ولهذا مُنِع الحجّ
أشواق مهدي دومان
كلّ عام و(تنومة) تتكرّر في حجّاج اليمن المتعلّقة أرواحهم بالبيت العتيق والمقام ويثرب التي تشرّفوا فيها باستقبال البدر الطّالع عليهم من ثنيّات الوداع..
أهل اليمن الذين ذُبِح منهم وقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف حاج في 1923م على يد بني سعود في جريمة غيَّبها النّظام السّعودي القائم على قطع الطّرق وسفك الدّماء، ولا تزال مشاهدها عالقة في الذّهن اليمني رغم محاولات طمسها ومحوها، فهناك قد حبكت سلطات بني الأعور الدّجال مجزرة لإخافة اليمانيين وصدهم عن الحج في العام المقبل، والقارئ لأحداث الحجّ كلّ عام سيرى أنّ نظام بني سعود يدبّر كلّ عام حادثة للحاجّ اليمني لترعبه وتبعده عن مشاعره المقدّسة، والتي هي مشاعر كلّ الإسلام والمسلمين، ولكنّ تميّز وتفرّد أهل اليمن بكونهم من لبوا دعوة محمّد بن عبداللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بلين فؤاد ورقّة قلب وحكمة وإيمان يمان، وزادت مصيبة بني الأعور الدّجّال أنّ اليمن جارتهم، بل إنّ الركن في تلك الكعبة المشرفة مكتوب باسمهم : الركن اليماني، أمّا الحوادث التي كان يحيكها نظام المسوخ الدّجالين لهي دليل عقدة مزمنة لنظامهم، ودليل موقف مسبق وتاريخي مع الإسلام نفسه ومع الإيمان والحكمة ما يؤكد يهودتهم وصهينتهم وأمركتهم التي لأجلها قاموا بطمس معالم وآثار بيت النبوّة بمبرّر توسيع الحرم، ليقتلعوا جذور وتاريخ محمّد وآله وأزواجه وأصحابه وقد حوّلوها إلى حمامات عامّة، والعام الماضي رأينا غار حراء مرتعا وملعبا للقرود في عملية ممنهجة ومنظمة، إذ ليست تلك الحوادث ( للحجاج بشكل عام ولليمنيين بشكل خاص ) محض صدف وهي المتناغمة مع هدم بيوت الرّسول الأعظم والمتناغمة اليوم مع نبرة :”حجّ ممنوع ” بمبرّر ( كورونا) الذي هو جنديهم الكافر، والذي لا يعشق سوى المصلين والحجّاج وأمّا من جاء راقصا فلا كورونا ولا منع عن ارتياد المراقص فأولئك قد حرّزهم بنوسعوإمارات، ولهم أن يتجمّعوا حول الرّاقصات ،فكورونا لا يترصّد ولا يتقصّد إلّا الطائفين والعاكفين والرّكع السّجود، وهؤلاء الحجّاج هم المعنيون بمطاردة كورونا لهم، لأنهم هم من يقيم مهرجان الوحدة الإسلامية الأعظم، الذي يتمثّل في شعيرة وركن الإسلام الحجّ.
نعم : لهذا منعوا الحجّ لأنّه يمثّل أكبر مهرجان للوحدة الإسلامية وفي كلّ منسك وحركة وخطوة يعني الالتزام والإسلام والاستسلام للّه وحده لا شريك له حتّى في التّعبّد اللفظي : ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك).
نعم : الوحدة والاعتصام بحبل اللّه يرعبهم في مشهد الحجّ، فقلوب وأرواح وألسن وأجناس وألوان وجنسيات كلّها تذوب عشقا للّه وتلبية له بصوت واحد في مكان واحد وزمان واحد، في حين أنّ كلّ أركان الإسلام تمثّل الوحدة الإسلامية لكن ليس كما الحجّ، فالصلاة توحِّد المسلمين ولكن أوقاتها وأذانها المرفوع يختلف باختلاف الشروق والغروب، والصيام مكتوب ولكن كلّ يصوم في بلده، والزكاة مدفوعة (على حسب هوى حاكم تلك البلدة) وإن كانت لكن كلّ في وطنه، ويبقى الحجّ هو الركن الأشد إيلاما للصهيونية العالمية واليهودية المحرّفة الرّعناء، لأنّ الوحدة فيه تتحقّق بين المسلمين أرواحا وأجسادا ونداءات وتكبيرات، بمعنى وحدة عقيدة وسلوك، ولغة وصوت ومشاعر، فالطّواف جماعي والصلاة جماعية والنحر أيام التّشريق جماعي والسعي بين الصفا والمروة جماعي وحتى رمي الجمرات ورمي الشيطان جماعي، إذ لا يمكن أن يحجّ البيت فرد واحد كلّ عام بل قد يصل الحجّاج (عددا) من كلّ أصقاع المعمورة إلى أربعة ملايين في العام الواحد وكلّهم على قلب رجل واحد في مشهد مرعب لعدو اللّه الشيطان الأكبر وربيبته إسرائيل، ولهذا جاءت أوامر الشيطان الأكبر أن يُمنع الحجّ، ويُعطّل أقوى ركن يتمثّل في الاعتصام بحبل اللّه، وهو الرّكن الخامس من أركان الإسلام في عملية ممنهجة وممنتجة بعد محاصرة الشهادتين 🙁 أشهد أن لا إله إلّا اللّه، واشهد أن محمّدا رسول اللّه) في شعار القاعدة وداعش حيث أُفرِغت الشهادتان هناك حين يتم قتل النفس البشرية دون وجه حق، وحين يتم نحر الإنسان بمبرر أنه شيعي ورافضي ومجوسي وكافر، فبقيت تكبيرات وشهادتا الوهابيّة والإخوانجية رمزا للتّكفير والتّفجير والسّحل والنّحر وذبح البشر باسم الإسلام البريء منهم، أمّا بقية شعائر اللّه، فالزكاة معطلة منذ يومها الأول عند خونة الحرمين الشريفين، فهي لا تعطى لفقراء المسلمين، بل تمنح للمستعمرين والمطبعين مع إسرائيل، وأمّا كورونا فقد كان جنديهم لتفريغ بقية شعائر الله والاستهانة بها، فالصلاة منعت في المساجد، والصّوم أفتى شيوخ الوهابيّة وبعض الأزهريين بإمكانية إفطار شهر رمضان حتى لا تجفّ الحلاقم نتيجة كورونا.
فماذا بعد يا بني الاسلام من دليل يخبركم أنكم لو لم تعلنوا براءتكم من بني سعود وما يفعلون فأنتم مشاركون بحيادكم وصمتكم لمن يسلخكم عن هويتكم الإسلامية؟، نعم النظام السعودي ومعه الإماراتي يعطلان شعائر الإسلام امتثالا لأوامر الصهيونية التي تخشى تلك الأمواج الهادرة من البشر فيما لو توجهت مباشرة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فحرّرته وأنهت حلم إسرائيل الذي يحاولون تحقيقه بالتطبع والتطبيع معها وردّ بوصلة العداء لمن بقي على ملة إبراهيم حنيفا مسلما..
أوليس الحجّ مدرسة الإيمان الذي بنى قواعدها خليل الله (إبراهيم) وابنه ذبيح اللّه (إسماعيل) العربي الذي هوجدّ سيدنا محمّد (عليهم الصلاة والسلام جميعا)؟
أوليست العقيدة الإسلامية سلسلة ممتدة بين الانبياء والرّسل والذين هم علاقة الأرض بالسماء؟؟
إذن لهذا منعوا الحجّ لأنه مدرسة عنوانها القوة والتمكين ..لأنّه تاريخ الأنبياء ورسالات السّماء، ولأنّه ثقافة وفلسفة: ” واعتصموا ” بينما ثقافتهم ضدّية معادية للإسلام، ثقافتهم بريطانية أمريكية إسرائيلية تسعى لمحو :”واعتصموا ” لتحلّ محلّها: تشتّتوا، تمزّقوا وشعارها : ” فرّق تسُد “، والسّلام.