د. جابر يحيى البواب
دعا الإسلام إلى ممارسة الأنشطة الرياضية، كما وجه الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة إليها، لما فيها من فائدة لقوة الجسد ولصحة الإنسان، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير”. (صحيح مسلم، كتاب القدرة، باب في الأمر قوة.) الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، إذا لبى الحاجات الثلاث تفوق، أما إذا اكتفى بواحدة تطرف، الرياضة توفر للجسم قوته، وتزيل عنه أمراضاً، ومخلفات ضارة بطريقة طبيعية، هي أحسن الطرق في هذا المجال، والناس من قديم الزمان لهم طرق وأساليب في تقوية أجسامهم، وكل أمة أخذت منها ما يناسب وضعها ويتصل بأهدافها.
أقر الإسلام الرياضة، وشجع عليها، وبهذا نعرف مدى شمول الإسلام لكل مظاهر الحضارة، والإطار العادل الذي وضع للمصلحة العامة، ويلاحظ أن التربية الرياضية لا تثمر ثمرتها المرجوة إلا إذا صحبتها الرياضة الروحية الأخلاقية، وإذا كانت هناك مباريات يجب أن يحافظ على أدائها وعلى آدابها التي من أهمها عدم التعصب، فإذا حدث انتصار لفرد أو لفريق، وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه طبيعة البشر وجب أن يكون هناك أدب وذوق، فالقدر قد يخبئ للإنسان ما لا يسره، وقد تكون الجولات المستقبلة في غير صالح الفائز، أعرابي سبق بجمله ناقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت لا تسبق، وشقّ على المسلمين ذلك، فتمثلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم الروح الرياضية الصحيحة، فقال عليه الصلاة والسلام: إن حقاً على الله ألا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه أشار إلى ناقته الأولى دائماً فلم تربح السباق، هذا من أدبه، ومن حكمته، ومن هديه، هدأ بهذا الكلام ثائرة المتحمسين له، ومرة تسابق مع عائشة فقالت: تسابقت أنا ورسول الله فسبقته، فلما ركبني اللحم سبقني، فقال: يا عائشة هذه بتلك. تعادل.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب قوام جميل متين البنية قوي التركيب، وكان بنيانه الجسمي مثار إعجاب من حوله من الصحابة، ولا عجب فهو الأسوة الحسنة، الذي أرسله العلي القدير هادياً لنا في كل أمر من أمور الدنيا والآخرة؛ فكتب القاضي عياض في كتابه (الشفاء) يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان عظيم القدر، عظيم المنكبين، ضخم العظام، عبل العضدين والذراعين والأسافل، رحب الكفين والقدمين، ربعة القد، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير المتردد؛ ووصفه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: لم يكن بالطويل الممغط (البائن الطول)، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوام (معتدل القامة)، ولم يكن بالجق القطط، ولا بالسبط، كان جعداً رجلاً ولم يكن بالمظهم (الفاحش السمنة)، ولا بالمكلثم (كثير اللحم)، وإذا مشى ينكفي تكفياً كأنما يحط من صبب (يميل في المشي إلى الأمام).”منقول من مقال لأمين أنور الخولي”.
كرمنا الله ثم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالكثير من القيم والعادات والسلوكيات التي تحفظ لنا كرامتنا وتصون أعراضنا، فوضع الإسلام مجموعة من الضوابط التي يجب الالتزام بها عند ممارسة الرياضة، منها: احتشام الملابس، عدم الالتهاء عن العبادات والفروض الدينية، وأهمّها الصلاة والصيام، كتأجيل موعد الصلاة أو تأخيرها لممارسة الرياضة، أو ترك الصيام لعدم القدرة على الجمع بينه وبين الرياضة، تجنب الاختلاط؛ بحيث يمارس كل جنس الرياضة الملائمة له في مكان مخصص ومنفصل عن الجنس الآخر، الابتعاد عن الكسب المحرم للمال، تجنب إلحاق الأذى بالإنسان أو الحيوان أثناء ممارسة الرياضة.
من الرياضات التي مارسها الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتشرت في عهده: التسابق، فقد تسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فسبقته يوما وسبقها يوما، فقال هذه بتلك، الفروسية: فقد حث الإسلام على الاهتمام بالخيل والتدرب على ركوبها وقد أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه على المسابقة بين الفرسان وحدد لهم ميدانا للسباق، فقد ورد أن الرسول الله صل الله عليه وسلم سابق بين الخيل المسرجة المجهزة للسباق وحدد لها ميدانا من الحفياء إلى ثنية الوداع وحدد للخيل غير المسرجة مسافة أقصر من تلك، الرماية: حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رياضة رمي السهام والرماح والحراب وغيرها فقال صلى الله عليه وسلم “ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي” ففي الرياضة الرمي تقوية للسواعد وتربية الحواس على التركيز والدقة في إصابة الهدف استعدادا للدفاع عن أرض الوطن، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الأحباش يلعبون بالسيوف في المسجد ولم يتكلم بل كان يتفرج على لعبهم، السباحة: وهي من الرياضات التي تقوي الجسم وقد حث الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تعليمها لأبنائهم، المصارعة: وقد صارع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قويا يسمى ركانة وكان مشركا فغلبه الرسول صل الله عليه وسلم فأسلم ركانة، وفي هذه الرياضة اختبار لقوة الشخص في طرح منافسه أرضا ولم يكن فيها إيذاء للإنسان ولا امتهان لكرامته، كما أنها لم تتضمن العنف الشديد الذي يميز المصارعة في العصر الحاضر.
إلا الرسول، فما أنتم وإن عظمت حرية الرأي انداد له ابدا .. تبت يدا كل علج من رعيتكم هزأ به مبغضا أو ناله حسدا،.. ونعل سيدنا أسمي بقيمته، من الذي روج الأفكار واعتقدا ” أبيات من شعر منقول لشاعر مجهول الاسم”