لبنان.. لا خيار غير المصالحة الوطنية والحفاظ على مكاسب المقاومة

 

تقرير / مها موسى
تشهد الساحة اللبنانية منذ العام الماضي تظاهرات واعتصامات منددة بتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي انعكست بشكل كارثي على الوضع المعيشي للمواطنين، مما أعاد الأزمة اللبنانية إلى الواجهة بقوة بعد أن خفتت خلال الفترات الماضية، المظاهرات الواسعة امتدت إلى عدد من مناطق لبنان نتيجة تدهور الاقتصاد وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي.
وقد تجاوزت هذه المظاهرات الطابع السلمي بتحولها إلى قطع للشوارع واستخدام الإطارات المشتعلة والأحجار والعوائق المختلفة وصناديق النفايات الى غير ذلك من أعمال العنف التي تعمل القوى المعادية وخاصة الكيان الصهيوني وعملائه في المنطقة على تغذيتها ومحاولة استغلال معاناة الناس للأضرار بالمقاومة وزعزعة ثقة الناس فيها .
– إجراءات حكومية لحلحلة الأزمة
على إثر تلك المظاهرات ومظاهر العنف فيها، تحركت الحكومة وعقدت عدة اجتماعات ضمت قيادة البلد في رئاسة الجمهورية ومؤسستي البرلمان والحكومة لبحث التداعيات الأمنية للأزمة بعد التطورات التي حدثت ، وسبل حل الأزمة الاقتصادية .
وبعد نقاش مستفيض بين جميع الأطراف توصل الجميع الى حقيقة أن الاستقرار الأمني هو الشرط الأساسي للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي ، وأن التصدي للفتنة القائمة والشحن الطائفي مسؤولية جماعية .
الأزمة التي يمر بها لبنان ورغم أنها معقدة ومتفاقمة بفعل التدخل الخارجي إلا أنها كما -يقول خبراء ومراقبون – لن تتغلب على إرادة اللبنانيين وانحيازهم الكامل لخيار المقاومة والتصدي لكل المؤامرات الخارجية نظرا لإدراكهم العميق بحجم الاستهداف لتيار المقاومة الوطنية ممثلا في حزب الله وقيادته الحكيمة والقوية والتي اثبتت في كل المراحل بأنها الحصن المنيع لأمان واستقرار البلد واستقلاله الوطني، ولذلك بات لزاما على جميع الأطراف إعلاء المصلحة الوطنية المشتركة وتجاوز الانقسامات أمام المسائل الكيانية والوجودية المتعلقة بوحدة الوطن وأمنه واستقراره.
وبناء على ذلك، فان هناك حاجة ماسة إلى وقف جميع أنواع الحملات التحريضية التي من شأنها زعزعة الاستقرار الأمني وتهديد السلم الأهلي وأن حرية التعبير التي كفلها الدستور مشترطة بأن تمارس في حدود القانون الذي يجرم الشتيمة والتحقير والمس بالكرامات وسائر الحريات الشخصية .
مع ضرورة المضي -كما يؤكد على ذلك خبراء الاقتصاد- بالمضي قدماً في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية والمالية التي تبنتها الحكومة ومن أهمها إجراء الإصلاحات البنيوية في المالية العامة ومكافحة الفساد بشكل جذري)).
– أسباب انفجار الأزمة
إن أزمة الاقتصاد اللبناني ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكم عدد من العوامل التي أدت إلى هذا الانهيار وأهمها الدين الخارجي للبلاد الذي بلغ في نهاية العام 2019م 91 مليار دولار ، وأن السندات الحكومية تمثل عصب هذا الدين بنسبة تصل إلى 94 % وأن الفوائد السنوية التي يجب على لبنان دفعها لهذه المديونية تبلغ 5.51 مليار دولار مما يستنزف 44.2 % من الإيرادات العامة للدولة.
تزيد الأزمة توعكا مع مرور الوقت نتيجة السياسة المالية التي تتبعها لبنان منذ نظام الحريري الأب في تثبيت سعر الليرة ووضع سعر محدد لها بعيدا عن واقع الاقتصاد الفعلي للبنان، معتمدين على الودائع بالفائدة .
أيضا من أهم الأسباب التي فاقمت الوضع الاقتصادي الأزمة السورية وانعكاسها على القطاع السياحي في لبنان وهو من أهم القطاعات.
كما أن طبيعة الاقتصاد اللبناني القائم على شكل الاقتصاد الريعي وليس الإنتاجي كان سببا في هذه الأزمة.
كل هذه العوامل الاقتصادية شاركت في صنع هذه الكارثة في لبنان مما يحتاج لمواقف وطنية جادة لحل الأزمة وعودة الاستقرار للبلاد.

قد يعجبك ايضا