظهر السؤال هنا: هل تحقق لهم ذلك مع وجود قانون وزاري يلزمها بضرورة توفرها؟
قمت بزيارة بعض المدرس الأهلية في أمانة العاصمة للتعرف على حالها ولأنقل إليكم الصورة عن قرب ولكن ما شاهدته أن هناك بعض المدارس بحال شبه ممتاز وهذا للانصاف وأخرى جيدة نوعاً ما وبعضها للأسف الشديد كانت عبارة عن شقق سكنية سابقة قرر صاحبها استثمارها لفتح مدرسة أهلية خاصة به لتحقيق أرباح أكثر مما كان يجنيه من المستأجرين فيها أو تأجيرها لمستثمر يعطيه مبلغاً مالياً مرتفعاً سواء هذا أم ذاك، فهذا غير مهم، المهم هنا حال تلك الشقق وهل تصلح لأن تتحوَّل إلى فصول دراسية وإلى مدرسة…؟
سرعان ما عرفت الإجابة بعد أن تجولت بداخلها وتأكد لي أنها لا تصلح لذلك بتاتاً فكيف تكون تلك المباني صالحة لذلك ولا توجد فيها ساحات حتى يخرج الطلاب إليها في الاستراحة ولأداء تمارين الصباح واستبدلتها بسطح المبنى البارد والخطر خاصة في تلك المدرسة التي يملأها الأطفال.
وإذا ما دخلنا إلى الفصول الدراسية فشتان بينها وبين الفصول في المدارس الحكومية ليس لأنها لا تصل مساحتها إلى نصف مساحة الفصول في نظيراتها الحكومية ولكن لكونها مظلمة ولا تتوفر فيها نوافذ كبيرة لدخول الهواء.. أما فيما يخص معامل المدرسة فهي غائبة ولا توجد سوى غرفة بداخلها خمسة عشر جهاز كمبيوتر غالبيتها لا تعمل وحتى التي تعمل منها لا يتم إدخال الطلاب فيها إلا للتصوير وعند زيارة الجهات الرقابية، كما قال لي الطلاب، وحصص الكمبيوتر تكون كالتالي طلاب يجتمعون في فصل ويشاهدون حلقات للأطفال عبر تلفزيون 32 بوصة لا تعليق …وفيما يخص الأنشطة الرياضية فإن كرة القدم هي النشاط الوحيد حيث يقوم المدرس بتقسيم الفصل إلى مجموعتين أو ثلاث بحسب عددهم ويجلس في طرف الساحة الضيقة حتى يكملوا النصف الساعة المقررة للرياضة ليعودوا للدراسة بعدها، هذا بعض ما لمحته أثناء زيارتي لبعض المدارس وما خفي كان أعظم.
معرفة الواقع
المدارس الحكومية أفضل بكثير من تلك التي تطلق على نفسها مدارس خاصة أو أهلية فلا توجد بداخلها وسائل تعليمية جيدة ولا حتى كادر تعليمي مؤهل ومتخصص، هذا ما أكده لي المعلم /صالح الفقيه مدير مدرسة ابن خلدون الحكومية .. ولم يخف استياءه من العبث في العملية التعليمية خاصة في تلك الشقق والسكنية المكونة من دورين وتحولت بقدرة قادر إلى مدرسة وللأسف يتهافت أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم فيها بمبالغ خيالية في ظل الظروف الصعبة للبلاد وانعدام الرواتب، وهذا أمر غير مقبول، فالمفترض أن تكون تلك المدارس- لكونها تابعة لمستثمرين يجنون المال من ورائها- أفضل حالاً مما هي عليه الآن وأتمنى أن لا يهتم أصحاب تلك المدارس الخاصة بالربح المادي فقط، فالعملية التعليمية أمانة في عنق كل من يتحمل مسؤوليتها وعليه أن يؤديها على أكمل وجه فالقضية مرتبطة بجيل اليمن القادم.
لم يختلف معه المعلم /عبدالكريم محمد- معلم مادة التربية الإسلامية إزاء أهمية مراعاة الله في العملية التعليمية وبناء الجيل الذي سيحمل على عاتقه هم بناء الوطن، وأفاد قائلاً: على أولياء الأمور أن لا يتسرعوا بتسجيل أبنائهم بمدارس غير مؤهلة سواء أكان ذلك من حيث المرافق أو حتى من حيث الكوادر التعليمية، فغالبية المدارس إن لم تكن كلها الكادر التعليمي فيها عبارة عن معلمين خريجي ثانوية عامة وغير مؤهلين وليسوا متخصصين ولا يملكون الخبرة الكافية في التدريس ويفضلونهم عن أولئك الحاصلين على شهادة البكالوريوس لأنهم بكل بساطة يقبلون براتب شهري قدره 30ألف ريال بينما الحاصلون على شهادات جامعية لا يقبلون بهذا المبلغ.
استياء
علي محمد عبده- طالب في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الخاصة بأمانة العاصمة لم يخف استياءه الشديد من مدرسته الجديدة، حيث قال: أتيت أنا وأبي للتسجيل بهذه المدرسة بعد أن انتقلت للعيش في هذا الحي وعند التسجيل أخبرتنا الموظفة المختصة بالتسجيل أنه في هذه المدرسة توجد أجهزة كمبيوتر عديدة يقوم الطلاب بالتطبيق عليها وأن غالبية المدرسين يستخدمون ( الباير بوينت ) لشرح بعض المواد التي يصعب فهمها إلا بوجود صور متحركة تسهل ذلك وكذلك توجد حصص للرسم والخط وفريق رياضي ومدرب متخصص وما إلى ذلك وأن رسوم الدراسة عن كل طالب مائة وأربعون ألف ريال بعد التخفيض، وافق والدي على الفور وسعدت أنا بذلك وما هو إلا شهر واحد حتى تكشفت الحقائق، فالبروجكتر لا يستخدمه سوى معلم مادة الجغرافيا لعرض صورة الخريطة على الجدار فقط وحصص الرسم والفنون لا وجود لها، أما المدرس المختص في التربية الرياضية فأنا أجيد اللعب أفضل منه وظهرت الحقيقة، فكل ذلك كان عبارة عن زينة في المدرسة التي لا يوجد بها حمامات نظيفة ولا ساحة تكفي لاستيعاب طلاب كافة المراحل للراحة لنضطر للخروج على دفعات.
وسائل مساعدة
تعتبر كل الوسائل المادية والمعنوية داخل المدرسة مهمة فهي تساهم بشكل كبير في إيصال المعلومة بشكل أسرع وأفضل لذهن الطالب، لذا أصبح من المستحيل الاستغناء عنها في المحافل التدريسية حتى يتمكن الطالب من الاستيعاب والتحصيل الدراسي الجيد بأقل جهد ممكن، ولقد أثبتت الدراسات التربوية أنه كلما وفرت المدارس التقنيات التربوية والمرافق الجيدة التابعة للمدرسة واستخدمتها بطريقة علمية سليمة أدى ذلك إلى تطوير العملية التربوية بشكل إيجابي، هكذا استهل الأخصائي الاجتماعي وليد الخوي حديثه حول أهمية تواجد الوسائل التعليمية والمرافق الصحية والرياضية داخل كل مدرسة سواء كانت أهلية أو حكومية على حد قوله.
وأضاف: لا بد من توفر وسائل التعليم المساعدة في المدارس بشكل عام وخاصة الأهلية منها وذلك يرجع إلى أن أولياء الأمور يدفعون المال لتلك المدارس من أجل ذلك ومن حق أولادهم أن يحصلوا على ذلك ويجب معاقبة أي مدرسة لا توفر هذه الإمكانيات لطلابها خاصة تلك التي تؤسس في شقق سكنية سابقة ولا تملك حوشاً ولا معامل ولا توجد بداخلها عيادة داخلية باستثناء بعض الأدوية المعلقة في الجدار إن وجدت.