اتفاق! أم تحسين صورة مشوهة ؟؟
دينا الرميمة
للمرة الثانية “اتفاق” تقول الرياض أنها أبرمته كحل يجمع بين عملائها المتقاتلين على أرض الجنوب بعد فشل الاتفاق الأول الذي أعلن قبل ثمانية أشهر ولم يثمر إلا مزيداً من الصراع والاقتتال وأنتج كثيراً من الناقمين عليها ممن لم يرق لهم من أتباع هادي واعتبروه تكريماً للمتمردين!
وفعلاً فقد أعقبه تمرد أقوى من الأول من قبل مليشيات الانتقالي أيادي الإمارات في الجنوب بعد إعلان انسحابها منه، إذ أعلن المجلس الانتقالي ما وصفها بـ” الإدارة الذاتية” على مناطق سيطرته في عدن وسقطرى بالتزامن مع أعمال تخريبية وغياب للأمن في عدن ونهب العملة المطبوعة قبل وصولها إلى البنك.
وبعد تعالي أصوات التابعين لحكومة هادي باتهامات للسعودية بالرضى التام عما يقوم به اتباع الإمارات من انتزاع حقوقهم ورتبهم الممنوحة لهم كشركاء في حكومة هادي التي جاءت السعودية والإمارات لاستعادتها فهوت بها إلى قعر فنادقها كأسماء على أوراق ولا وجود لهم في عاصمة مؤقتة تحولت إلى أرض محرمة عليهم وباتت عاصمة الخوف والقتل والصراعات الكبيرة بين نخب ومليشيات كل فئة تقاتل لصالح من يمولها ويتكفل بتسليحها في مشروع بات مكشوفاً للعالم بأنه تمزيق الجنوب واحتلاله وتقاسمه بين الإمارات التي تطمع في موانئه وجزره والسعودية الطامعة في أنابيب نفط شبوة وحضرموت والمهرة!
وكترميم لهذه الصورة المشوهة التي انتجتها الصراعات والاقتتال بين أتباعها ،مرة أخرى تقوم السعودية بعقد اجتماع بين المتخاصمين والذين حضروا من دول شتى للالتقاء برئيس لطالما ظنوه ميتاً لطول فترة غيابه في منفاه فجاء هذا الاتفاق ليطمئنهم بأنه مازال حياً يرزق من الخزينة السعودية على حساب شعب يقتل ويحاصر ويذوق الويل والثبور حتى يبقى هادي في منصب تديره الرياض!!
تمخض هذا الاتفاق عن حكومة جديدة وليدة انقلابات متكررة قوامها أربعة وعشرون وزيراً من الطرفين (مليشيات هادي ومليشيات الانتقالي) ومحافظ لعدن محسوب على الانتقالي ومدير أمن لها من مليشيات هادي ، ونائباً رئيس من الطرفين!!
لا ندري ما عواقب هذا الاتفاق من أحداث قد تكون أشد من عواقب الاتفاق الأول خاصة أن الكثير بات يلعن السعودية والإمارات ويتهمهما صراحة بأنهما جاءتا كمحتلتين خاصة بعد الاقتتال الذي حصل في سقطرى وأيضاً في المهرة وهما المحافظتان اللتان لا تواجد فيهما لأنصار الله!!
السعودية وبسياساتها الغبية تكرر المكرر من الفشل وسوء الإدارة في الجنوب كما هي فاشلة في إدارة مملكتها التي أودت بها للدخول في حروب استنزاف على رأسها حربها في اليمن وحرب النفط التي أقحمت نفسها فيها مقامرة مع روسيا وأيضاً اعتقال المعارضين لها من أمراء البلاط الملكي والذين أغلبهم رجال أعمال وأصحاب ثروات طائلة ما جعلها اليوم تئن وتعاني من أزمة اقتصادية خانقة يدفع ضريبتها المواطن السعودي الذي حرم مؤخراً من حقه في بدل غلاء المعيشة وإصدار قرار رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 10 % من ( 5 % إلى 15 %) كحلول للأزمة الاقتصادية!
بيد أن الجميع يرى أن لا حل لهذه الأزمة إلا باعتراف السعودية بخسارتها الفادحة وفشلها في حرب اليمن التي أنفقت عليها مليارات الدولارات واستنزفت خزينتها بعد أن كانت قبل أربعة أعوام غير مديونة وأصبحت الضربات اليمنية تستهدف محطات وأنابيب النفط رأس الاقتصاد السعودي ما أثر عليه بشكل كبير وتهاوت صادراتها من النفط إلى حد كبير!
لكن وبأسلوب المقامرة والنرجسية تأبى إلا مواصلة حماقتها وتلجأ لحلول غبية وسترى عواقب حماقتها خاصة وأن اليمنيين أعلنوا دخولهم في “مرحلة الوجع الكبير” في حال عدم قبول النظام السعودي للسلام وإصراره على الحرب.