لم يكن السيد القائد يعبَّر عن خصومته مع النظام السعودي بوصفه له بـ«البقرة الحلوب» ، لكنه كان يوصف الحال الذي عليه السعودية التي دفعت ترليونات المليارات لأمريكا ، كتمويل ونفقات لحروبها في أكثر من منطقة وبلد ، وبالأخص اليمن ، في المقابل تتعامل أمريكا مع السعودية كبقرة حلوب تدر عليها الأموال الباهظة ..
الثورة /حمدي دوبلة
هذا النظام الغبي الذي سخّر كل إمكانياته وقدراته لخدمة المصالح الأمريكية وتنفيذ أجنداتها ومخططاتها المعادية لليمن وللامة جمعاء ، ويوضح السيد القائد بأن الأمريكي يريد من السعودية والإمارات أن تدفع الكلفة الاقتصادية للعدوان، والتمويل اللازم لأي قاعدة أمريكية ، وقيمة كل طلقة وقذيفة وصاروخ يستهدف به الشعب اليمني” ، وعلى هذه «البقرة الحلوب» أن تظل مدرَّة للحليب دائما ، فهي تعرف جيدا مصيرها الأليم إن جف ضرعها يوما ، ونتيجة لفشلها وهزيمتها في الحرب العدوانية على اليمن أصبحت مملكة آل سعود بعد ستة أعوام من عدوانها الوحشي على اليمن ، تعيش أسوأ مراحلها ، فاقتصادها يتهاوى وترتفع العجوز الهائلة في الميزانية ، ومكانتها في العالم الإسلامي تتزعزع إلى حد كبير ، وصورتها القبيحة تجلت في حجم ومستوى الجرائم والانتهاكات البشعة التي اقترفتها في حق الشعب اليمني وبعد أن كانت المملكة الأغنى في المنطقة دائنة ، قبل ان تشرع في العدوان أصبحت الآن دولة غارقة في الديون والقروض.
ترامب راعي البقرة وحالب الضرع الأوفر حظا بين الرؤساء الأمريكيين
«دفعنا 7 تريليونات دولار خلال 18 عاما في الشرق الأوسط وعلى الدول الثرية دفع مقابل ذلك» ، «هناك دول لن تبقى لأسبوع واحد دون حمايتنا، عليهم دفع ثمن لذلك»، في إشارة إلى دول الخليج الغنية.
كلمات قالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 24 أبريل ، 2017م خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الفرنسي.
هناك من المراقبين من يلخص هذه السياسة التي ينتهجها ترامب بمبدأ «ادفع لتبقى» في تعامله مع ممالك الخلي ،. فمنذ حملته الانتخابية وهو يقوم بذلك. ففي 2016م أعلنها ترامب: السعودية «لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى»، لا يألو الرئيس الأمريكي جهدا ولا يفوّت فرصة سانحة دون الحديث عن دفع الأموال مقابل الخدمات ، وقال صراحة إن «السعودية مهتمة جدا بقرارنا» حول سحب القوات الأمريكية من سوريا، وأضاف: «حسنا، إذا كانت الرياض ترغب ببقائنا في سوريا، فيجب عليها دفع تكاليف ذلك».
هناك من يصف سياسة ترامب الخارجية بأنها تسير وفق عقلية التاجر، بل وحتى تقديم خدمات عسكرية مقابل المال، كما جاء في مقال إيشان ثارور، المعلق في صحيفة «واشنطن بوست»، ويقول ثارور إن الطريقة التجارية التي تسيطر على ذهنه غالبا ما تقوده للحكم على الأمور ، فقد كرر ضرورة مساهمة الدول الخليجية مثل السعودية وتعويض الولايات المتحدة عن بقاء قواتها في سوريا، وكأن القوات الأمريكية “مرتزقة” للاستئجار ، وعموما فإن خطط ترامب هذه لسحب المليارات من الخزائن الخليجية ليست وليدة الأشهر والسنوات الماضية، وإنما تعود إلى 30 عاما خلت.
ففي حوار أجرته معه المذيعة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري، سنة 1988م، يقول ترامب: «سأجعل حلفاءنا يدفعون ما عليهم من حصص، إنهم يعيشون كالملوك، أفقر شخص في الكويت يعيش كالملوك ومع ذلك لا يدفعون، نحن نوفر لهم إمكانية بيع نفطهم لماذا لا يدفعون لنا 25 % مما يجنونه؟».
تدرك أمريكا منذ وقت مبكر أن كلفة الحروب التي تخوضها ستكون مكلفة للخزينة الأمريكية ، وهي أكثر كلفة إذا كانت الحرب على اليمن البلد المعروف بمقبرة الغزاة ، وانطلاقا من استراتيجية أمريكا في تحالفاتها القائمة على التبعية ويؤكد ترامب أن على الحلفاء أن يدفعوا أكثر من أجل الدفاع الذاتي ، تكشف معلومات عن استراتيجية أمريكية تعكسها تصريحات ترامب ، وأن البيت الأبيض لديه استراتيجية جدية تعكس يفكر فيه ترامب ، يتعلق الأمر ببلدان تتمركز فيها قوات أمريكية مثل السعودية ودول الخليج ، فهذه البلدان وجب عليها تحمل جميع تكاليف القوات، كما يجب عليها دفع 50 % إضافية من هذه التكاليف مقابل امتياز احتضان قوات أمريكية فيها ، إضافة إلى صفقات التسلح والمبيعات من السلاح التي بدأت منذ الستينات ، فإن أمريكا تقاسم السعودية ما يزيد عن 25 % من إنتاج النفط.
ففي عام 1940م، اعترفت الولايات المتحدة رسميا بالمملكة العربية السعودية وأقامت معها علاقات دبلوماسية كاملة ، وفي عام 1950م اتفقت السعودية وشركة ارامكو على اقتسام أرباح إنتاج وتصدير النفط مناصفة.
وبانسحاب بريطانيا من منطقة الخليج في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، كانت الولايات المتحدة مترددة في تولي مسؤوليات أمنية إضافية في المنطقة. وسعت إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاعتماد على قوى إقليمية – ايران والسعودية – لضمان المصالح الأمريكية في المنطقة ، وفي تلك الفترة زادت قيمة الصفقات العسكرية الأمريكية إلى السعودية بشكل كبير (من 16 مليون دولار في عام 1970م إلى 312 مليون دولار في عام 1972م).حسب مصادر تاريخية.
وفي عام 1975م، دفعت السعودية لأمريكا ملياري دولار ضمن تمويل لصفقة تزويد السعودية بـ 60 طائرة مقاتلة ، وفي عام 1989م، حولت السعودية 100 مليار دولار إلى الولايات المتحدة لتنفيذ المشاريع التي تنفذها الشركات الأمريكية في السعودية والزمالات الدراسية للطلبة السعوديين في الجامعات الأمريكية.
وفي أكتوبر 2010م، أحاطت وزارة الخارجية الأمريكية الكونجرس إبرام اكبر صفقة تسليح في تاريخ الولايات المتحدة مع السعودية حتى ذلك لحين وتبلغ قيمتها 60 مليار دولار .
وفي مارس 2015م، اعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما انه خول القوات الأمريكية تزويد السعوديين بدعم استخباري ولوجستي في حربهم العدوانية على اليمن .
حتى اليوم لا يوجد رقم حقيقي مؤكد لما تدفعه السعودية لأمريكا ، فبالإضافة إلى ما يقدر بمائتي مليون دولار أمريكي يوميا منذ بداية العدوان على اليمن قبل حوالي ستة أعوام تدفعها السعودية للأمريكيين كنفقات تشغيل وإيجار أقمار صناعية وطائرات تجسس ، حيث بلغت قيمة الأموال التي دفعتها السعودية لأمريكا مقابل سلاح فقط خلال فترة 2015 – 2017م أكثر من 43 مليار دولار ، و3 مليارات دولار في بداية عام 2018م ، قدّر الأمير محمد بن سلمان نفسه قيمة الصفقات التي سيتم الاتفاق عليها خلال زيارته الحالية بنحو 200 مليار دولار ، وحسب الاستعراض الذي قدمه ترامب حتى الآن فإن جل هذه الأموال مخصصة لشراء الأسلحة وتصنيعها وصيانتها وتطويرها إلى الحد الذي يجعل ميزانية التسلح السعودية السنوية تزيد على مثيلاتها الروسية أو الألمانية ، وتبلغ قيمة ميزانية المملكة العسكرية نحو 80 مليار دولار في عام 2018م مقابل أقل من 50 مليارا لكل من روسيا وألمانيا. وخلال زيارة ترامب للسعودية في مايو 2017م اتفق مع ولي العهد السعودي ووالده على «صفقة أسطورية» بقيمة تتراوح بين 450 إلى 500 مليار دولار تشكل مبيعات الأسلحة الأمريكية حصة الأسد منها ، أما القسم المتبقي فتحت عنوان استثمارات سعودية في أمريكا بهدف خلق الوظائف وفرص العمل ، يومها قال ترامب وهو في غاية النشوة عن الزيارة والصفقة: «كان يوما هائلا.. مئات المليارات من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف وظائف …».
بعد التهام الاحتياطات.. البقرة جافة الضروع
•على مملكة «البقرة الحلوب» ان تظل مدرَّة للحليب دائما ، فهي تعرف جيدا مصيرها بعد أن يجف حليبها ، كل المؤشرات تؤكد أن سنوات العجاف قد حلت على مملكة الحليب الأمريكي ، ومصير بقائها بات مرهونا بما سيجنيه الأمريكي من ذلك ، واليوم يواجه الاقتصاد السعودي صدمات كبرى تحت وطأة العدوان على اليمن الباهظ الأثمان ، علاوة على خسائرها الفادحة في حرب الأسعار في سوق النفط ، وقد أدى ذلك إلى مستويات كبيرة من العجز السنوي في موازنتها ، إضافة إلى أنها تواجه مستقبلا محفوفا بالمخاطر جراء انسياقها الأعمى خلف الإملاءات الأمريكية التي لا تتوقف.. لتسجل بذلك اعظم الخسائر في تاريخها و كما يؤكد السيد القائد فإن «الخاسرين هم الذين يعملون لصالح أمريكا وإسرائيل، وعاقبتهم سيئة في الدنيا والآخرة»
•وأول سؤال يتبادر إلى الذهن كما يقول خبرا عن مصير مملكة بن سلمان التي روج لها ، ماذا سيحل بمشاريع «رؤية مملكة 2030م» التي طرحها بن سلمان ، ونقل مملكته من دولة نفطية إلى دولة متعددة الموارد الاقتصادية؟ من أين للأمير المجرم والمهفوف ، بالأموال اللازمة لتمويل مشاريع الرؤية التي تقدر تكلفتها بحوالي 2000 مليار دولار وفي مقدمتها مشروع «نيوم» بتكلفة 500 مليار دولار والسياحة بتكلفة 10 مليارات؟ وهناك مشاريع تحديث البنية التحتية والخدمات العامة في عموم المملكة بتكلفة تزيد على 200 مليار دولار، يضاف إلى ذلك عجز الموازنة بحوالي 50 ملياراً سنويا وتكاليف حروب اليمن وسوريا والعراق وغيرها بالمليارات شهريا. وهناك حاجة لبناء نظام ضمانات وشبكة أمان اجتماعية تشمل نصف السعوديين، أي 10 ملايين سعودي من الفقراء ومحدودي الدخل في حال أقدمت المملكة على الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة. وعلى الرغم من أهمية أموال الفساد التي تمت مصادرتها من الأغنياء والمسؤولين بقيمة 100 مليار دولار وتوقع توفير 100 مليار أخرى من أسهم أرامكو، فإن الأموال اللازمة لمشاريع الرؤية أكبر بكثير من ذلك وليس من الواضح كيف يمكن توفيرها على ضوء الصفقات مع أمريكا أو تمويل صفقة كوشنر في المنطقة.
مأزق العدوان على اليمن.. والنهاية السعودية الوشيكة
كانت السعودية قبل أن تغامر بعدوانها على اليمن قد حققت فوائض مالية كبيرة وبالتحديد خلال الفترة»2003 – 2014م» بسبب الطفرة النفطية ويرى مراقبون أن هذا الفائض المالي الكبير إضافة إلى امتلاكها «ترسانة» كبيرة من الأسلحة اشعر حكام السعودية الجدد بما يمكن تسميته بـ “فائض القوة” ووتوهموا وبدفع مباشر من سيدهم الأمريكي بانهم قادرون على إعادة رسم خارطة القوى الإقليمية وحجز مكان جديد ومتقدم لها في المشهد العربي والإسلامي وبما يمكنها من تنفيذ مخططات أمريكا وإسرائيل في المنطقة بكل سهوله وكان ذلك الدافع الرئيسي لشن العدوان على اليمن ظنا بان هذا البلد المثقل بالمحن والصراعات والتحديات سيكون لقمة سائغة وان كسر شوكة اليمن مقدمة مثلى للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتمكين هذا الأخير من المنطقة ومقدرات شعوبها دون خوف من احد .
لكن كل تلك المخططات تبخرت بفعل الصمود الاعجازي الذي ابدأه الشعب اليمني والذي استطاع بكفاءة عالية امتصاص الصدمة الأولى لينتقل بعد فترة وجيزة من الدفاع إلى الهجوم وتمكن بفضل الله وتضحيات مجاهدي الجيش واللجان الشعبية وأبطال القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير ان ينفذ ضربات موجعة ضد أهداف عسكرية واقتصادية حيوية في العمق السعودي.. وتشير تقديرات إلى أن ضرب منشآت ارامكو النفطية اسهم في اتساع فجوة الأزمة التمويلية في المملكة وارتفاع مؤشرات الدين العام السعودي إلى معدلات عالية، وهو ما تؤكد عليه بيانات وزارة المالية السعودية حيث بلغ الدين العام السعودي 560 مليار ريال سعودي (149.3 مليار دولار) بنهاية 2018م، وارتفع في النصف الأول من عام 2019م إلى 628.7 مليار ريال (167.6 مليار دولار)، أي أن الدين العام زاد خلال 6 أشهر فقط بنحو 18 مليار دولار تقريبًا.
من بقرة حلوب.. إلى عجفاء لا تسمن ولا تغني
منذ إعلان النظام السعودي شن عدوانه على اليمن في اليمن مارس 2015م أنفقت السعودية عشرات المليارات من الدولارات، سواء بشكل مباشر في إطار التسليح العسكري لجيشها أو تكاليف عملياتها العدوانية ضد المدنيين أم بشكل غير مباشر عن طريق هبات لحكومات ومنظمات لدعم موقفها في اليمن أو لشخصيات سياسية واجتماعية يمنية في إطار شراء الذمم والولاءات والمواقف على الصعيدين الداخلي والخارجي ،ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ومرصد المساعدة الأمنية الأمريكية، فإن السعودية أنفقت على صفقات شراء السلاح من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا ما يصل إلى 82 مليار دولار، تشمل شراء أسلحة وذخائر وتدريب عسكريين سعوديين.
بالمقابل أشار بيان للموازنة العامة السعودية عام 2015م عن الاحتياطي النقدي والإنفاق العسكري للمملكة، إلى أن الاحتياطي النقدي للبلاد وصل إلى 502 مليار دولار بعد الحرب، بعد أن كان 732 مليار دولار، بينما بلغ الإنفاق العسكري بعد حرب اليمن 80 مليار دولار، بعد أن كان 68 مليار دولار، لتكون بذلك السعودية الثالثة عالميًا بعد أمريكا والصين في الإنفاق العسكري.
السعودية كانت قبل عدوانها على اليمن دولة دائنة وتقدم الأموال الضخمة على شكل ديون لكثير من بلدان العالم لكن المعادلة اختلفت تماما بعد فترة وجيزة من العدوان الذي يعيش اليوم عامه السادس، ويؤكد خبراء اقتصاد دوليون أن السعودية أصبحت اليوم اضعف بكثير مما كانت عليه قبل العام 2015م وبسبب تكاليف العدوان وتداعياته الكبيرة صارت مضطرة على استدانة مبالغ ضخمة – على مراحل – لتغطية عجز موازنتها المترتب على نفقاتها العسكرية الهائلة التي باتت تثقل كاهل الاقتصاد السعودي الذي بات يواجه تحديات ومخاطر لاحصر لها
هل آن ذبح البقرة الحلوب؟
• في لقاء سابق قال ترامب إن البقرة الحلوب التي تدر ذهبا قد جف ضرعها، والبقرة التي يجف ضرعها على صاحبها ذبحها، وهكذا قررت الإدارة الأمريكية الجديدة، أي إدارة ترامب ذبحها والمقصود بالبقرة الحلوب الممالك المتربعة على صحراء الجزيرة العربية ، وعلى رأسها السعودية والإمارات، الاقتصاد السعودي اصبح اليوم مرتكزا على القروض فبعد سنوات قليلة من مغامرة ابن سلمان في عدوانه على اليمن اصبح الاقتصاد الأكبر يترنح أمام تحديات وصدمات لا تنتهي، وتشير تقارير اقتصادية إلى أن أحد القروض التي حصلت عليها السعودية كان لحساب صندوق الاستثمارات العامة السيادي بمبلغ 11 مليار دولار، أقرضه تحالف بنكي أمريكي بريطاني عالمي، وحسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية فإن السعودية استدانت منذ تراجع أسعار النفط في 2014م ما يصل إلى 100 مليار دولار، لتمويل جزء من عجز موازنتها الذي بلغ 260 مليار دولار في السنوات اللاحقة.
وكانت السعودية تخطط للوصول بمديونيتها مع نهاية 2019م إلى 181 مليار دولار، أي ما يساوي 21.7 % من الناتج المحلي وكانت تعوّل كثيرًا على طرح جزءٍ كبيرٍ من أسهم شركة أرامكو النفطية المملوكة للدولة في بورصة نيويورك، لتحصيل مبلغ مالي ضخم يساعدها على تسديد جزء من ديونها وتمويل احتياجات تنفيذ ما تسمى رؤية 2030م، لكن المخاوف من مصادرة أموالها في أمريكا بسبب قانون جاستا الذي استصدره المشرعون الأمريكيون والذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات سبتمبر بمقاضاة دول متهمة برعاية الإرهاب وإجبارها على دفع تعويضات ضخمة لهم، وهناك بالفعل دعاوى كثيرة مفتوحة لهؤلاء الأهالي، مما قد يعرض السعودية لخسارة جزء من نصيبها في الشركة من خلال الأموال المتحصلة من بيع أسهمها، بالإضافة إلى موجة الانتقادات التي تزايدت في أوساط الرأي العام المحلي من جراء بيع جزء كبير من أسهم شركة وطنية مهمة كشركة أرامكو، كل ذلك دفع الحكومة السعودية إلى تأجيل عملية البيع وربما إلغائها.
وفي أغسطس 2018م أعلنت وزارة المالية السعودية ارتفاع حجم الدين الداخلي والخارجي بنسبة تعدت 21 % إلى 146.6 مليار دولار، وهو ما عده خبراء اقتصاديون مؤشرًا سلبيًا عن الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد في السنوات الأخيرة.
وفي العام الماضي نقلت وكالتا الأناضول ورويترز عن مكتب إدارة الدين العام التابع لوزارة المالية السعودية أن المملكة تخطط لإصدار أدوات دين بقيمة 31.5 مليار دولار للمساعدة في تمويل عجز الموازنة العامة، وكما أوضحت الوكالة فإنه مع حلول نهاية 2018م بلغ حجم الدين للمملكة 150 مليار دولار، وبررت الرياض استراتيجية اقتراضها الخارجية بأنها تتمحور حول تمكين المملكة من اقتراض معظم احتياجاتها التمويلية خلال الربع الأول، وذلك لتخفيف الانتشار على مخاطر السوق وإتاحة المجال للجهات الحكومية والقطاع العام لاختيار الوقت المناسب لإصداراتهم الخارجية، حيث كانت السعودية تخطط للوصول بمديونيتها مع نهاية 2019م إلى 181 مليار دولار، أي ما يساوي 21.7 % من الناتج المحلي.
وعلى ذات الصعيد، وحسب موقع «دوتش فيله» الألماني نقلًا عن شبكة بلومبرغ الإخبارية الأمريكية، فإن السعودية ومصر تصدرتا مؤشر البؤس الاقتصادي، حيث احتلت مصر المرتبة الرابعة، بينما تراجعت السعودية إلى المرتبة العاشرة ضمن 66 دولة أخرى، بسبب عوامل اقتصادية عاشتها، من أبرزها العدوان وتكاليفه إلى جانب التضخم بسبب انكماش أسعار النفط .
كما أن حملات الملاحقة والاعتقالات التي أطلقتها السلطات السعودية على رجال أعمال سعوديين وأمراء عام 2017م، من بينهم الملياردير الشهير الأمير الوليد بن طلال، بدعوى محاربة الفساد، وأجبرتهم على تسليم أموالهم وأصولهم للدولة مقابل إطلاق سراحهم، فيما أطلق عليه لاحقًا «اعتقالات فندق الريتز»، دفعت كثيرًا من رؤوس الأموال من سعوديين وأجانب للهرب بأموالهم، كما نبّهت من كان يفكر بالقدوم إلى السعودية للاستثمار إلى التفكير مرة أخرى بسبب المخاوف من ممارسات مشابهة قد تطالهم.
وبذلك فإن البقرة الحلوب باتت تعيش بداية سنوات العجاف ، بينما يجلس الراعي الأمريكي منتظرا منها المزيد من الحليب والخدمات، ملوحا بسكينه لذبحها متى ما جفت الضروع من اللبن.