الجمهورية.. في حدقات العيون

أحمد يحيى الديلمي

 

أحمد يحيى الديلمي

وأنا أكتب مقال الأسبوع الماضي بعنوان (خواطر عن سبتمبر الثورة) لم أتوقع أنه سيفتح الباب أمام الكم الكبير من ردود الفعل ، فقد تلقيت العديد من الاتصالات والرسائل التلفونية التي جمعت بين التأييد والرفض المطلق لبعض ما ورد في المقال، وهي ظاهرة إيجابية دلت على ملامح الصحوة في أوساط غالبية اليمنيين ممن يتحملون أنواع الصعاب ، ويعايشون الهموم والمشاكل ويكابدون الأوجاع ، وهم في خندق واحد يغمضون عيونهم ويسدون آذانهم عن سماع هرطقات قنوات الدفع المسبق من خلال أصحاب المصالح وأصحاب الأصوات العالية الجوفاء ، وأصحاب الفلسفة الشاذة ممن تحولوا إلى جدران صماء بلا روح ولا فاعلية تحركهم آلات الأعداء ليمجدوا الاحتلال ويبرروا جرائم المعتدين البشعة ، لا تؤثر فيهم مشاهد جرائم القصف العشوائي وحرب الإبادة ولا تهزهم آهات وصرخات كبار السن والأطفال والنساء لحظة انتشالهم من تحت أنقاض المساكن التي تعرضت للقصف ..
من خلال مناقشة بعض المتصلين وأصحاب الرسائل اتضحت حقيقة هامة مفادها أن ست سنوات إلا أشهراً من العدوان لم تفت من عضد اليمنيين ، ولم يفقدونا المناعة ولم يصل بهم الحال إلى حافة الانهيار كما توقع الأعداء رغم فداحة الفجائع وتداعيات الحصار الاقتصادي الجائر ، إلا أنهم يزدادون صلابةً وتماسكاً يواصلون الحياة بإيمان عميق أن النصر قريب ..
من خلال نفس الآراء اتضحت التركيبة المدهشة لشخصية الإنسان اليمني كما ورد على لسان أحد المتصلين حيث قال (طالما أن الوطن يتعرض لعدوان شرس ونزوات شيطانية قذرة لاحتلال أراض غالية من الوطن ، لا بديل سوى التحدي والصمود وأن نقف جميعاً في بوتقة واحدة نخلع جلباب القداسة عن الأشخاص والمسميات ونواجه بقوة من يرزحون في مربعات الخيانة ، وأن نشارك بفاعلية في تنمية المجتمع وتحسين مستويات المعيشة، هذه مهام لا تقبل التأجيل ولا الدخول في جدل عقيم لا يجدي نفعاً والوطن يتعرض لكل هذا الظلم) ..
في كل الأحوال التفاصيل مزعجة والتحديات جسيمة والأوجاع بلغت النخاع ، إلا أن المواطنين يتحملون ويتحلون بالصبر على المكاره طالما استمر العدوان الهمجي الصلف بنفس الغطرسة والرغبة في إذلال الشعب اليمني والنيل من كرامة واستقلال وسيادة الوطن كأهم غاية أفصحت عنها قيادة ثورة 21سبتمبر ، وهي غاية سامية تجعل كل مواطن صادق الانتماء للوطن أكثر احتمالاً ، وأكثر صبراً ، وأكثر صمتاً على الجراحات النازفة ، للعمل على شد أزر المجاهدين الأبطال رجال الرجال من يعشقون الشهادة ويقدمون أرواحهم رخيصة فداءً للوطن ووحدته وعزة وكرامة أبنائه، والمطلوب من كل مواطن يمني شريف احترام تضحيات الشباب ومدهم بمقومات النصر كل حسب موقعه وإمكانياته والانصهار في بوتقة ثقافة الشهادة بقيمها وأفكارها وتحويلها إلى سلوك يُضيف للهوية الوطنية وقيمنا وتراثنا الحضاري وأصول عقيدتنا إضافات جوهرية تُخرس أولئك السذج مدمني الخيانة وتحرر عقولهم من الجمود الفكري والتعصب الأعمى لفكرة الاعتماد على المعتدين والرهان على أوهام دُفنت وماتت تحت أقدام المجاهدين الأبطال الذين أسقطوا حلمهم بالعودة إلى الوطن فاتحين ليتصدروا المسؤولية فيه ، كما يقول الإخوة المصريون (عشم إبليس في الجنة)..
للعودة إلى صلب الموضوع أختم بما ورد في رسالة لأحد المتصلين حيث قال (ليست مبالغة القول إن الإحساس بعظمة ثورة سبتمبر يزداد رسوخاً في النفوس اليوم ونحن نتابع الهدف الأول المتصل بالحرية والسيادة والاستقلال يُترجم عملياً كأبرز دليل على بقاء الجمهورية والنظام والدولة وأنهما محفوظان في حدقات العيون، للتدليل على ذلك أكثر شاهد ميدان التحرير في صنعاء ، أكرر في صنعاء العاصمة التاريخية للجمهورية اليمنية إيقاد الشعلة في الذكرى السادسة والخمسين للثورة بحضور الآلاف ومشاهدة الملايين داخل وخارج الوطن ، بينما المتباكون على الثورة والجمهورية أوقدوا الشعلة في الدهاليز والأقبية المظلمة لأنهم يريدون تحويل النظام والدولة إلى ملك خاص لأسر بذاتها ، وهناك مشهد آخر يتصل بالسلام الجمهوري، حيث كان النظام السابق قد أصدر أوامر عليا بعدم عزف السلام الجمهوري إلا في المناسبات التي يحضرها رئيس الدولة ، فيما أصبح اليوم يتصدر كل المناسبات بما في ذلك الأعراس والمناسبات الخاصة ، الكل يقف بإجلال واحترام عند عزف السلام الجمهوري ليؤكد الارتباط بالثورة والولاء للنظام ، على عكس أولئك المزايدين والمرتهنين للأعداء فإنهم قد يحركون شفاههم لكنها لا تنطق بكلمات السلام الجمهوري ، ولا تتحرك مشاعرهم عندما يشاهدون المجازر والكوارث والمآسي التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ، إنها مفارقة عجيبة أن نسمع كلاماً من أناس ملَّتهم ردهات وطواريط الفنادق وأصبح اللوبي في كل فندق يتأفف من وجودهم في كافة العواصم التي انتشروا فيها ، مع ذلك لا يستحون ويدَّعون أنهم يمثلون الثورة والجمهورية ، إنها أعظم كذبة يكتشف زيفها حتى الطفل الصغير الذي لا يعرف القراءة والكتابة ، فمتى يتطهر هؤلاء من الأورام والبثور الخبيثة التي أصابتهم في الصميم وجعلتهم غير قادرين على التفريق بين الحق والباطل؟! للأسف هذه الأمراض تتفاقم وتزداد خطورة كلما طال أمد العدوان وكلما مُنعوا من دخول أماكن محددة لأنهم مرفوضون من الجميع فيها ..
هُنا نسأل هؤلاء: هل يكفيكم ما وصلتم إليه من مهانة وذل؟!! هذا الموضوع سيظل مفتوحاً وسيظل النقاش متواصلاً، وإن كنت لا أعتقد أن أحدهم سيتجرأ ويُجيب عما يختلج في أعماقه من بغض وكره ممن يسُومونهم سوء العذاب ويمنونهم بالعودة ، بينما من وعدوهم يسيطرون بالقوة على أجزاء غالية من الوطن ليؤكدوا أنهم محتلون ، بالأمس كانت أمريكا قد اتفقت مع الرئيس الأسبق عفاش على إقامة قواعد عسكرية في جزيرة سقطرى ، إلا أنه نصحهم بعدم المسارعة إلى ذلك لأن وجود الأمريكيين في أي منطقة من اليمن سيُثير غضب الشعب اليمني ، فانتقلت كتيبة المارينز من سقطرى إلى فندق شيراتون بصنعاء بِحُجَّة حماية السفارة الأمريكية، لكن أمريكا لم تسكت ولجأت إلى طريق آخر ، إذ طلبت من الإمارات القيام بالدور ذاته وأن تتواجد في سقطرى وإن اقتضى الأمر أن تحتلها بالقوة كي يتسنى لأمريكا تحقيق ما تسعى إليه وهو الاحتلال المباشر للجزر اليمنية ، وأنى لهم ذلك في ظل الصحوة اليمنية وشجاعة الأبطال المقاتلين في كل الجبهات .
أكرر: الموضوع سيظل مفتوحاً ومن أراد أي إضافة فعلية الاتصال أو إرسال رسالة عبر الواتس آب على الرقم (770515767) فاليمن تتسع للجميع وأمرها يهم كل مواطن يمني شريف .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا