بسبب سياسة حكومة فنادق الرياض النقدية واستمرارها في طبع العملة غير القانونية

جحيم المليشيات في تعز وعدن تسحق المواطنين ونار الأسعار تهدد الآلاف بالجوع

 

 

العملة الوطنية فقدت اكثر من 170% من قيمتها الشرائية أمام الدولار

شهدت أسعار صرف الريال اليمني، ارتفاعا غير مسبوق أمام العملات الأجنبية التي تسببت بكارثة اقتصادية، أدت إلى غضب شعبي “ثورة جياع” في المحافظات المحتلة، بعد وصوله إلى 926 ريالاً للدولار الواحد خلال الأيام الماضية، فيما واصلت أسعار صرف الريال اليمني في العاصمة صنعاء على ثباتها، ليستقر عند 602 ريال للدولار الواحد، ووصل متوسط سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى 601 ريال.

الثورة / أحمد علي

وقد استخدم التحالف السعودي الإماراتي سياسة التجويع وتضييق الخناق على اليمنيين، كوسيلة في الحرب، لا سيما بعد أن وصلت الآلة العسكرية إلى طريق مسدود، غير أن هذه الخطوة لم تستطع أن تجبر اليمنيين على المضي في أهداف التحالف، لا في المناطق الخاضعة لسيطرة صنعاء، الذي عمل التحالف إلى تثويرهم ضد السلطة التي تدير المواجهة ضده، ولا في المناطق الخاضعة لسيطرته حيث كان هدفه تجنيد الشباب للقتال في صفوفه.
ومع مرور 6 أعوام من العدوان والحصار الغاشم، أصبح التحالف يستخدم سلاح التجويع، واللعب بالاقتصاد كوسيلة للانتقام، ففاقم الأزمة الإنسانية، ودفع بالعملة المحلية نحو هاوية الانهيار التام، وعزز الحصار على المشتقات النفطية، إذ أصبح سعر الدولار يقترب من الألف ريال يمني، وهذه بحد ذاتها كافية لإحداث انهيار شامل في الوضع الإنساني، وقد تجلى ذلك في عدد من المحافظات اليمنية، أبرزها تعز، التي دخلت في حالة إضراب شامل من قبل أفران الخبز.
ورغم أن التحالف استخدم حكومة الشرعية أداة في حربه الاقتصادية على اليمن، إلا أن اليمنيين، لم يعودوا يفرقون بين الشرعية والتحالف، ويؤكدون أن هادي وأفراد سلطته مجرد أتباع للسفير السعودي آل جابر، وأن الانهيار الاقتصادي ليس فقط نتيجة فشل إدارة مالية، وإنما أمر متعمد، تقف خلفه دول التحالف، تشرف على عملية نهب ثروات البلاد، وتدعم طبع العملة اليمنية دون غطاء نقدي، كما أنها دمرت البنية التحتية الاقتصادية لليمن، وهذه الرؤية صارت العامل المشترك اليوم بين جميع اليمنيين سواء في مناطق سيطرة سلطة صنعاء أو في مناطق سيطرة التحالف.
مواطنون ساخطون في المحافظات المحتلة يقولون: إن التحالف أتى ليدمر اليمن، وأن مسؤولي الشرعية ينهبون أقوات المواطنين، ويعيشون بها في فنادق الرياض ، يأكلون بالدولار والشعب اليمني يموت جوعاً.
وبينما كان التحالف يلقي باللائمة على صنعاء في انهيار الوضع الاقتصادي، في مناطق سيطرتهم، إلا أن نجاحهم في الحفاظ على استقرار سعر الصرف عند 600 ريال، مقابل 920 ريالاً في مناطق سيطرة التحالف، جعل المواطنين يقارنون بين الوضع في الجانبين، مؤكدين أن التحالف هو السبب في كل المأساة التي تشهدها البلاد، وسط بوادر ثورة جياع ضد التحالف والشرعية.
ويتلقّى المواطن اليمني ضربات كثيرة وموجعة؛ بين أزمات اقتصادية وصحية، وسط انخفاض في القدرة الشرائية، وتراجع العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية، بسبب استمرار العدوان والحصار منذ 6 سنوات.
ومع تدهور الوضع الاقتصادي بدأت الاحتجاجات الشعبية تعود في بعض مناطق البلاد، ما ينذر بثورة جياع قد تشهدها المحافظات المحتلة، مع تحذيرات أممية تقول إن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وتتجه العملة اليمنية نحو انهيار تاريخي بعد فقدان السيطرة على القطاع المصرفي وكسر الدولار الأمريكي حاجز الـ900 ريال، ما دفع المواطنين للخروج عن صمتهم وتنظيم احتجاجات تطالب بإصلاحات عاجلة.
وتشهد مدينة تعز بشكل مستمر منذ أسابيع احتجاجات ضد انهيار العملة، وكان آخرها مطلع الأسبوع الجاري 12 ديسمبر 2020م، بعدما خرجت تظاهرة كبيرة تنديداً بتدهور العملة المحلية، وغياب الدور الحكومي عن القيام بإجراءات عاجلة توقف النزيف المستمر لعملة البلاد.
ويطالب المتظاهرون في مسيرات أطلق عليها اسم “ثورة الجياع” حكومة هادي باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تدهور العملة، رافعين شعارات تندد بالتحالف والأحزاب السياسية.
كما شهدت مدينة المكلا عاصمة حضرموت مظاهرات منددة أيضاً بتدهور الريال والوضع الاقتصادي، في وقتٍ شهدت فيه مدينتا لحج والضالع إضراباً عن العمل وإغلاقاً للمحلات التجارية للتنديد بالوضع الاقتصادي المتدهور.
وتوالت انهيارات العملة اليمنية أمام الضربات السياسية والاقتصادية التي تلقتها تباعاً كمحصلة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وغياب مؤسسات الدولة، والانقسام الحاصل في المؤسسة والسياسة النقدية في البلاد، وتحول الورقة الاقتصادية إلى أداة للحرب ضد الشعب اليمني.
ومنذ مطلع يناير 2020م، فقد الريال اليمني نحو 28 % من قيمته، خصوصاً في المحافظات اليمنية المحتلة، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتعثر وارتفاع أسعار السلع وتزايد أعداد المعتمدين بشكل كلي على المساعدات.
وسجّل الريال اليمني، مطلع الأسبوع 12 ديسمبر، 920 ريالاً أمام الدولار الواحد في مناطق سيطرة حكومة الفنادق، بعد أن كان قد شهد تحسناً نسبياً، أواخر سبتمبر الماضي، بتسجيل 770 ريالاً أمام الدولار الواحد.
وفي العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى ما زالت أسعار الصرف ثابتة عند 599 ريالاً أمام الدولار الواحد، في حين ارتفعت أسعار السلع في المحافظات الواقعةتحت سلطة حكومة هادي خلال الأسابيع والأشهر الماضية إلى 40 % و80 % عما كانت عليه قبل 3 أشهر، فيما تشهد الخضراوات ارتفاعاً بنسبة 100 %.
ويقول الاقتصاديون إن الحكومة التي تتدعي الشرعية لم تستطع أن تفرض شرعيتها على الأرض في المحافظات الجنوبية والشرقية لتجنيب الشعب اليمني تداعيات فشلها الذريع في إدارة السياسة المالية والنقدية .. فحتى الآن طبعت كتلة مالية كبيرة قدرها تريليون و900 مليار ريال منها 200 مليار ريال وفق المصادر من فئة 100 ريال دون غطاء ، واستمرارها في ذلك النهج الخطير اصبح امراً كارثياً، فقبل أن تحل الكارثة يجب وقف تلك الحكومة التي لم تستطع ان تتحكم بذاتها عند حدها , لأن أضرار العملة المطبوعة دون غطاء كارثي وخطير وسيدفع ثمنه كل مواطن يمني من لقمة عيش أطفاله ، وخلال الفترة الماضية من سنوات الحرب والحصار فقد فقدت العملة الوطنية اكثر من 170 % من قيمتها الشرائية أمام الدولار وبموازاة ذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسب تتفاوت ما بين 80 % إلى 180 % والمواد الكمالية تصاعدت إلى أعلى مستوياتها .
ويأتي هذا التراجع في ظل حالة الفساد والممارسات التي قامت بها اللجنة الاقتصادية المزعومة في عدن ، والقرارات العشوائية التي اتخذتها حكومة المرتزقة وتسببت بإرباك القطاع الاقتصادي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص.
وأشارت مصادر اقتصادية إلى أن الإجراءات التي سلكتها لجنة عدن وقوى التحالف ومنها احتجاز السفن التجارية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة، إضافة إلى فرض فتح المستندات البنكية عن طريق عدن، إلى جانب قرارات وإجراءات أخرى قد ساهمت في مجملها في التدمير الشامل للاقتصاد اليمني وعرّضت حياة الملايين من الشعب اليمني للمعاناة والموت بالمجاعة، سيما بعد رفض مرتزقة عدن تنفيذ اتفاق السويد وصرف رواتب الموظفين في عموم محافظات الجمهورية.
وتؤكد التقارير الاقتصادية أن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المحافظات المحتلة إلى جانب التدهور الحاصل لسعر صرف الريال اليمني من وقت إلى آخر، جاء بإدارة من غرفة قوى تحالف العدوان بغية القضاء على الاقتصاد اليمني بشكل كامل، والوصول بالحياة المعيشية للمواطن اليمني أمام خيار القبول بالعدوان والوصاية الدولية.
وأمام فشل حكومة هادي و«مركزي عدن» في وقف تدهور سعر صرف العملة في الأسواق الواقعة تحت سيطرتها، اهتزّت ثقة القطاع المصرفي بتلك الحكومة، وباتت الكثير من مؤسساته تتبع تعليمات البنك المركزي في صنعاء، الذي منع تداول العملة الجديدة، وبالتالي فقد أدى ذلك إلى الحفاظ على استقرار سعر الصرف إلى حد كبير في صنعاء رغم محاولات «مركزي عدن» إعاقة إجراءات البنك من خلال إصداره تعميماً يحذر البنوك من العمل بتعليمات الأخير، إلا أن البنوك رفضت تلك التعليمات، واستمرّت في تنفيذ الإجراءات المُتّخذة في صنعاء على نطاق واسع، وهو ما عدّه مراقبون اقتصاديون دليلاً على احتفاظ «مركزي صنعاء» بثقته لدى المواطن اليمني والقطاع الخاص بعد أكثر من ثلاث سنوات من نقل وظائفه إلى عدن.
وأشار مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني بصنعاء إلى أن هذا التدهور يرجع إلى السياسات المصرفية الخاطئة التي اتبعها البنك المركزي بعدن منذ نقل إدارة البنك من صنعاء ولجوئه إلى طباعة أوراق نقدية جديدة بمبلغ إجمالي وصل خلال ثلاث سنوات إلى تريليون و700 مليار ريال وهو ما يفوق أضعاف ما طبعه البنك المركزي بصنعاء منذ تأسيسه قبل 40 عاما، حيث لم يتعد العرض النقدي في 2015م مبلغ 850 مليار ريال .
وأكد المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن تلك السياسات أدت إلى نقص القوة الشرائية للريال (ضعف قيمتها) وارتفاع سعر الدولار من 250 إلى 600 ريال، وأكثر من 810 ريالات للدولار هذا الأسبوع فضلاً عن كون سعر صرف العملة سيواصل انهياره عند كل إصدار وطباعة.
وأفاد المصدر المسؤول في البنك المركزي بصنعاء أن حكومة المرتزقة لم تستجب لأي رؤية للحل ونقضت كل وعودها بإيقاف الطباعة ودفع المرتبات لجميع موظفي الدولة ولتغطية استيراد السلع ، الأمر الذي لم يجعل هناك أي أفق مُتاح لكبح أهداف دول العدوان في تدمير الاقتصاد اليمني والتسريع بانهيار سعر عملته الوطنية إلا عبر اتخاذ قرار منع تداول العملة الجديدة الذي يعد إجراءًا ضرورياً ولا بد منه لحماية الاقتصاد من المزيد من التدهور .

قد يعجبك ايضا