إيضاح وبيان في مقاطعة بضائع دول العدوان
عدنان الجنيد
* الآثار والنتائج المترتبة على مقاطعة بضائع و منتجات دول العدوان :
يمكن أن نقسّم هذه الآثار والنتائج إلى نتائج إيجابية تعود بالنفع على الوطن وأبنائه، ونتائج سلبية تؤثر على دول العدوان
أولاً : النتائج الإيجابية :
تتمثل هذه النتائج الإيجابية التي تعود بالنفع على الوطن وأبنائه -بسبب المقاطعة الاقتصادية- في عدة جوانب متعلقة بالحياة وإليك أبرزها :
١- الجانب الديني : لا شك أن أي مجتمع يستخدم سلاح المقاطعة ضد أي دولة تعتدي عليه فإنه بذلك يكون قد أدى واجبه الديني استجابةً لأوامر الله في معاداة أعداء الله ورسوله، و قام بواجبه الأخلاقي في مناصرة إخوانه في فلسطين وفي اليمن وفي بقية الشعوب المستضعفة، وبهذا يكون قد حقق موقفاً إيجابياً مع نفسه ومع إخوانه، ونال رضى الله من خلال المقاطعة.
٢- الجانب الاقتصادي : تعد المقاطعة الاقتصادية من أعظم الحوافز الوطنية لإيجاد صناعة وطنية بديلة عن المنتجات المستوردة من الدول العدوانية ؛ لأن الشعب عندما يعتزم المقاطعة بنية صادقة انطلاقاً من واجبه الديني والأخلاقي والإنساني، فإنه سوف يلجأ إلى التفكير بإيجاد البدائل لا محالة، وسوف تتفجر لديه المواهب الإلهية والطاقات الإبداعية، و سيزرع ويصنع، وسوف يصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ، وبذلك يقوى شأنه ويحصل على المكانة اللائقة بين الدول الحضارية، بينما إذا ظل يستورد كل شيء حتى قوته الأساسي مثل القمح وغيره، فإنه شعب لا يستحق الحياة، بل هو إلى الهلاك أسرع..
٣- الجانب الاجتماعي : من خلال المقاطعة الاقتصادية التي سيكون لها الأثر الكبير في إيجاد صناعات بديلة، فإن هذا بدوره سيؤدي إلى تشغيل أيدٍ عاملة، وسيتم امتصاص البطالة، ناهيك عن أنها ستغرس فكرة في قلوب الأجيال فحواها: (إن الوطن قادرٌ على التصنيع والاكتفاء الذاتي)، وبالمقاطعة -أيضاً- سوف تتحقق لدى المجتمعات الإسلامية روابط الألفة والمحبة التي بدورها ستؤدي إلى الوحدة الإسلامية الشاملة.
و بالمقابل فإن عدم المقاطعة سوف يحدث عملية تطويع لتلك الشعوب، فتنقلب الكراهية التي في قلوب المسلمين لأعداء الله إلى وشائج محبة وولاء.
٤- الجانب الصحي : لا أماناً ولا اطمئناناً لكل مسلم إلا بمقاطعة منتجات دول العدوان واستبدالها بالمنتجات الوطنية أو بمنتجات الدول الإسلامية التي لم تتحالف مع دول العدوان..
إن معظم الأمراض المتفشية في الشعوب الإسلامية ناجمة عن الأطعمة واللحوم المعلبة وغير المعلبة، والأشربة الغازية وكل منتجات العدوان المأكولة والمشروبة، إلى جانب الأدوية والعطور بأنواعها المختلفة، وسائر الكماليات التي تستخدم للتنظيف أو للتجميل، وغيرها مما يتم استيرادها من دول العدوان، كون معظمها ضارة ولا ندري ما يضعون فيها من مواد خطيرة يستطيعون من خلالها أن يحققوا أهدافهم الخبيثة في نشر الأمراض الحسية التي يظهر أعراضها عاجلاً أم آجلاً، أو الأمراض المعنوية التي تؤثر في نفسيات المسلمين حتى يفقدوا عزتهم ونخوتهم وكرامتهم، ولهذا تجد الكثير من المسلمين قد فقدوا كل معاني العزة والكرامة والنخوة، وفقدوا روح المسؤولية وأهمية استشعارها، وأصبحوا لا همّ لهم سوى إشباع رغباتهم الشهوانية ونفوسهم البهيمية..
وعليه لابد من مقاطعة كل ما تنتجه الدول العدوانية وتصدره إلينا، للحيلولة من تفاقم الأمراض وازدياد عدد الوفيات، ناهيك عن الأمراض المعنوية والنفسية.
٥- الجانب التربوي : إن المقاطعة الاقتصادية من أعظم الوسائل التربوية لتحرر المسلمين من ذل استعباد المستكبرين وأدواتها من العربان أحذية الصهاينة والأمريكان، فضلاً عن كونها وسيلة لتهذيب نفوسهم من الشره واللهث وراء منتجاتهم التي لا تعدو سوى كماليات ورفاهيات، لهذا كانت المقاطعة من الوسائل التربوية الناجحة التي تورث لدى المسلمين القناعة وكراهية التبذير والتوسع في المآكل والمشارب التي تكاد تكون محرمة عليهم أو فيها أدنى شبهة، أو تعود على أعدائهم ولو بربح يسير جداً..
إن النفوس التي تأكل وتشرب وتستخدم كل ما يأتيها من منتجات أعدائها حريُ بها أن تكون فريسة سائغة لأعدائها من السهل السيطرة عليها في جميع مجالاتها الحياتية؛ لأنها نفوس ضعيفة غير قادرة عن الامتناع مما يضرها ومما فيه رضا واستفادة لأعدائها..
إن النفوس الأبية التي تسارع إلى مرضاة الله، وتعتز بدينها وبإسلامها وبرسولها، تأنف أن تشتري أي منتج من منتجات أعدائها ليس تأثراً بالجانب الديني – الذي يمنعها من ذلك – فحسب بل نخوتها وعزتها وكرامتها تأبى الانبطاح لدول العدوان، حتى في منتجاتهم – صغيرة كانت أو كبيرة – ستفضل الصبر بأكل ما لديها على أن تأكل مما يصنعه عدوها..
٦- الجانب السياسي : إذا قاطع أي شعب جميع منتجات البلدان التي تعتدي عليه وتستبيح ماله وتأكل خيراته وتحتل أرضه، ونهضت دولته من سباتها وزرعت أرضها واستخرجت ثرواتها وأبدعت في صناعتها في جميع المجالات حتى أصبح شعبها يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع، فإن عدوها حينئذٍ لن يكون له يدُ عليها؛ لأنها قد استقلّت بنفسها، ولا سبيل لعدوها في الضغط عليها اقتصادياً أملاً في إخضاعها ومن ثمّ إجبارها على تنفيذ كل ما يُملى عليها طالما أن قوتها وغذاءها من أعدائها ترجو فضلهم وتستجدي رحمتهم..
بينما الدول التي تعتمد كلياً على ما تستورده من منتجات أعدائها قطعاً لن يكون قرارها بيدها؛ لأن من يمتلك عيشك فقد امتلك قرارك.
والشواهد على ذلك كثيرة، سواء على مستوى المنطقة أو على غيرها.
ثانياً : النتائج السلبية :
وكما ذكرنا -سابقاً- أن هناك نتائج إيجابية تعود بالنفع على الدولة التي تقاطع بضائع دول العدوان، فإن هناك آثاراً ونتائج سلبية تؤثر على دول العدوان التي تمت مقاطعة بضائعها نوجزها بالآتي :
إن مقاطعة بضائع ومنتجات دول العدوان ستؤدي إلى قلة الطلب على منتجاتهم، وبالتالي سيؤثر سلباً على أعمال مصانعهم، وتقليص الأيدي العاملة لديهم، وتسريح أعدادٍ كبيرة منها، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى خلق “بطالة” من شأنها أن تهدد أمن واستقرار تلك الدول، ناهيك عن الخسائر الكبيرة التي ستلحق الضرر بشركات الإنتاج والتصدير لتلك المنتجات، وهو ما سيؤثر تأثيراً بالغاً على الاقتصاد القومي لتلك الدول..
مع العلم أن من أكبر ما تخشاه دول العدوان هي الآثار السلبية في جانبها الاقتصادي التي سينجم عنها انعكاساً سيئاً على مجمل مجالاتها الحياتية، ومؤثراً كبيراً في مراكزها الدولية؛ كون معظم دول العدوان تنتهج الرأس مالية.
وفي الأخير نتمنى من جميع الشعوب الإسلامية والإنسانية الحرة ألَّا يتكلوا في المقاطعة الاقتصادية على أنظمتهم وحكوماتهم؛ لأن أغلبها عميلة قد أظهرت تطبيعها مع العدو الصهيوني..
وما من يوم إلا ودائرة التطبيع تتسع مع العدو الصهيوني، بينما دائرة المقاطعة لمنتجات العدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني والفرنسي ومن سار في فلكهم نجدها تتقلص تضيق شيئاً فشيئاً بسبب تراجع الكثير من الدول العربية عن تطبيق تعليمات المقاطعة تحت تأثير ضغوط دول استكبارية وعلى رأسها أمريكا..
ليس هذا فحسب، بل إن بعض الدول العربية قد عمدت عبر إعلامها إلى ترويج منتجات الدول العدوانية، وجعلت من مدنها أسواقاً لهذه المنتجات، ولعلّ دويلة الإمارات خير دليلٍ وشاهد على ذلك..
لهذا نحن نهيب بالمسلمين وأحرار العالم مقاطعة جميع منتجات الدول العدوانية بشكل عام، سواء التي اعتدت على اليمن، أو على أية دولة مستضعفة، أو التي تساند الكيان الصهيوني أو تساعد الدول العدوانية..
فلا عذر لأي مسلم بالتقاعس عن هذا الواجب الديني والإنساني، فالشعوب الإسلامية أصبحت اليوم تمتلك سلاحاً من أقوى الأسلحة لإغاظة أعداء الله وإنزال الضرر بهم المتمثل(بالمقاطعة الاقتصادية) لدول الشر، وهو من أولويات الجهاد الذي يجب عليهم القيام به.
هذا والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله أجمعين.