كربلاء قبلة الثائرين
سعاد الشامي
الحرية لا تعيش تحت رحمة الظالمين ، لا بد أن يكون لها رجالٌ مميزون يمتهنون منازلة الطغاة، لهم إرادة جامحة تفكك طلاسم الذل وتتخلص من آثاره المهينة؛ ومشاعر ثائرة ترتقي إلى قداسة التضحيات ولا تحتاج في مشوارها إلى تقنيات متقدمة من أساليب النفاق والابتزاز والعمالة وحب المال والسلطة… ما دامت هنا بصدد توثيق المبادئ السامية للثورات التحررية وتصديرها إلى كل الشرفاء في كل زمان ومكان.
فالأحداث المترافقة مع الواقع المعاش في سائر الأزمنة هي التي تميز نوعية البشر وتبرز جواهر القلوب العابقة بأنفاس الحرية، وتعري جسد الأرواح المنكسرة والملتحفة بوشاح المهانة والخنوع والانحطاط.
والإمام الحسين بن علي سيد شباب الجنة وسبط رسول الله وابن فاطمة الزهراء وعلي المرتضى صلوات ربي عليهم أجمعين ، فقد أخذ جرعة الحرية واحتساها مع أول قطرة حليب من ثدي أمه الطاهرة المطهرة سيدة النساء وأولى الثائرات في وجه الضلال والانحراف الديني.
الإمام الحسين عليه السلام الذي ترعرع وكبر بكنف النبوة وأرتوى من منابع الهدي الإلهي، وتشرب من مناهل الرسالة المحمدية والتي ما أنزلها الله إلا رحمة بالعباد لتحررهم من قيود الشرك الاستبدادي وويلات الاستكبار الجاهلي لتضمن لهم الحياة الكريمة والعادلة على مقاييس العزة والإباء ومبادئ الحرية والكرامة، وتؤسس أركان المواجهة والتصدي لكل قوى الباطل والضلال في كل مكان وزمان.
فما كان لشخص مثل الإمام الحسين بن علي عليهما السلام بمؤهله الإيماني وفكره الثوري أن يسكت وهو يرى الضلال الديني الذي تبناه بنو أميه والمنبثق من صدر الانحراف المأساوي يمارس سلوكياته الإجرامية وبتلك الوقاحة في واقع المسلمين ولا يهب ويسعى إلى نصرة المستضعفين مهما كان حجم التضحيات التي سيقدمها في مواجهة أرباب الضلال وعتاولة الفساد وسادة الشهوات وسماسرة الدين وعشاق السلطة.
هذه هي كربلاء الاسم الضارب في جذور شجرة الحرية الشامخة. وهذا هو الإمام الحسين الشاب الحر الثائر ذو الشأن الكبير إسلامياً وعالمياً؛ والذي نجح عليه السلام في جعل ثورته الخالدة أكاديمية نموذجية ونوعية تقدم أعظم دروس الحرية والتضحية والإباء، والتي ما زال يتخرج منها عمالقة الأحرار وقادة الثوار على مر التاريخ وإلى يومنا هذا.
فهل تعتقدون اليوم بأن الثائر اليمني الحسيني في وجه عدوانكم قد يفكر بالخضوع أو الاستسلام ؟!
لا والذي ذرى حب الحسين في قلوب الثائرين لن تجدونا إلا أحراراً صامدين. نصرخ في وجه إجرامكم «هيهات منا الذلة».