قدم الشهداء أرواحهم من أجل عزة الوطن ومن حقهم علينا الالتفات إلى أسرهم بعين الرعاية والاهتمام
أسر الشهداء في العيد.. فرحة عيدية بحجم الانتصار وغصة لغائب لن يعود!!
تقف الكلمات عاجزة والسطور خجولة يخونها التعبير كلما حاولت الكتابة عن تلك الأرواح الطاهرة التي رحلت والأجساد التي توسدت التراب، أولئك الأحياء عند ربهم وفي قلوبنا وفي ذاكرة المكان يهلك أنفاسنا حنين ملامحم، أصواتهم ثيابهم وعطورهم وكل شيء فيهم، يأتي العيد وأسر الشهداء كل صباح ومساء تقف أمام صور أبنائها الشهداء لقراءة الفاتحة ترافقها دموع لغائب لن يعود وحال لسانها يقول “حسبنا أن دماء أبنائنا الشهداء لم تذهب هدراً”
الثورة / أسماء البزاز
آلاف العائلات اليمنية عاشت أيام العيد بمشاعر امتزجت بالحزن لفراق أبنائها، مع الفرح والفخر والاعتزاز لنيل أبنائها فخر الاصطفاء بالشهادة، والدة الشهيد بشير عبدالله الأمير الكبسي واحدة من آلاف الأمهات اللائي فارقن فلذات أكبادهن شهداء عظماء، تتساءل: كيف سنستقبل عيد الأضحى بدونك يابشير الخير والنصر؟
ثم تكمل حديثها وهي تمنع عينيها من ذرف الدموع فتقول: سنتجاوز ألم الفراق في هذه الدنيا بعون الله، وبثقتنا بكلام الله ووعده، القائل في محكم آياته: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، فمن منطلق ثقتنا بالله سنتجاوز ألم فرقة الدنيا، واستقبلنا عيد الأضحى المبارك بروحية عالية بما أنه من شعائر الله، وباستشعار أن روح الشهيد معنا، ولن يرضيه إلا أن نكون سعداء ومنطلقين في سبيل الله ماضين على درب الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ونسأل الله أن يثبتنا علي نفس خطاهم ونهجهم وأن نلتقي بهم في جنة الخلود.
مصاف الشهداء
فيما تقول زوجة الشهيد بشير الكبسي : في هذه المناسبة العيدية العظيمة تعصف بي الذكريات كل حين إلى زوجي بشير وإلى عاداته الجميلة في العيد .. أحاول اليوم رغم حزن الفراق أن أتماسك ولكني أشتاق إليه كثيراً، وكأن جزءاً مني ذهب، ولكني أقول الحمدلله أن اصطفى زوجي شهيدا وجعله في مصاف الشهداء معززاً مكرماً أتباهى به وأفتخر .
وأضافت: أحب في هذا العيد أن أنقل كل التهاني والتبريكات له ولكل رفاقه سفراء الوطن وشهدائه الكرام الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة لنحيا ويحيا الوطن بعزة وكرامة، لن ننساهم أبداً ولن ينساهم التاريخ .
وختمت حديثها بالقول : حسبي أننا نحتسبه شهيداً مدافعا عن الأمة الإسلامية بأكملها ونعاهده بأن نسير على خطاه ونهجه، والملتقى بإذن الله في جنة الخلود.
عيد الشهادة
من جانبها أوضحت أم الشهيد أسامة زيد عبدالله عامر أن العيد يحمل معاني عدة تمتزج بين الفرح ودموع الشوق للشهيد .
مستذكرة محطات من حياة الشهيد في العيد وحرصه على زيارة أرحامه والإحسان لأقاربه والوقوف مع المظلوم، والعطاء والبذل في سبيل الله والوطن مشاركا في مختلف جبهات العزة والكرامة ضد العدوان.
وتقول : الحمدلله الذي اصطفى ابني لنيل الشهادة التي هي بالنسبة له أكبر عيد وأمنية كان يتمناها وعلى دربه سار أخوه وزوجي وفازوا بلقب الشهادة، مضيفة : وعلى دربه سنمضي ونجعل العيد عيدين ان شاء الله بالنصر على الأعداء وإعلاء كلمة الحق ولو كره المنافقون .
جزاء الإحسان
الناشطة رقية الشامي تحدثت عن الدور المجتمعي تجاه أسر الشهداء في هذه الأيام العيدية المباركة على حد الخصوص قائلة : الشهيد هو من بذل روحه الغالية دفاعا عن الدين والأرض والعرض وهو يعلم أن خلفه زوجة وأطفالا صغارا يحتاجون للرعاية والعناية إلا أنه لم يتخذهم كمبرر للقعود كما فعل الكثيرون غيره وامتثل لقول الله عزوجل ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَـمُونَ ) فصدق وعده مع الباري وصدقه الله عزوجل فاصطفاه.
وأوضحت إن من واجب الدولة والناس وكل من يجني ثمار العزة والكرامة التي بذل لأجلها الشهيد روحه أن يلتفت التفاتة صادقة لأبناء الشهداء وأسرهم وان لا تكون هذه الالتفاتة مقتصرة على مواسم كشهر رمضان المبارك أو الأعياد بل يجب أن نعتبرهم جزءاً منا وان نتعاهدهم باستمرار وان نجعل رعايتنا لهم وسؤالنا عن حالهم وتعويضهم عن جزء يسير من حنان الأب الذي فقدوه صلة ووسيلة نتوسل بها إلى الله عز وجل ليجمعنا بالشهداء الأطهار في نعيمه المقيم في دار السعادة الأبدية
أما المتخاذلون والمقصرون وغير المهتمين وبعض الذين يعتبرون انفسهم أذكياء لانهم احتفظوا بما يملكون لأنفسهم وأولادهم وتجاهلوا أيتام وأرامل الشهداء فليعلموا أن كل نفس بما كسبت رهينة وان عطاء الشهداء لا يقابله عطاء واننا مهما بذلنا لأيتامهم فلن نوفي الشهيد ولو جزءاً يسيراً مما منحنا إياه.
وقالت الشامي : لولا تضحيات الشهداء وعطاؤهم ودماؤهم الطاهرة لتمكن أعداء الله من الدخول إلى كل بيت من بيوتنا ولسلبونا ما نحرص عليه من مال وراحة ومكانة.
فالله الله في انفسنا وفي أيتام الشهداء في كل أيام السنة في صحتهم ومرضهم ودراستهم.. الله الله في رعايتهم والسؤال عنهم والإحسان اليهم.
وأضافت: يجب الإشارة إلى أننا نحن من نحتاج لهذه الرعاية والاهتمام اكثر منهم لتزكو انفسنا ولتتطهر من حطام الدنيا ولتكن اذا كفلت يتيما بجوار النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله وبجوار شهدائنا الأطهار سلام الله عليهم.
أولى بالعطاء
وأما الناشطة الحقوقية والإعلامية أمة الملك الخاشب فتقول : مسؤولية رعاية اسر الشهداء والالتفات لحاجتهم في هذه الأيام المباركة هي مسؤولية المجتمع كاملة. هي مسؤولية كل ميسور، في كل حارة أن يتفقد أسر الشهداء الذين تركهم الشهداء أمانة في أعناقنا جميعا وذهبوا ليقدموا أنفسهم في سبيل الله دفاعا عن كرامتنا وعن عزتنا وعن سيادتنا وعن استقلال بلدنا.
وقالت الخاشب : تمر هذه الأعياد والتي هي من شعائر الله وتزداد أوجاع هذه الأسر المكلومة وهي تتذكر فقد من كانوا يعولونها وتتذكر أبناءها وهنا على الحكومة الرسمية في صنعاء أن تضاعف جهودها في الاهتمام بهذه الأسر المكلومة الموجوعة والتي تنتظر أية مواساة من الجهات المعنية.
مبينة أنه وللأسف بعض الجهات الحكومية تعتبر أن المؤسسات الخاصة التابعة لأنصار الله مثل مؤسسة الشهداء ومؤسسة الجرحى ولجنة الأسرى هي المعنية بهؤلاء فقط وقد تتقاعس الحكومة عن ذكر أيتام الشهداء، والمرابطين والجرحى. وهذا ما أحب أن أؤكد عليه من هذا المنبر الحر عبر صحيفة “الثورة”- صوت كل اليمنيين- وأنه لا بد من تنفيذ توجيهات القيادة التي توجه وتحث على الاهتمام بأسر الشهداء، وعلى إكرامهم من الجميع دون استثناء.
الدولة والمجتمع
العلامة حسين السراجي يقول من جانبه : لقد مثل العيد فرصة للمحسنين لممارسة دورهم الإنساني، ففيه تفتحت شهية المحسنين الباذلين (( لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ )) الحج 28 (( فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا القانِعَ وَالمُعتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرناها لَكُم لَعَلَّكُم تَشكُرونَ )) الحج 36 .
وأضاف : في عيد الأضحى على وجه الخصوص حيث العيد الأكبر والأضاحي تجد اليمنيين يجودون وهم أجود الشعوب بذلاً وعطاءً وسخاءً فليس هناك أجود منهم بين شعوب الأرض قاطبة، يدرك ذلك من طاف الدول ومن زار اليمن، من أكبر المهام التي يجب أن تضطلع بها الدولة ويساندها المجتمع التوجه نحو أبناء الشهداء فهم أصحاب الفضل واليقين والتضحية ولأبنائهم كل الحق في الرعاية والاهتمام بهم .
وأردف : لن أتحدث عن لحوم وكسوة فقط فتلك بديهيات وقد يقوم بها الحراك التعاوني التكافلي الاجتماعي كميزة لليمنيين دون غيرهم وإنما الواجب على الدولة مغادرة عمل الأشياء البسيطة التي تقوم بها عدد من الجمعيات .
وأوضح السراجي أن تحرك الدولة نحو الشهداء في العيد يجب أن يرقى للاهتمام بمعناه الحقيقي من خلال منحهم أراضي وبناء مدن سكنية وتسهيل تمويلات ميسرة كواقع عملي فذلك أقل ما يجب القيام به.