بلقيس علي السلطان
لطالما سمعنا وعايشنا الكثير من الشعارات والتي أتت الأيّام على معظمها لتثبت أنها كانت مُجَـرّد شعارات زائفة وغير مسؤولة، لكن شعار الصرخة كان ذا طابع مختلف؛ لأَنَّه حمل في طياته عناوين واضحة لمشروع المسيرة القرآنية الذي هو مشروع توعوي وتبصيري للأُمَّـة، وكان لا بُدَّ لهذا المشروع من شعار قوي لمن يحمل في قلبه روح المسؤولية تجاه تصحيح مسار الأُمَّــة الذي حرفته الحركات التسلطية الخبيثة المتمثلة بالحركة الصهيونية ومن ورائها أمريكا كواجهة استعمارية طاغية، ومن هنا انبثق شعار الصرخة الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ووصفه بأنه (سلاح وموقف)، وقد جاءت الأحداث لتبت صحة وشفافية هذا الوصف الدقيق، فبمُجَـرّد انطلاقة شعار الصرخة في صعدة قام السفيرُ الأمريكي في اليمن بإعلان الاستنفار، وأمر حلفاءَه من النظام باتِّخاذ الإجراءات الرادعة ضد هذا الشعار حتى وصل بهم الأمر إلى إعلان حرب ظالمة على صعدة وضد من تمسّك بإطلاق صرخات البراءة من المستكبرين، وهذا إن دلَّ على شيء فهو أكبر دليل على عظمة هذا الشعار وصداه ضد أعداء الأُمَّــة من الأمريكان والإسرائيليين ومن والاهم وتخندق معهم.
لقد أتت الأحداثُ لتبرهن بأن الشعار أصبح مسؤولية يحملها الأحرار على عاتقهم، وخَاصَّة بعد الحرب الظالمة التي تشنُّ على اليمن برعاية أمريكية إسرائيلية وكذلك ما تشهده الأُمَّــة العربية والإسلامية من استعباد وحروب ظاهرة وباطنة من قبل اللوبي الصهيوني الذي يقود السياسة الأمريكية، إلى أن وصل بهم الحال للطغيان على شعوبهم وإثارة العنصرية فيما بينهم، ومن هنا بات سلاحُ الشعار سلاحاً هاماً ورادعاً لسياسة الطغيان الأمريكية الصهيونية ومن تحالف معهم، فهي سياسات تهدفُ للسيطرة على العالم وعلى ثرواته مهما كلّف الثمن، ناهيك على أن شعار الصرخة موقف جاد وحازم ضد هذه السياسات الاستعمارية الظالمة.
لقد جاء خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في ذكرى الصرخة، جاء حاملاً في طياته الكثير من التجليات التي أوضحت مجريات الأحداث التي كشفت وأسقطت الكثيرَ من الأقنعة للكثير من الأنظمة العربية الموالية لأمريكا وإسرائيل ومن ضمنها النظام السعودي والإماراتي وموقفهما الواضح في التأييد للوجود الإسرائيلي في المنطقة العربية، وكذلك ما قامت به السلطات السعودية من اعتقالات ضد المجاهدين من الفلسطينيين الذين يحملون موقفَ العداء للاحتلال الإسرائيلي ووصفهم بالإرهابيين، وأوضح أن هذه الأنظمة مهما بلغت في ولائها لأمريكا وإسرائيل فلن تُقابل إلا بالاحتقار والاستغلال، وكذلك أوضح القائدُ أهميّة الشعار الذي جعل النظام الأمريكي ينكمش ويتلاشى من البلد وأسقط الأقنعة للمواليين لهم ممن كانوا يحكمون اليمن، وختم قوله بأن الأحرار يسيرون في مسار عاقبته النصر ويتطلب الكثير من الوعي والمسؤولية.
لم يكن شعارُ الصرخة مُجَـرَّدَ شعار عابر، بل بات سلاحاً أثبت جدارتَه في المعترك السياسي والعسكري، وكذلك بات موقفاً جعل من أنظمة الشر الاستعمارية العالمية تحسب ألف حساب لهذا الشعار الذي من ثمار التمسك به والعمل بمقتضاه عاقبة النصر التي هي عاقبة المتقين، فسلام على الشهيد القائد الذي رسم خارطة طريق النصر والعزة والكرامة للأُمَّـة، وأطلق شعار البراءة من المستكبرين وسنظل نصرخ به حتى نزلزل عروش الظالمين.