الماكر ماكرون وتصريحاته المستفزة

إبراهيم عطف الله

ليس بغريب ما قاله الرئيس الفرنسي ماكرون ماكراً عن الإسلام، بادعائه عن الأزمة التي يعيشها الإسلام، مستفزاً بتصريحاته غالبية المسلمين، فقد سبق هذه الإساءة العديد من الإساءات من زعامات غربية وأقلام عنصرية، فهؤلاء السيئون يعتبرون أن الإرهاب والعنف هو الدين، وأن التطرف تكمن أسبابه في الإسلام وعقائده، ففي تصريح آخر للماكر ماكرون قال: سنحمل راية العلمانية عالياً ولن نتخلى عن نشر الرسوم الكاريكاتورية ولو تقهقر البعض وسوف نحارب التطرف الإسلامي في البلاد..
فعندما ينتقص رئيس الدولة من الإسلام ويتهمهُ بأنه سبب الأزمات ويحمل مثل هذا الحقد والبغض للإسلام والعنصرية تجاه المسلمين، فكيف نعتب على الصحف الفرنسية التي نشرت للمرة الثانية هذه الرسوم المسيئة للنبي الأكرم محمد صلوات ربي عليه.
بعين الاعتبار، رسام كاريكاتوري أحمق مُجدّف بمفردة يسيء ويسخر ويستفز ويستخف بمعتقدات ملياري مسلم؟ وبموجب الحرية، أيهما أرجح حرية رسام أحمق ساخر واحد، أم حرية مليار ونصف مليار مسلم يستفزهم برسوماته؟
لماذا كل هذا الحقد على الإسلام والمسلمين؟ لماذا كل هذا البغض على نبيٍّ حرر البشرية من الطواغيت والمجرمين؟ لماذا هذا التوحش والكراهية لدين الرحمة للعالمين فرنسا وغير فرنسا؟
ينطبق هذا العداء الفرنسي مع مقولة الشهيد القائد عليه السلام حين تحدث أن القرآن سيكون كتاباً إرهابياً في معتقدات البعض وسوف توجه كلمة إرهاب إلى كل من يحمل القرآن الكريم وينتهجه.
حملة اعتقالات واسعة طالت المسلمين في باريس، ومر أسبوع ثقيل على المسلمين في فرنسا.. فمنذ بداية 2020م، أغلقت فرنسا 73 مسجداً وجمعية إسلامية بذريعة مكافحة التطرف الإسلامي.. كذلك محجبات تعرضن للطعن في باريس، ولم تلقَ الحادثة أي اهتمام من الإعلام الفرنسي.
ألا يعتبر الماكر ماكرون مما قامت به بلاده من استعمار للجزائر تحويل المساجد إلى كنائس وبنهب أموال الشعب وقتل ثلث سكان الجزائر بمجازر وحشية خلفت حوالي 300 ألف شهيد وقتل نصف مليون جزائري بالتجارب النووية، إلى جانب جرائم الحرب التي ارتكبها نظامه في سوريا ولبنان ومصر وغيرها من بلدان المسلمين؟
لقد تمـادت فرنسا وماكرونها في إجرامها ضد رسولنا وديننا الإسلامي، بأفعالها المسيئة والساخرة، فأدنى ما يتوجب على الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية وكل مسلم غيور على دينه يأسى ويتأسى بنبيه، هو المقاطعة الشاملة أولاً، ثم كما تطرق إليه عضو السياسي الأعلى في تغريدة له بسحب السفراء والسلك الدبلوماسي من فرنسا وطرد سفراء باريس من كل بلدان المسلمين، ثالثاً: أن يكون هناك موقف إسلامي قوي رافض للأفعال المسيئة وإقرار قانون يجرم الإساءة للإسلام ولأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم أجمعين.
والأهم من ذلك.. هو ما يعزز قداسة نبينا وقدوتنا وقائدنا ويحيي مكانته في قلوب كل الأمة الإسلامية بالحضور المهيب في إحياء ذكرى مولده، مولد النور والهداية..
فالهجوم الفرنسي على إسلامنا ومسلمينا لم يتوقف عند هذا الحد.. فقد أصبحت الأنظمة الغربية بمعية الدين الوهابي التكفيري تتبنى هذه المعتقدات العدائية وحملات التشويه لدين الله ورسله، لذلك مهما تعددت الأساليب والطرق فالهدف صهيوني ماسوني واحد وهو استهداف الإسلام وسواء بالأنظمة العربية عبر التطبيع والانبطاح لكيان بني قينقاع أو بالأنظمة الغربية عبر التشويه والإساءة.
فتصريحات ماكرون المسيئة تحولت في الواقع إلى دمار عليه وعلى اقتصاد بلاده ومكانتها الدولية، فلم تنجُ فرنسا من حملات المقاطعة، ورميها خارج الأسواق العالمية والإسلامية، ولم تنجُ من غضب الشارع العربي والإسلامي عقب التصريحات المسيئة والمثيرة للكراهية والعنصرية، فقد أجمع المسلمون على الرد على المسيئين للإسلام وأكبر رموزه.
فالإساءة إلى النبي محمد -صلوات ربي عليه- عمل مرفوض قطعياً، ولا يمكن للمسيئين تفادي تبعاتها إن استمروا بإساءاتهم، فهذه الإساءات والعنصرية كفيلة بإثارة الفوضى وتهديد الأمن والسلم الاجتماعي والاقتصادي في فرنسا وأوروبا عامة!
ولا ننسى شرف الدول السباقة إلى المقاطعة منذ اللحظة الأولى، فأكثر ما يُقلق الدول الرأسمالية الغربية ويؤلمها هو الاقتصاد والمساس بخزينتها، وبما أنها الأكثر تأثيراً عليهم، فبكل تأكيد كان هذا سبب تراجع الرئيس ماكرون مؤخرا والإدلاء بتصريحاته المثيرة للعفوية والعاطفية، محاولاً حصر الأزمة وتقليص الأضرار.
تصريحات ماكرون الأخيرة لقناة الجزيرة بداية التراجع لتلافي الكارثة التي سببتها تصريحاته العنصرية بتطاوله على الإسلام ورسول الرحمة، وتشكل تراجعا ملحوظاً ودليلاً على تفهمه لرسالة اليمنيين في الاحتفال الأعظم مؤخراً بذكرى المولد النبوي، وانتصاراً لحملة المقاطعة التي سادت معظم البلدان الإسلامية، ونلاحظ أنه بتصريحاته هذه يبرر مواقفه السيئة تارة، ويدافع بشراسة عنها تارةً أخرى، وبهذا نتيقن أن الفأس قد وقع على الرأس.
ولكن رغم محاولته إخماد النار التي أشعلها مع العالم الإسلامي، فإن الضرر قد وقع عليه وعلى اقتصاده، والجرح الذي نجم عنه ما زال عميقاً.
في الحقيقة، ماكرون بتصرفاته السيئة هذه لا يختلف عن عصابات المافيا ومُحرضي الحروب الصليبية، لأن القائد المحنك هو من يتصرف بمسؤولية ويزن كلماته بميزان من ذهب، أما ماكرون فقد أحدث فجوة كبرى في علاقات بِلاده مع العالم الإسلامي، وسيحتاج الأمر إلى سنوات عدة لردم الفجوة.
فالأفضل لرئيس فرنسا أن يعتذر بكل وضوح لملياري مسلم، إن أراد مصلحة بلاده وشعبه، وإلا كما يقول البعض فإن الخير يأتي من باطن الشر، فقد جاءت تصريحات ماكرون الاستفزازية لتوحِّد الشعوب الإسلامية نحو هدف واحد وهو الدفاع عن دينهم ورسلهم ومعتقداتهم، ويمكر ماكرون ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.. “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون”.

قد يعجبك ايضا