النكتة الرياضية .. كلاسيكو ساخن

 

محمد العزيزي

أخذت النكتة السياسية في فترة زمنية ليست بعيدة انتشارا واسعا ولاقت رواجا واستحسان عامة الناس، وصار الجميع يرددها عند كل حدث أو موقف من المواقف التي تستحضر تلك النكتة والجميع يضحك ويستمتع بالطرفة، وطبعا لا تؤدي تلك النكتة لأي مشاحنات أو عداوات ونتائج سلبية تكون النكتة سببا في حدوث خلافات وفعل وردة فعل مضاد وما إلى ذلك من المواقف والصراعات والأحقاد.
قبل أسبوع تقريبا حضرت النكتة الرياضية وبقوة وربما بشكل واسع النطاق ، فقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بها وبشكل غير مسبوق لا يتوقعه أحد، حتى وصلت حد إنتاج الفيديوهات والصور المتحركة والثابتة وكل ما توفر وأمكن من التكنولوجيا بحماس عجيب.
الحدث ومصدر النكتة الرياضية كان نتيجة مباراة برشلونة الإسباني مع الباير ميونيخ الألماني في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا والتي انتهت بنتيجة ثقيلة فاز فيها الباير بـ8 أهداف مقابل هدفين لبرشلونة ، فتحولت هذه النتيجة إلى حالة صخب وضجيج ونكتة وسخرية وشماتة وتشف من جماهير وخصوم نادي برشلونة ومشجعيه على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي وبشكل غير معهود في تاريخ الرياضة.
حملة التغريدات الساخرة وتزايد النكتة وأيضا مصادفتي لكثير مما أنتج على الشبكة العنكبوتية عن تلك النتيجة المدوية التي خرج بها نادي برشلونة مهزوما بالثمانية ، والرسائل التي وصلتني عبر التلفون المحمول والتعليقات على الواتس والفيس بوك تلك الضجة المزلزلة هي بصراحة منعتني من كتابة عمود الأحد الماضي عن تلك النتيجة التي كانت محل صد ومانع حقيقي خاصة وأن حملة السخط حامي الوطيس ، وحالة الهيجان الصاخب والساخر من نادي برشلونة ولاعبه المميز ليونيل ميسي على أشدها وحالة الصدمة التي انتابت جماهير ومحبي ومشجعي النادي الكتالوني برشلونة -وأنا واحد من هؤلاء- ما يزال وقعها حاضرا وكذا استغراب الجميع من المستوى الهزيل لناد عريق له سمعته الرياضية ويملك نخبة من أفضل نجوم العالم، أن يهزم بتلك الطريقة وبذلك العدد من الأهداف في مباراة تعد مصيرية.
حقيقة كمية ” الزبج” والنكتة التي تصدرت منصات التواصل الاجتماعي كانت كمية رهيبة وكبيرة وهي منطقية في نفس الوقت نتيجة الهزيمة الثقيلة والأهداف التي تلقاها البرسا ، وبالمقابل عبَّرت عن ازدياد هيجان المتشفين والساخرين وتنوع النكتة وصيغها وقوالبها ، وفنونها ، وكان عشاق وجماهير البرشا هدفا لهذه النكتة الساخرة وكأنها الحرب.
التعصب الرياضي الذي أظهره السيل الهادر للنكتة والتعليقات أثناء الأهداف الأولى وبعد انتهاء المباراة يؤكد حالة التعصب والتشفي غير المعهود عند الرياضيين ضد خصومهم ، وكانت شماتة الرياليين بالرشلونيين تعبيراً واضحاً عن مدى الثائر والحقد والبغض الذي يكنه كل جمهور للجمهور الخصم أو الغريم التقليدي لدى الطرفين حتى وإن لم تكن المواجهة بينهما كخصمين.
الهجوم الكاسح الذي استخدمه جمهور الريال في العالم ضد جمهور البرشا أيقنت في بداية الأمر أنه قد يؤدي إلى حوادث وصدامات واعتداءات وحالات قتل ، وممكن أيضا أن ينتج عنه حرب عالمية ليس في إسبانيا ولكن بين جمهور ومشجعي الناديين ريال مدريد وبرشلونة على مستوى العالم وأكد لي أيضا أن الحرب أقوى لدى الجمهور العربي المتشنج والمتعصب أكثر من غيره في البلدان الأخرى والدليل ذلك السيل الجارف من التعليقات التي استمرت لمدة أسبوعين وما تزال ، أيضا حالة الذل والهوان والهدوء والصمت الذي غشي جمهور البرشا خجلا من النتيجة واختفائهم عن منصات التواصل الاجتماعي في مواجهة الفشرة والغرور الذي ضرب الرياليين والتي أدت إلى ازدياد حالة الضراوه وشراسة الهجوم الساخر على جمهور برشلونة.
الخلاصة أن ما حصل من فكاهة ونكتة وتعليقات ساخرة كانت في اعتقادي الشخصي هي الأكبر على مدى تاريخ الرياضة ؛ وكلاسيكو ساخن بين جمهور الريال والبرشا ، كما أنها أكدت أن التعصب الرياضي قائم وبشكل أعنف وقوي خصوصا مع التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي ، وهذا يجعلنا نستنتج ونتوقف أمام هذا التطور لدى عشاق الرياضة ، ويجعلنا نسأل: هل تكون هذه الموجه والعاصفة من التعليقات الساخرة مؤشراً وسبباً في صراعات وحروب مثلا ؟ وتكون الرياضة بحضور هذا التعصب منطلقاً لأزمات سياسية ومواجهات عسكرية بين بلد وآخر أو بين الجماهير العاشقة والمحبة لأنديتها الرياضية ، ويكون الدافع لها أو ينتجها التعصب الرياضي وهيجان المتشفين والساخرين ، وأن ما حصل في الأسبوعين الماضيين بعد النتيجة البرشلونية المجلجلة مؤشر لذلك .. ربما!.

قد يعجبك ايضا