مهدي العطاني
تعتبر الزكاة ركن أساسي من أركان الإسلام فمن ردها أو جحدها فلا صحة لإسلامه وإن صلّى وصام وحج البيت وأدى بقية شعائر الإسلام وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية أداء الزكاة ومكانتها في الإسلام وذلك لما للزكاة من أثر كبير وفعال في إشاعة التكافل الاجتماعي وترسيخ مبدأ العطاء والبذل والتعاون ونبذ كل ما من شأنه توسيع الهوة في طبقات المجتمع الإسلامي لأن الإسلام من أهم أهدافه أن يعيش المجتمع متكافلا متراحما متعاونا إذ لا مكان للأنانية في الإسلام وصدق الله سبحانه وتعالى عندما قال في محكم كتابه الكريم ((وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)) ونبينا الكريم صلوات الله عليه وعلى آله هو نبي الرحمة حيث قال سبحانه ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)) وأداء الزكاة هي مظهر من مظاهر الرسالة النبوية وصدق الرسول والحبيب المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله عندما قال ((لا تنزع الرحمة إلا من شقي)) والإسلام يرفض رفضاً باتاً أن يعيش المجتمع الإسلامي في شقاء وحرمان وبؤس حيث أن البعض يعيش حالة الترف والثروات والرفاهية ورغد العيش ويتمتع بكل ما لذ وطاب وغيره من المسلمين يكابد الفقر والجوع والمرض والبؤس والعوز فهذا ليس من العدالة في شيء بل يكرس في أوساط المجتمع الحقد والغل والبغضاء والكراهية والعدوان ويؤدي لامحالة إلى تفكك المجتمع وتشرذمه لذلك فإن أداء الزكاة يعتبر بلسما يحافظ على تماسك المجتمع وينمي فيه روح المحبة والألفة والتسامح والرحمة وخاصة عندما يخرجها المزكي بنفس طيبة كريمة غير معتقد فيها أنها منة منه وفضل منه بل هي حق وفضل من الله حيث يقول سبحانه وتعالى ((وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)) 14 – الأنعام ، ويقول سبحانه وتعالى أيضا ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)) 6 – الإسراء ويقول سبحانه أيضا ((فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) 38 – الروم إذاً فليعلم المزكون قاطبة أن في أداء الزكاة ضمان .
ضمان رباني في زيادة ونماء وبركة أموالهم المزكاة وفي أداء الزكاة أيضا قربة لهم من الله وصدق الله القائل ((أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) 99 – التوبة ففي الآية الكريمة وعد إلهي بأنه يدخلهم الله في رحمته وهل هناك ما هو أفضل من الدخول في رحمة الله؟ إنه غاية الفوز وغاية المأمول وغاية السعادة فهنيئا وطوبى لمن أدى زكاة ماله طيبة بها نفسه متطلعا لرضوان ربه وصدق الله القائل ((وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) 9 – الحشر فالفلاح كل الفلاح في أن يقيك الله شح نفسك فتؤدي زكاة مالك منشرح الصدر منقادا طائعا متذللا بهذا العطاء لربك الكريم الذي لن ينساك من كرمه وجوده وعطائه ما دمت في الدنيا سخي النفس كريما مبذالا مزكيا فأنت بذلك تضمن لنفسك دوام العطاء والرخاء والخير والبركة في كل شيء يسره الله لك وصدق الله القائل ((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) 268 – البقرة.