في الذكرى الثانية عشرة لرحيل الشيخ أبو نشطان.. حضور يتجدد
علي عبدالله صومل
إنه لمن الضرورة بمكان ونحن نعيش الذكرى السنوية الثانية عشرة لرحيل الشيخ العظيم الخالد نزيه محسن أبو نشطان طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه أن نتوقف عند هذه القامة القبلية الكبيرة لنستحضر بعض مناقبها الإنسانية الكثيرة فحياة العظماء نور لا ينطفئ وسطور لا تمحى وكيف ينطفئ نور استمد إشعاعه من نجوم العترة النبوية المباركة وأنى لتعاقب الليل والنهار أن يمحو سطورا نحتت حروفها المضيئة بالفضيلة والنبل على صفحات القلوب البريئة من الضغينة والغل.
فها هو سجل الشرف الخالد لايزال يحتفظ لشيخنا الشهيد بمئات المواقف القيمية النبيلة والمآثر الخدمية الجليلة فشيخنا الشهيد نزيه رحمة الله عليه كان رجل العبادة في المسجد وطالب العلم الذي يشارك التلاميذ في مجالس الفقاهة وحلقات الذكر ورجل القيادة الذي لا يستنكف عن الرجوع إلى أهل العلم والسماع لذوي المشورة والرأي إنه الشيخ الصيرمي (صيرمي : محكم الرأي حازم) الهمام المعروف بالمهابة والشجاعة والحزم في تعامله مع وزراء الدولة أو كبراء القوم كما عرف بالدعابة والسماحة واللين في تعامله مع ضعفاء القبيلة وبسطاء الشعب.
كان إنسانا حكيما يمتلك قدرة فائقة على حل أعقد المشاكل وإدارة أصعب المراحل.
يعود إليه الفضل في متابعة أكثر المشاريع الخدمية لدى الجهات الحكومية المختصة والإشراف على تنفيذها على صعيد الواقع فأكثر الطرقات ومشاريع الكهرباء والمياه بمديرية أرحب لاتزال شاهدة لصاحب المقام السامي _بالسعي المحمود والأثر الطيب.
أما عن مساعي الشيخ الراحل في إصلاح ذات البين وفك معضلات مشاكل القتل وقضايا الثأر فقد كانت تلك المهمة الجسيمة هي وظيفته الأولى ومسؤوليته الكبرى حتى كادت أن تكون شغله الشاغل ودأبه المتواصل الذي يستنفد أوقات ليله ونهاره ويستهلك طاقات ذهنه وبدنه ولم يكن من المشائخ الذين يجلسون في صدر مجالس التحكيم القبلي من أجل كسب المقامات المعنوية الزائفة التي تشعرهم بجنون العظمة الفارغة.
وحلب ضروع الأبقار المتناطحة لكي ينفقوها في توفير كماليات حياتهم العبثية التافهة حاش لله لم يكن شيخنا الفاضل النجيب من هذا الصنف ولا من ذلك القطيع وكيف يبحث عن مظاهر الكمال الزائف من يتشبع بمحامد القيم ويرتقي صهوات المجد ؟
وكيف يتكسب بنكبات الشعب ومصائب البلد من يجند نفسه لنصرة العدالة والوقوف إلى صف الحق ويرى في تفرغه للإصلاح المجتمعي عملا صالحا وجهادا مقدسا يمارسه بالكلمة والموقف ويبذل في سبيل نجاحه كل ما لديه من الجهد أو الوقت ولا يتردد في بذل نفسه ونفيسه في سبيل الله والمستضعفين من الناس ولوعدنا إلى مرحلة المضايقات والملاحقات التي تعرض لها منتسبو المذهب الزيدي الشريف لوجدنا لهذا الشيخ النبيل مواقفه الشجاعة في إيواء الفارين من بطش النظام العفاشي الغشوم والوقوف في وجه قوى الإجرام والعدوان والحروب غير مبال بجيوشهم الجرارة وأسلحتهم الفتاكة !
فالكثير من العلماء والمجاهدين لاذوا بحصنه المنيع واحتموا بجنابه المهيب فلم تقدر السلطة الجائرة آنذاك على الوصول إليهم ومتى فكرت الثعالب بمغامرة الدخول إلى عريسة الأسد؟؟
هل تذكرون الهجمة العدوانية الشرسة التي قادتها الدولة العفاشية المتوحشة ضد أبناء رجام في قبيلة بني حشيش وعلى رأس من استهدفتهم تلك الحملة العسكرية الظالمة أسرة بيت الأغربي ؟ لقد بذل الشيخ نزيه رحمة الله تعالى عليه كل ما في وسعه لنصرة هؤلاء المظلومين فضغط على الدولة ودعاها إلى إيقاف عدوانها البربري الغاشم وآوى المجاهدين من بيت الأغربي وحماهم من عدوان الظالمين وقد عرفت الأحداث المتلاحقة هؤلاء الشباب المجاهدين قادة وفرسانا وشهداء في شتى جبهات المجد والشموخ.
هذا الشيخ الفاضل هو ووالده الجليل وإخوانه الكرام هم من حملوا لواء الزيدية في مديرية أرحب وأشادوا صرحا علميا شامخا استمر عطاؤه العلمي والفكري ونشاطه الجهادي والثوري ما يزيد على اثني عشر عاما وكان له أعظم الأثر في إحياء منهج الثقلين في أوساط المجتمع وإبطال مفاعيل الفكر الوهابي الدخيل الذي كاد أن يسقط جميع أبناء المنطقة في مهاوي الضلالة لولا رحمة الله بعباده الذي وفق هذه الأسرة العريقة(الشيخ محسن أبو نشطان وأولاده) للوقوف مع الحق بالمال والنفس والولد.
وختاما: لقد كان الشيخ نزيه رحمة الله عليه شخصية استثنائية عاشت مرحلة مفصلية من مراحل الصراع مع زعماء الباطل وساهمت بدور فاعل في صنع الحاضر وتأسيس المستقبل ولا غرابة أن يكون ذلك هو شيخ قبيلة أرحب العظيم الخالد فهو ممن ورثوا المجد كابرا عن كابر إنه من مشاعل البصيرة ومناجم الفضيلة ومناهل الكرم فرحمة الله عليه ورضوانه في كل وقت وأوان وحين.