جهل باليمن أم تجهيل ¿!! 

 مما لا جدال فيه أن العديد من الوسائل الإعلامية العربية والدولية قد أسهمت بقصد أو بدون قصد¡ وبجهل أو سوء نية¡ في إضفاء صورة مغلوطة عن الأوضاع في اليمن¡ وذلك حينما اختزلت الأوضاع في هذا البلد بثلاثة نتوءات قزمية هي: الإرهاب والتمرد الحوثي و”الحراك التخريبي”¡ مع أن الحقيقة التي يعلمها كل من سنحت له الفرصة بزيارة اليمن أن تلك النتوءات القزمية لا تشكل سوى نقطة سوداء لا يمكن رؤيتها في مساحة جغرافية تزيد عن نصف مليون كيلو متر مربع تنعم بالأمن والاستقرار والسلام والسكينة العامة وتزهو بحركة تنموية دؤوبة وتشهد كل يوم العشرات من الفعاليات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية.
 والسؤال: لمصلحة من ذلك التشويه المتعمد الذي تتعرض له صورة اليمن من قبل بعض وسائل الإعلام التي دأبت على محاولة تصوير هذا البلد وكأنه صار تحت رحمة تلك النتوءات الثلاثة أو أنه أصبح على حافة الانهيار¡ من خلال تضخيم وتهويل بعض الحوادث التي ترتكبها عناصر الإرهاب والتمرد والتخريب¿!!.. وهل من الأمانة والموضوعية أن يتم التغافل عن الوجه المشرق لهذا البلد وملامح بهائه العديدة والتركيز على ندبات صغيرة ومحدودة فيه¡ هي تحت السيطرة وتخضع لمباضع المعالجة ¿!!.
ومتى تعلم تلك الوسائل الإعلامية التي تذرف دموع التماسيح¡ على هذا البلد أن اليمن أنصع بياضا◌ٍ من تلك الصورة السوداوية التي تروج لها¡ وأن اليمن الذي تتحدث عنه بصيغة المضطرب أو المهزوز لا يمكن أن يكون هو نفسه اليمن المستقر والآمن الذي يعرفه الكثير من الأشقاء والأصدقاء وتتدفق إليه الوفود لعقد مؤتمراتها السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والمناشط والندوات والاجتماعات الإقليمية والقارية والدولية¡ فضلا◌ٍ عن أفواج السياحة التي لم تنقطع عنه رغم ذلك التهويل والتضخيم الإعلامي الهائج¿!!.
 ومتى يعي القائمون على هذه الوسائل الإعلامية أن الشعب اليمني الذي يصل تعداده إلى 25 مليون نسمة هو شعب حضاري بفطرته وقد سجل أنصع الصفحات المشرقة في تاريخ الإنسانية وشهد له النبي الأعظم بالحكمة والإيمان وكما شهد له القرآن الكريم بأنه أول من مارس على وجه الأرض مبدأ الشورى والديمقراطية¡ وهو ما تجلى كليا◌ٍ ذكره في أكثر من آية قرآنية¿!.
 فهل من المنطق والرصانة وأخلاقية المهنة الإعلامية أن يوصم شعب له هذا الإرث الحضاري الممتد حتى اليوم بسلوك مجموعة من الإرهابيين والمتطرفين الضالين الذين لم يكونوا في يوم من الأيام من نبته وإنما هم صنيعة حقبة الصراع الدولي إبان الحرب الباردة¿!… وهل من الحصافة والرشد أن يصبغ وجه اليمن وشعبه النقي والشريف¡ المعتدل في فكره والمتسامح في طبعه والوسطي في ثقافته¡ بغمامة التطرف المذموم والتعصب المسموم¡ أو أن تكال وتوجه إليه الت◌ْهم جزافا◌ٍ كحاضن للإرهاب وهو الذي حمل على عاتقه مواجهة هذه الآفة الخبيثة قبل أي طرف آخر وحذر منها في وقت مبكر سابق بكثير أحداث الحادي عشر من سبتمبر “أيلول” 2001م¿!!.
 وهل يدرك أولئك الذين يهولون من حجم وخطر عناصر الإرهاب في اليمن¡ أن تلك العناصر ليست سوى مجموعة منحرفة وشاذة ينبذها المجتمع اليمني وتلاحقها أجهزته الأمنية إلى جحورها والكهوف التي تختبئ فيها كالفئران¡ وأن مآلها السقوط في يد العدالة¿!.
 ألا يدرك هؤلاء أيضا◌ٍ أن اليمن ليس فقط مديرية حرف سفيان أو بعض أجزاء مديريات محافظة صعدة التي تتمترس فيها عناصر التمرد الحوثية وليس فقط ردفان أو الحبيلين التي تسعى بعض العناصر العابثة لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.. وأن من يتسكعون ويتاجرون ويتسولون باسم الشعب اليمني المكافح في بعض العواصم لا رابط ولا صلة لهم بهذا الشعب بعد أن لفظهم لخيانتهم مبادئه ونهبهم الكثير من مقدراته وممارستهم صنوف الظلم والسحل والقتل والتشريد بحق أبنائه¿!!.
 إن أي عاقل أو فطن لابد وأنه يشمئز من ذلك الطرح المستفز الذي يختزل صورة اليمن في “نتوءات قزمية” محكوم عليها سلفا◌ٍ بالسقوط فيما يتم تجاهل ما يكتنزه هذا البلد من صور مشرقة وهي كثيرة وتشكل المشهد العام بكل جوانبه.. بل والطامة الكبرى بعد كل ذلك هي تلك الاستدلالات العقيمة التي تلجأ إليها بعض الفضائيات والوسائل الإعلامية وهي تتحدث عن الأوضاع في اليمن.. وعلى نحو لا يجعلها تختلف في اعتساف الحق ومجافاة الحقيقة عن أسامة بن لادن أو “الظواهري” وهما ينزعان صفة الدين عن أمة الإسلام التي ترفض سلوك القاعدة الإرهابي وفكرها المتطرف.. ليصبح المسلمون في نظرهما موزعين بين علمانيين وملحدين أو كفار ومرتدين وزنادقة ومشركين.. وحقا◌ٍ فإن”شر البلية ما يضحك”!!.

قد يعجبك ايضا