فصل من كتاب‮ »حروب أحد الجنود‮« الساعات الأخيرة في عدن ‬لمؤلفه‮ : ‬ريجنال لينجهام

إذا علمنا أن كل زوج من القناصة أطلق‮ ‬4700‮ ‬طلقة‮ ‬‮ ‬وأن عدد أزواج القناصة‮ ‬50‮ ‬زوجا‮ ‬‮ ‬فكم هو العدد الإجمالي‮ ‬للضحايا في‮ ‬المدينة إذا كانت نسبة النجاح في‮ ‬التسديد تساوي‮ ‬98‮ ‬٪‮ ‬¿‮

بالإضافة إلى القناصة‮ ‬‮ ‬كانت هناك وحدات بريطانية خاصة للقتل بالسكين‮ ‬‮ ‬وكانت سبابة كل قتيل تقطع للتعرف على هويته‮

‮> ‬لم‮ ‬يشغل مؤلف الكتاب باله في‮ ‬حساب عدد الضحايا الذين سقطوا بنيران رفاقه في‮ ‬جيش الإحتلال أثناء محاصرة كريتر أكثر من اسبوعين بعد سقوطها بأيدي‮ ‬الثوار في‮ ‬20‮ ‬يونيو‮ ‬1967‮ ‬‮ ‬واكتفى المؤلف بتقديم المعطيات وترك لنا مهمة الحساب‮ .. ‬مسألة المؤلف والمحارب‮ « ‬ريجنال لينجهام‮ « ‬تبدو لنا وكأنها‮ « ‬من خارج المنهج‮ « ‬الذي‮ ‬قرأناه‮ .. ‬فلماذا تجاهل المؤلفون والكتاب اليمنيين مثل هذه المسائل والأمثلة في‮ ‬مناهجهم ¿ ولماذا تركت هذه المسألة بلا حل على مدى‮ ‬47‮ ‬عاما ¿‮. ‬

في‮ ‬الفصل الثاني‮ ‬من كتابه‮ « ‬حروب أحد العسكر‮ « ‬دون المؤلف‮ « ‬ريجنال لينجهام‮ « ‬تفاصيل دقيقة حول إنتفاضة‮ ‬20‮ ‬يونيو‮ ‬67م في‮ ‬عدن نظرا لقربه من تلك الأحداث ـ ليس كشاهد على تلك المعارك فحسب‮ ‬‮ ‬بل باعتباره أحد جنودها كما‮ ‬يظهر من عنوان الكتاب ـ‮ . ‬وعلى طريقة‮ « ‬المواقع الإباحية‮ « ‬بدأت صفحات الفصل الثاني‮ ‬الذي‮ ‬حمل عنوان‮ : ‬التمرد‮ ‬‮ ‬بتحذيرللقراء الذين قد‮ ‬يجد بعضهم فقرات صادمة في‮ ‬الصفحات التالية‮ . ‬
وفي‮ ‬البداية‮ ‬‮ ‬جدد المؤلف تأكيده بأن سنة‮ ‬1967م كانت سنة سوداء جدا للجيش البريطاني‮ ‬في‮ ‬عدن من حيث حجم الخسائر التي‮ ‬تكبدها في‮ ‬صفوفه‮ ..‬وبحسب المؤلف‮ : ‬جرى التمرد الأول في‮ ‬صباح العشرين من‮ ‬يونيو عام‮ ‬1967م‮ ‬في‮ ‬المقر السابق للحرس الوطني‮ ‬الاتحادي‮ ‬الذي‮ ‬تحول إلى مركز تدريب لشرطة الجنوب العربي‮ ‬بعد سماع أخبار عن مهاجمة القوات البريطانية لجيش الاتحاد في‮ ‬معسكر‮ « ‬ليك‮ « .‬
‮ ‬نصبت الشرطة المحلية الكمائن وقتلت ثمانية أفراد وجرحت ثمانية آخرين من‮ ‬60‮ ‬عنصرا‮ ‬يشكلون سرب القوات الملكية للنقل‮ . ‬
وفي‮ ‬وقت لاحق أوقع‮ «‬هؤلاء المتمردون‮ « ‬إصابات أخرى بين القوات البريطانية في‮ ‬مكان قريب من معسكر ردفان ـ شرق الشيخ عثمان ـ وكذلك بين صفوف القوات التي‮ ‬أرسلت للإغاثة‮ ‬‮ ‬وبينما كانت عربتان لا ندروفر بريطانيتان تمران بالقرب من ثكنات الشرطة العربية المسلحة في‮ ‬مدينة كريتر على‮ ‬طريق الملكة أروى‮ ‬‮ ‬فتحت الشرطة النيران من طقم رشاش آلي‮ ‬وقتلت الجنود البريطانيين ـ ثلاثة منهم من قوات‮ « ‬الأرجيل‮ « ‬التي‮ ‬كان مقررا لها أن تحل محل قوات‮ « ‬نورثمبر لاند‮ « ‬في‮ ‬المدينة‮ .‬
وكان جنود الـ‮ «‬Argylls‮»‬‭ ‬قد بدأوا في‮ ‬تلك السنة أداء خدمتهم في‮ ‬الخارج‮ ‬‮ ‬ولم‮ ‬يكن متوقعا أن‮ ‬يصادفوا فترة أسوأ من تلك السنة‮ ‬كان عليهم أن‮ ‬يحلوا في‮ ‬مكان جنود الـ‮ «‬Northumberland‮» ‬في‮ ‬مدينة كريتر بمستعمرة عدن‮ . ‬
وقبل خمسة أيام فقط من موعد أستبدال القوات‮ ‬‮ ‬تكبدت القوات البريطانية أكبر خسائرها في‮ ‬عدن‮ ‬‮ ‬إذ قـْتل‮ ‬22‮ ‬رجلا‮ ‬‮ ‬و جـْرح‮ ‬31‮ ‬رجلا آخر في‮ ‬سلسلة من الكمائن وعمليات التمرد‮ .‬
بعد ذلك أرسلت دورية أخرى من أربعة رجال للتحري‮ ‬حول ما حدث لكن هؤلاء الرجال لم‮ ‬يعودوا ولم‮ ‬يرهم أبدا أحد مرة أخرى وجرت ثلاث محاولات لإنقاذهم لكن الدوريات اضطرت للعودة بفعل النيران الكثيفة التي‮ ‬تصدت لها وأسقطت كذلك طائرة مروحية‮ «‬سيوكس‮» ‬وجرح كل‮ ‬من فيها ولذلك‮ ‬‮ ‬سحبت عناصر القوات البريطانية كلها من مدينة كريتر والمناطق المتاخمة لها بحلول المساء‮ . ‬
وها قد حان وقت دفع الثمن
وفي‮ ‬مساء اليوم نفسه أعطتنا دوريات مكونة من جنود جيش الاتحاد العربي‮ « ‬أمثلة مخزية لما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقوم به هؤلاء العرب المحليون اللقطاء‮ « .‬
‮ ‬كما قامت الشرطة العربية المسلحة بتوزيع البنادق والأسلحة على كل‮ ‬من جاء إليها‮ ‬وعلى أعضاء الجبهة القومية وجبهة التحرير‮. ‬وبات السجناء الذين تم الإفراج عنهم أصبحوا‮ ‬يحملون السلاح أيضا‮. ‬وجرت محاكمات وهمية وهزلية وغبية للجنود البريطانيين الموتى في‮ ‬وسط ابتهاج عظيم‮ . ‬وتم تشويه الجثث وشنقها وحرقها بشكل طقوسي‮ ‬وسمر بعضها في‮ ‬الأبواب‮ .‬
لقد كان الوقت قد حان للقيام بعمل واسع وحاسم‮. ‬وهو ما حدث‮. ‬لكن ليس وفقا لأوامر القيادة البريطانية العليا التي‮ ‬كانت سعيدة جدا بمجرد تطويق المدينة واحتواء الغوغاء‮. ‬فقد نفذت عمليات عسكرية سرية وفردية جعلت العرب‮ ‬يدفعون عشرة أضعاف ما اقترفوه ذلك الصباح وذلك المساء‮. ‬وتم كذلك ردم الطريق تمهيدا لعودة القوات البريطانية إلى مدينة كريتر بنجاح‮ ‬‮ ‬وبمرافقة موسيقي‮ ‬الزحف الرائعة الخاصة بقوات‮ « ‬الأرجيل‮ « .‬
لقد قام قناصون بريطانيون بمحاصرة‮ « ‬فوهة البركان‮» ‬من كل الجهات المحيطة بالمدينة‮ ‬ولم‮ ‬يتردد أولئك الرجال ـ الذين تم اختيارهم من مختلف الكتائب ـ في‮ ‬إطلاق النار على أي‮ ‬شيء‮ ‬يتحرك فوق السطوح‮ ‬المتحدث الرسمي‮ ‬يقول إنهم أمروا بإطلاق النار فقط في‮ ‬حالة مشاهدة شخص مسلح‮ ‬‮ ‬وتبين الأرقام الرسمية أنه قد تم قتل عشرة إرهابيين مسلحين بـبنادق هجومية من نوع‮ « ‬آ كي‮ ‬47‮ « ‬والحقيقة أن ذلك مجرد‮ « ‬كوم من التخبط الرسمي‮ « ‬
فقد ظل القناصون مرابطين جنبا إلى جنب فوق البركان ببنادق‮ « ‬303‮ « ‬والمناظير المقربة والخرائط التفصيلة والصور الجوية للمدينة‮ . ‬وخلال الأيام الخمسة التالية كان هنالك ما‮ ‬يشبه مباراة في‮ ‬الرماية بعيدة المدى‮ . ‬
وحين‮ ‬يرى أي‮ ‬منهما ـ‮ ‬يقصد زوج القناصة ـ شيئا ما مريب‮ ‬يتحرك‮ ‬يتم إرسال إشارة للتأكد ويتم رمي‮ ‬الهدف حالما‮ ‬يصل الرد‮ . ‬وكانا‮ ‬يتكلمان دائما‮ ‬ويراقبان آثار ضرباتهما ويحصيان عدد خراطيش الطلقات‮. ‬كما أنهما‮ ‬يطلقان النار على أي‮ ‬هدف‮ ‬يبرز أمامهما‮. ‬وعند حلول الظلام‮ ‬‮ ‬تحت السماء العربية المضاءة بالنجوم‮ ‬مكنتهما أجهزة الرؤية الليلية من الإستمرار في‮ ‬مراقبة‮ « ‬العدو‮ « ‬وضربه ليلا‮ . ‬
وعند الغروب‮ ‬‮ ‬كان‮ ‬يتم تزويد مجموعات القناصة بفطائر وشوربة‮ ‬وقهوة‮ ‬وحبوب منشطة‮ ‬وأقراص أدرينالين لإبقائهم مستيقظين‮ .‬
‮ ‬أطلق كل زوج من القناصة‮ ‬ما مجموعه‮ ‬4‭.‬700‮ ‬رصاصة‮ .. ‬فإذا علمنا أن نسبة نجاح رميهما هي‮ ‬98٪‮. ‬وبإمكان القارئ أن‮ ‬يجمع الإجمالي‮ ‬ويضربه في‮ ‬ما لا‮ ‬يقل عن خمسين زوجا من القناصة‮ ‬وبذلك‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يعرف أن كثيرا من العرب قد ماتوا بسبب الأعمال الوحشية التي‮ ‬ارتكبوها تجاه رجالنا‮ . ‬
وبالإضافة إلى عمل القناصة‮ ‬‮ ‬كانت هناك وحدات من‮ «‬SAS‭ ‬‮»‬‭ ‬‮ ‬وأخرى من‮ « ‬SOG‭ ‬‮ « ‬تقوم بعمليات في‮ ‬جحور المدينة أثناء الليل‮ ‬‮ ‬وقد قبضت على كثير من‮ « ‬الإرهابيين‮ « ‬المعروفين الذين كانوا أذكى من أن‮ ‬يعرضوا أنفسهم لرصاصات القناصة‮. ‬وكانت مهمة هؤلاء الاختصاصيين تكمن في‮ «‬القتل بالسكين‮». ‬وكانت سبابة كل قتيل تقطع للتعرف على هويته لأن معظم‮ « ‬الإرهابيين‮ « ‬المعروفين لهم سجل بصمات بما أنهم قد عملوا لبريطانيا وصدرت لهم بطاقات هوية‮. ‬
لقد مات كثير من العرب بهذه الطريقة لأنهم كانوا معروفين وتم‮ « ‬استهدافهم‮ « ‬بتعمد‮ .. ‬وفي‮ ‬ليلة واحدة‮ ‬‮ ‬عاد أحد رجال العمليات وهو‮ ‬يحمل بين ساقيه‮ ‬‮ ‬تحت‮ « ‬فوطته العربية‮ «‬‮ ‬كيسا فيه نحو‮ ‬40‮ ‬اصبعاٍ‮ ‬ووضعه فوق منضدة ضباط المخابرات‮ ‬وقال بشكل هادئ‮: «‬ها أنت ميت‮ ‬‮ ‬اكسب مالك القذر‮ ! ‬يا ترى‮ ‬‮ ‬من هذا الذي‮ ‬قتلت ¿‮.. ‬لقد تقيأ العشرة فوق مختلف أجزاء جسمه‮ : ‬في‮ ‬قميصه المنشى‮ ‬وحزام‮ «‬سام براون‮ « ‬اللامع جدا‮ .. ‬هكذا هي‮ ‬الحياة‮ .! ‬
ويكشف المؤلف عن مدى‮ ‬غطرسة الإحتلال واستهتار عناصر الأمنية بأرواح الآخرين فيقول‮ : ‬وهناك طريقة أسهل لـ‮ «‬استهداف‮» ‬المشتبه بهم‮ ‬‮ ‬وتكمن في‮ ‬التخمين‮: ‬بطريقة سير العربي‮ ‬في‮ ‬الجبل‮ ‬‮ ‬فإن كان منحني‮ ‬الرأس فذلك احتراما لله‮ ‬‮ ‬أما إذا كان أمامك عربياٍ‮ ‬يصعد التل‮ ‬راكضا‮ ‬فهو‮ ‬يهرب إثر ارتكابه لجريمة ما في‮ ‬أحد الشوارع الرئيسية‮. ‬وإذا تم القبض عليه وهو‮ ‬يركض في‮ ‬الجبل فالأمر الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬عليك تنفيذه هو‮ :»‬NECK‭› ‬HIM‭ ‬‮»‬

حي‮ ‬الكوتش‮ ‬
تم إطلاق نيران كثيفة بواسطة الرشاشات الأوتوماتيكية‮ « ‬GPM‭ ‬‮» ‬على مناطق الأكواخ المعروفة بـ‮ « ‬الكوتش‮ «‬والواقعة خلف المدينة‮ ‬والتي‮ ‬أشارت المخابرات أنها تأوي‮ ‬مقر قيادة الجماعات الإرهابية أو نقاط تجمعها‮ . ‬وتم إزالتها تماما‮. ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬بالطبع أن أي‮ ‬شخص كان في‮ ‬تلك المنطقة قد ذهب إلى الجحيم‮ . ‬باختصار شديد‮ ‬‮ ‬لقد كلفت عملية دفع الثمن العرب خسائر فادحة أني‮ ‬أعرف ذلك‮ ‬فقد استوجبت بضعة نماذج منهم تم أسرها لاحقا‮.. ‬وقالوا إنهم عاشوا في‮ ‬رعب خلال تلك الأيام ولم‮ ‬يعتقدوا أبداٍ‮ ‬أننا سنقدم على ما قمنا به لأننا كنا لطيفين جدا بهم قبل ذلك بفضل السياسة البريطانية التي‮ – ‬طبقا لما تم عرضه حول فشلنا في‮ ‬الهجوم على السويس‮- ‬كانت تهتم بالرأي‮ ‬العام عند قيامها بأي‮ ‬عمل عسكري‮.‬
لقد أخبرهم بذلك جمال عبد الناصر في‮ ‬الإذاعة‮ . ‬بعضهم قالوا إنهم قد لقنوا القصص نفسها حينما تدربوا على الإرهاب في‮ ‬مصر والصين وروسيا‮.‬
‮ ‬وفي‮ ‬محاولة من المؤلف أو المحارب السابق لإبعاد حكومة بلاده عن مسؤوليتها في‮ ‬جرائم الحرب التي‮ ‬أرتكبت في‮ ‬عدن‮ ‬يقول المؤلف‮ : ‬لو أن سياسيينا‮ ‬يستطيعون أن‮ ‬يبعدوا أنوفهم الدامية عن ما‮ ‬يجري‮ ‬حينما‮ ‬يكون قرار استخدام القوة العسكرية قد اتخذ‮ ‬‮ ‬ويتركون الأجهزة المختصة تنفذ عملها‮ ‬‮ ‬ستحظى أمتنا باحترام وسمعة أفضل في‮ ‬مختلف أنحاء العالم‮ .. ‬وفي‮ ‬هذا السياق تتماهي‮ ‬الكثير من الكتابات التي‮ ‬نشرت في‮ ‬وسائل إعلام الإحتلال‮ ‬‮ ‬إذ تعتبر أن الكولونيل‮ « ‬ماد ماتش‮ « ‬الذي‮ ‬تولى مهمة إعادة إحتلال كريتر كان لا‮ ‬يمتثل لآوامر القائد العسكري‮ ‬للاحتلال العقيد تاور‮ ‬‮ ‬ويعمل خلافا حتى لتوجيهات المندوب السامي‮ .. !‬

—————
الشيخ عثمان والشيخ الدويل‮ ‬

❞ في‮ ‬بداية القرن السابع عشر كانت الشيخ عثمان عبارة عن مزار ديني‮ ‬لأحد رجال الدين الذي‮ ‬دفن فيها وسميت المدينة باسمه‮ ‬‮ ‬ويؤكد ذلك المؤرخ حمزة لقمان أن مدينة الشيخ عثمان كان اسمها‮ « ‬الشيخ الدويل‮ « ‬‮ ‬ويرجع هذه التسمية إلى الولي‮ ‬الشيخ عثمان بن محمد الوكحى الزبيري‮ ‬في‮ ‬بقعة مواجهة للقرية‮ ‬‮ ‬وعندما اشترى الإنجليز من سلطان لحج عام‮ ‬1882م الأرض الممتدة من خور مكسر إلى وراء ما كان‮ ‬يعرف‮ « ‬بستان الكمسري‮ « ‬حديقة الشيخ عثمان حالياٍ‮ « .‬
وقد أسسوا البدايات الأولى للمدينة لاستيعاب الزيادة في‮ ‬عدد السكان‮ ‬‮ ‬ويعود تخطيط المدينة وبناؤها في‮ ‬الشكل الذي‮ ‬عليه الآن بعد ذلك التاريخ‮ ‬‮ ‬أما مدينة الشيخ عثمان الأصلية فهي‮ ‬قرية الدويل‮ « ‬الشيخ الدويل‮ « ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يقع بجانبها قبر الولي‮ ‬الذي‮ ‬سميت باسمه‮ . ‬وذكر الرحالة الإنجليزي‮ ‬هنري‮ ‬سلت الذي‮ ‬مر بالمنطقة عام‮ ‬1809م ـ في‮ ‬طريقه إلى لحج ـ أن القرية وقبة الولي‮ ‬كانت ضمن‮ ‬غابة كثيفة من الأشجار تمتد عشرات الكيلومترات‮ ‬‮ ‬وكانت تشكل مرعىٍ‮ ‬رئيسياٍ‮ ‬للأغنام والجمال‮ . ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1920م تأسست في‮ ‬المدينة مصانع الملابس القطنية وازدهرت صناعة البرود اليمنية الشهيرة‮ . ‬ويعد مسجد النور الذي‮ ‬بني‮ ‬عام‮ ‬1958م‮ ‬أهم معالم المدينة‮ ‬يشار إلى أن الشيخ عثمان كانت معقلا رئيسيا لعناصر الجبهة القومية خلال فترة الستينات التي‮ ‬بلغت فيه أعمال المقاومة ضد الإحتلال ذروتها‮ .. ‬بينما كانت كريتر معقلاٍ‮ ‬لجبهة التحرير قبل أن تنافسها‮ « ‬القومية‮ « ‬في‮ ‬المدينة خلال عامي‮ ‬66‮ ‬ـ‮ ‬1967‮ ‬م‮ . ‬ويعد الشهيد محمد مهيوب‮ ‬غالب‮ « ‬عبود‮ « ‬أبرز الشهداء الذين سقطوا في‮ ‬الشيخ عثمان خلال مواجهات مع قوات الإحتلال‮ .‬

————

كريتر‮ .. ‬من هنا كانت البداية‮ ‬

‮ ‬
‮❞‮ ‬ تتآلف محافظة عدن من ثمان مديريات إحداهن كريتر أو‮ « ‬صيرة‮ « ‬كما هو في‮ ‬التقسيم الإداري‮ ‬الحالي‮ ‬‮ ‬مع أن العدنيين‮ ‬يسمونها كريتر أوعدن‮ ‬‮ ‬أما اسم صيرة فيطلقونه فقط على أحد الأحياء الشرقية من المدينة والمقابل لقلعة صيرة‮ . ‬وتعد كريتر بمثابة المفصل الذي‮ ‬تلتقي‮ ‬عنده مديريات عدن‮ ‬‮ ‬كما تعتبر القلب التجاري‮ ‬لمدينة عدن‮ ‬‮ ‬إذ تشهد أسواقها وشوارعها حركة تجارية نشطة وتعج بالحركة ليل نهار‮.‬
يطلق اسم عدن على أقدم الأماكن المأهولة في‮ ‬المحافظة التي‮ ‬أخذت منها اسمها قبل أن‮ ‬يسميها الإنجليز كريتر‮ « ‬فوهة البركان‮ « . ‬تزخر مدينة كريتر بالعديد من المواقع الطبيعية والتاريخية‮ ‬‮ ‬أهمها‮ : ‬صهاريج الطويلة وقلعة صيرة ومنارة عدن ومسجدي‮ ‬الإمام‮ ‬العيدروس والصحابي‮ ‬أبان‮ ‬‮ ‬ومعبد زرادشتي‮ ‬والكنائس القديمة‮ ‬‮ ‬وبيت الشاعر الفرنسي‮ ‬رامبو‮ ‬‮ ‬كما أن‮ ‬المقاهي‮ ‬الشعبية في‮ ‬أحياء عدن القديمة‮ ‬تعد مقصدا رئيسيا لزوار المدينة‮ .‬
شوارع المدينة مستقيمة‮ ‬‮ ‬متوازية ومتعامدة‮ ‬‮ ‬وتعد بين أقدم المدن العربية والإسلامية التي‮ ‬عرفت أحياؤها التخطيط الحضري‮ ‬الحديث‮ ‬‮ ‬إذ‮ ‬يرجع تخطيط المدينة إلى عام‮ ‬1854‮ ‬م‮ . ‬تبلغ‮ ‬مساحة كريتر نحو‮ ‬13‮ ‬كيلومترا مربعا‮ ‬‮ ‬ويسكنها‮ ‬77‮ ‬ألف نسمة ـ بحسب تعداد‮ ‬2004‮ ‬ـ وهو أقل من العدد الذي‮ ‬كانت تتداوله وسائل الإعلام أثناء الإنتفاضة الشهيرة التي‮ ‬شهدتها المدينة في‮ ‬يونيو عام‮ ‬1967ك‮ ‬حيث كانت التقديرات آنذاك تشير إلى‮ ‬80‮ ‬ألف نسمة ـ في‮ ‬كريتر وحدها ـ‮ . ‬
لقد شهدت عدن بعد الإستقلال حالات نزوح للكثير من السكان وخاصة من السكان‮ ‬غير اليمنين كالهنود والفرس والأفارقة وغيرها من القوميات‮ ‬‮ ‬ولكن‮ ‬‮ ‬هل‮ ‬يكفي‮ ‬هذا السبب لتبرير الفرق في‮ ‬عدد سكان المدينة في‮ ‬العهدين رغم الفارق الزمني‮ ‬الهائل والذي‮ ‬يصل إلى خمسين عاما‮ . ‬¿‮! ‬

في‮ ‬ستينيات القرن الماضي‮ ‬‮ ‬كانت كريتر معقلا لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل والمشهورة باسم جبهة التحرير‮ ‬‭»‬FLOSY‭ « ‬‮ ‬بينما كانت الشيخ عثمان معقلا للجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل المعروفة إختصار بالجبهة القومية‮ ‬‭»‬NLF‭» ‬‮ ‬قبل أن تبدأ الأخيرة بالتوسع وزرع خلاياها في‮ ‬مدينة كريتر خلال العامين التي‮ ‬سبقت الإستقلال‮ .‬

قد يعجبك ايضا