عدوان برنامج الغذاء العالمي
عبدالفتاح علي البنوس
برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، يعد امتدادا لسياسة الأمم المتحدة الموجهة تبعا للسياسة والمصالح الأمريكية وخدمة للمشاريع والأهداف الإسرائيلية، ففي الوقت الذي يختص هذا البرنامج بالجانب الإنساني البحت المتعلق بتقديم المساعدات الإغاثية المتضررين جراء العدوان والحرب الذي تشنها السعودية وتحالفها على الشعب اليمني، إذا به يغرق في وحل السياسة ويربط المساعدات التي يقدمها بالمصالح والمكاسب السياسية، نزولا عند التوجيهات الأمريكية التي تهيمن على سلطة القرار داخل هذا البرنامج الأممي الذي تعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الداعمين والممولين لأنشطتها.
لذا نجد أن هذا البرنامج أمريكي أكثر من كونه أممياً، حيث يتواجد هذا البرنامج بكثرة في المحافظات الواقعة تحت سلطة الاحتلال وما يسمى بالشرعية، ويتم منح هذه المحافظات نسبة كبيرة من المساعدات الأممية رغم أنه من المفترض أن تكون محافظات مستقرة وأن تكون أوضاع المواطنين فيها ممتازة، كونها تتبع الشرعية المزعومة، ولكن صراع النفوذ السعودي الإماراتي في تلكم المحافظات حولها إلى ساحة للصراع والفوضى والانفلات الأمني، وهو ما ضاعف من معاناة الأهالي، وخصوصا في ظل سياسة النهب والفيد والاستغلال التي تمارسها حكومة الفنادق وسيطرتها المطلقة على كافة الموارد وعوائد بيع المشتقات النفطية والمنافذ البرية والبحرية والجوية، فتحولت هذه المحافظات إلى مناطق منكوبة مما دفع الأمم المتحدة إلى التدخل عبر برنامج الغذاء العالمي، في الوقت الذي كان الأحرى بها التدخل لإيقاف الفساد ونهب المال العام والعبث بالثروات وتوجيهها في صرف المرتبات وتمويل المؤسسات الخدمية بموجب اتفاق السويد ذات الصلة بالملف الاقتصادي، لا أن تغطي على فساد المرتزقة بصرف المساعدات وحرمان المناطق المتضررة جراء العدوان والحصار والتي ذهب البرنامج الأممي لإيقاف مساعداته لها تماشيا مع التوجيهات الأمريكية والرغبة السعودية.
برنامج الغذاء العالمي الغارق في السياسة، متورط أيضا في فضائح وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في المغالاة في جانب النفقات التشغيلية الخاصة بفريقه العامل في اليمن وأجور النقل والتخزين وقيمة المواد الإغاثية، علاوة على إدخال مساعدات غير صالحة للاستخدام الآدمي، وقيام البرنامج بتحويل مسار السفن المحملة بالمواد الإغاثية من ميناء الحديدة إلى ميناءي عدن والمخا والمنافذ الواقعة تحت سيطرة مرتزقة العدوان، وما يصاحب ذلك من عراقيل لعملية النقل والتوزيع، حيث تظل محجوزة لعدة أشهر ومن ثم يقوم البرنامج بتوزيعها وقد شارفت على الانتهاء، أو لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي نتيجة سوء التخزين، ولكم أن تتخيلوا الكارثة عندما تكتشف السلطات المختصة بهيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة والهيئة اليمنية للأدوية عن وجود اكثر من 326 حاوية بميناء الحديدة تحتوي على شحنات من الأدوية والمكملات الغذائية وزيوت الطعا وبازلاء وغيرها من المواد الإغاثية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي منتهية وغير صالحة للاستخدام الآدمي وقررت إعادة تصديرها إلى بلد المنشأ.
أكثر من 326حاوية تحمل غذائية ودوائية منتهية الصلاحية، جريمة كبرى ترتقي إلى عدوان بمفردها، عدوان يستهدف حياة مئات الآلاف من المواطنين الذين هم بحاجة إلى العون والمساعدة والإغاثة التي تساعدهم على الحياة، وتسهم في إنهاء معاناتهم جراء العدوان والحصار، لا تلك التي تعجل بوفاتهم جراء إصابتهم بالتسمم الغذائي جراء تناولهم لهذه المواد الإغاثية المنتهية الصلاحية والغير صالحة للاستخدام الآدمي.
بالمختصر المفيد، ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط مواد إغاثية منتهية الصلاحية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، فسجل البرنامج في هذا الجانب حافل بالفضائح والجرائم، وتصريحات المسؤولين القائمين على هذا البرنامج تعليقا على هذه الفضائح والجرائم التي يتم كشفها، تشير وبكل وضوح إلى أن برنامج الغذاء العالمي جزء لا يتجزأ من العدوان وأداة من أدواته، وأن نشاطه الإغاثي الإنساني، مجرد غطاء على نشاطه السياسي، حيث يقوم بمقايضة المساعدات وربطها بالمصالح السياسية نزولا عند رغبة وطلب الممولين له، علاوة على أنشطته ومهامه الاستخباراتية التجسسية والتي لا تمت بأدنى صلة للجانب الإنساني.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.