اللقية سُوْدْ

عباس السيد

منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي قبل 70 عاماً وعيون قادة هذا الكيان مُصوّبة نحو باب المندب.. والسيطرة على هذا المضيق بمثابة حلم يقظة مستمر لدولة الكيان.
وخلال الفترة من 1948م وحتى أواخر الستينيات من القرن الماضي تكفلت بريطانيا بتأمين الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب بحكم سيطرة الاستعمار البريطاني على الجنوب اليمني والجزر اليمنية من كوريا موريا قبالة السواحل العمانية وحتى كمران قبالة الحديدة مروراً بسقطرى وميون وحنيش وزقر.
وعندما كان البريطانيون يتهيأون للرحيل بعد 128 عاماً من الاحتلال انتابت الإسرائيليين حالة من الذعر لأن اليمنيين سيتحررون وستكون لهم السيطرة والقرار على أرضهم وسمائهم وعلى بحرهم وجزرهم.
طلبت دولة الكيان من بريطانيا البقاء في جزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب إلى أن يتم تدويل المضيق وتسليم الجزيرة لقوى دولية.
فشلت المساعي الإسرائيلية بتدويل باب المندب، إذ كان لا يزال لدى الأنظمة العربية قدر من المسؤولية ولم يكن باستطاعة أي منهم الجهر بالسوء كما يحدث الآن.
استمرت عيون الصهاينة مُصوَّبة نحو المضيق ومن خلال علاقاتهم بالنظام الأثيوبي وتمكنوا من الحصول على موطئ قدم في عدد من الجزر الاريترية جنوب البحر الأحمر والقريبة من باب المندب وتعززت هذه العلاقة مع اريتريا بعد استقلالها عن أثيوبيا.
لم يكتف الإسرائيليون بما تحقق لهم من تواجد على امتداد الشواطئ الاريترية وظلت أعينهم مصوبة نحو المضيق والشواطئ اليمنية في الضفة الشرقية للبحر الأحمر رغم أنهم واثقون أن لا مخاطر على أطماعهم أو مصالحهم من الأنظمة العربية في الدول المشاطئة على ضفتي البحر الأحمر.
ومع قيام ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م انتابت الإسرائيليين حالة هلع مشابهة لتلك التي أصابتهم عند خروج المستعمر البريطاني من جنوب اليمن، فالنظام الذي كان تحت السيطرة والوصاية سقط في اليمن وعلت الأصوات المعادية لإسرائيل وسرعان ما انخرط كيان العدو في حملة تحريض واسعة ضد قوى الثورة في اليمن وشارك بفاعلية في تحالف العدوان على اليمن الذي أثبتت الوقائع والسنوات أنه مجرد أداة تحركها القوى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
خلال أكثر من خمس سنوات من الحرب على اليمن تعددت الذرائع والمبررات للعدوان من “استعادة الشرعية” إلى محاربة إيران وحماية الملاحة الدولية، لكن الهدف الحقيقي أصبح واضحا للعيان باعتراف قيادات المرتزقة وأنصارها المغرر بهم، الهدف الحقيقي هو تفكيك اليمن وتأسيس كيانات صديقة للكيان الإسرائيلي تعمل على تحقيق أطماعه في تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة إسرائيلية بامتياز.
وهذا ما كشفت عنه صحيفة “إسرائيل هايوم” الأسبوع الماضي في تقرير لها بعنوان : صديق إسرائيل “السري” الجديد في اليمن.
وتناول التقرير ما اعتبره “مثيراً” في موقف ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” الإيجابية من إسرائيل. وكشف عن وجود علاقات مع قياداته.
وحمل التقرير ما يمكن وصفه بأنه أول اعتراف “شبه رسمي” بـ”الدولة الجديدة التي تضم باب المندب في حدودها الجغرافية” وتمنيات الإسرائيليين لها بالتطور والنماء.
وبالعودة إلى عنوان التقرير “صديق إسرائيل “السري” الجديد في اليمن” يبدو واضحاً أن ظهور “صديق جديد” للإسرائيليين في اليمن يعني وجود صديق قديم لهم أيضاً.. لكن وصف هذا الصديق بـ”السري” لا يستقيم مع مواقف قادة الانتقالي التي لم تخف “مواقفها الإيجابية” من كيان العدو الإسرائيلي واستعدادها للتطبيع معه، وبذلك يستحق المجلس الانتقالي صفة “أسرع مُطَبِّع” بلا منازع.
تعتقد إسرائيل أنها وجدت ضالتها بعد خمسين عاماً من الخطط والمؤامرات، ولها نقول: “اللقية سود” وباب المندب سيظل يمنياً حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

قد يعجبك ايضا