ثورة أكتوبر .. دلالات ورسائل

حمدي دوبلة

بعد غد الأربعاء تحل على اليمنيين الذكرى السنوية الـ 57 لثورة الـ14من أكتوبر المجيدة، يوم اندلعت شرارة ثورة شعبية عارمة ضد المستعمر البريطاني وأجبرته على الرحيل صاغرا من جزء غال من تراب الأرض اليمنية بعد أن جثم على صدور أبنائها قرابة قرن ونصف القرن من الزمان، وإذا به يجرجر أذيال الهزيمة والعار وهو يُجلي آخر جنوده بعد بضع سنوات من تلك الشرارة التي بدأت في جبال ردفان وما لبثت طويلاً حتى امتدت لتشمل كل الأراضي اليمنية وتصبح براكين تزلزل جنود ومرتزقة امبراطورية قيل عنها يوماً: إن الشمس لا تغيب عن أراضيها..
-اليوم تأتي هذه المناسبة الوطنية الغالية على قلب كل يمني، وجزء غال من تراب الوطن يرزح مجدداً تحت نير الاستعمار والاحتلال، لكن الغزاة الجدد أكثر تخلفاً ولؤماً ووحشية من أسلافهم الطغاة والمجرمين، وأكثر حقداً وتربصاً باليمن وبسيادته ووحدته ومستقبل أبنائه ..
-ثورة أكتوبر الخالدة ورغم إمكانياتها الضئيلة مقارنة بإمبراطورية الشمس التي لا تغيب عبَّرت ولا تزال تعبِّر في دلالاتها ومضامينها حتى اليوم عن إرادة وطنية شاملة في التحرر والكرامة والانعتاق من كل أشكال الوصاية والتبعية، لذلك كانت ملحمة ثورية متجددة لا يخبو بريقها ولا يتلاشى وهجها مهما تقدمت بها الأيام والسنون، وإن حدث شيء من الفتور والتراجع بفعل صراعات وتناقضات وأطماع وارتهان الأنظمة التي تعاقبت على حكم شطري اليمن قبل إعادة تحقيق الوحدة المباركة وما بعدها أيضاً فإن ذلك الوميض “المقدس” ظل حاضراً وبقوة في ثقافة أبناء هذا الشعب الأبي الذي يرفض الضيم والقهر والاستعباد لأيِّ كان ..
-لقد ناضل الرعيل الأول من أبطالنا طويلاً وسطَّروا ملاحم بطولية خالدة في مقارعة جحافل المستعمر البريطاني وقدموا جليل التضحيات حتى تمكنوا من تحقيق غاياتهم في طرد المحتل والوصول إلى الاستقلال مع فرار آخر جندي بريطاني في الـ 30 من نوفمبر 1967م، وفي ذلك أعظم الدروس والعِبَر لمحتلي وغزاة هذا الزمان الذين ينتظرهم مصير محتوم ربما يكون أشد وأخزى مما حل بالإنجليز وهم في أوج مجدهم وقوتهم ..
-لم يجرؤ المستعمر الإنجليزي ولا الطاغية الأمريكي في هذا الزمان حتى على التفكير في أن تطأ أقدامهم أرض اليمن مجدداً، فهزائم الزمن القديم والخسائر الفادحة التي مُني بها الغزاة قديماً على أيدي أبطال اليمن لا تزال حاضرة في مخيلاتهم ويعلمون علم اليقين أنَّ تكاليف الغزو المباشر لبلاد عُرف أهلها بالبأس والبطش الشديد ليس بالأمر الهيِّن أبداً وتكاليف ذلك ستكون باهظة، لذلك دفعوا بمرتزقتهم من أعراب الصحراء ممن لا يفقهون دروس التاريخ، وهاهم يستنزفون كل إمكانياتهم ومقدراتهم خدمة لأطماع ومصالح أسيادهم في دول الاستكبار والطغيان، مع علمهم أن الهزيمة محسومة على أيدي أبناء شعب أصيل لا يعرف في قاموسه كلمة الفشل أو الاستسلام، وهو على يقين تام بأن تضحياته الجسيمة لن تذهب سدىً وأن إيمانه بحقه وعدالته سيتوج عاجلاً أو آجلاً بالنصر المؤزر، وما ذلك على الله ببعيد..
إلى عينيك يا وطني:
نبض القصيدة في الفؤاد تبارى وشدا الزمان قوافياً وبحارا
وتلألأت أقمارها بالحب إذ عاشت تناجي الشمس والأقمارا
يا موطني عذراً لقلبٍ عاشقٍ يهواك حتى لا يكاد يُجارى
جعل القريض وكل أوزان الهوى والضاد وقفاً ليس فيك يُوارى
إن حاصرت قلبي الخطوب فإنه لازال يشدو للغد استبشارا
ما قيمة اللحن الشجيّ وما الهوى والحب إن لم تحتو الأوتار ؟
كل الهوى يهب الهوان على الثرى إلا هواك يزيدني استكبارا

قد يعجبك ايضا