تعديل التهمة الموجهة ضد الشرطي المتورط في قتل جورج فلويد إلى "القتل العمد"
وزير الدفاع الأمريكي السابق ماتيس يتهم ترامب بالسعي لتقسيم أمريكا
الثورة /متابعة/ محمد الجبري
اتهم وزير الدفاع الأمريكي السابق جيم ماتيس أمس الأول الرئيس دونالد ترامب بالسعي إلى “تقسيم” الولايات المتحدة، وقال ماتيس، الذي استقال من منصبه على خلفية انسحاب الجيش الأمريكي من سوريا، إن “دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأمريكيين”، ودافع الجنرال المتقاعد عن المتظاهرين الذين يطالبون “عن حق” بالمساواة، ومن جانبه، كان وزير الدفاع الحالي مارك إسبر أكد أنه يعارض نشر قوات الجيش لاحتواء المظاهرات التي تهز العديد من المدن الأمريكية.
وعبر وزير الدفاع الأمريكي السابق جيم ماتيس أمس الأول عن معارضته الشديدة للمقاربة التي يعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعاطي مع الاحتجاجات في بلاده، وهاجم الوزير السابق ترامب بشدة، متهما إياه بالسعي إلى “تقسيم” الولايات المتحدة.
وقال ماتيس، في تصريح نشرته مجلة “ذي أتلانتيك” على موقعها الإلكتروني: إنّ “دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأمريكيين، بل إنه حتّى لا يدّعي بأنّه يحاول فعل ذلك”، مضيفا “بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا”.
وهذا أول انتقاد من نوعه يصدر عن ماتيس، الجنرال السابق في سلاح المارينز والذي يحظى باحترام كبير في بلاده، علما أنه سبق له مرارا رفض توجيه أي انتقاد لترامب، لأنه كان يعتبر أنه من غير المناسب انتقاد رئيس أثناء توليه منصبه.
وأضاف الجنرال المتقاعد في مرافعته الاتهامية بحقّ ترامب: “لقد تابعت بغضب واستياء أحداث هذا الأسبوع”، مدافعا عن المتظاهرين الذين يطالبون “عن حق” بالمساواة في الحقوق.
وزير الدفاع الأمريكي يرفض نشر الجيش
من جانبه، عارض وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أمس الأول اللجوء إلى قانون يسمح بنشر قوات الجيش، قائلاً: “لا أؤيد اللجوء إلى قانون الانتفاضة”، وذلك بعد يومين من قول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه قد يلجأ لتفعيله بهدف استدعاء الجيش للسيطرة على الاحتجاجات.
وأضاف “لطالما اعتقدت وما زلت أعتقد أن الحرس الوطني هو الأنسب لدعم السلطات المدنية محليا في هذه الحالات”.
وقال خلال تصريحه أمام الصحافيين في وزارة الدفاع: “على خيار استخدام قوات في الخدمة أن يكون الملاذ الأخير، ويقتصر على الحالات الأكثر إلحاحا والأخطر لسنا في وضع كهذا الآن”.
وفي الواقع يمنع قانون استخدام جنود من القوات الفعلية في مهمات لحفظ النظام، إلا في حال حدوث عصيان. وفي حال اضطرابات عامة، يعود إلى كل ولاية أمريكية قرار استدعاء شرطيين سابقين في الاحتياط في الحرس الوطني.
إعادة صياغة التهمة
من جانب آخر تجاوب الادعاء العام الأمريكي مع مطالب الشارع بتشديد العقوبات ضد الشرطي ديريك شوفن المتهم في قضية مقتل الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد، وتمت إعادة صياغة الاتهامات، لتتحول من جريمة قتل من درجة ثالثة إلى جريمة قتل من درجة ثانية، وهو ما يعادل جريمة “القتل العمد” دون سبق الإصرار والترصد. ويواجه الشرطي بهذه التهمة الجديدة عقوبة السجن مدتها قد تصل إلى 40 عاما.
وأعيدت صياغة الاتهامات الموجهة إلى الشرطي الأمريكي ديريك شوفن في قضية مقتل جورج فلويد، لتتحول إلى “القتل من الدرجة الثانية” وهو ما يعادل”القتل العمد” دون أيكون مع سبق الإصرار والترصد، وهي تهمة أخطر، ويعاقب عليها القانون بالسجن بعقوبة، يمكن أن تصل إلى أربعين عاما.
كما يلاحق الشرطيون الثلاثة الآخرون بتهمة “التواطؤ”، وجميعهم موقوفون، ما يثير ارتياح عائلة فلويد.
وكانت هذه الملاحقات في صلب مطالب المتظاهرين الذين يعبرون عن غضبهم في جميع أنحاء البلاد.
ورأى حاكم ولاية مينيسوتا أن اتهام الشرطيين الأربعة يشكل فرصة “لمعالجة مشكلة العنصرية المؤسسية والإفلات من العقاب”، اللذين أديا إلى موت جورج فلويد، وأضاف “إنها على الأرجح فرصتنا الأخيرة لمعالجة الأمر كدولة وكأمة”.
وكان السيناتور الأمريكي إيمي كلوبوشار قد أعلن أمس الأول أن المدعي الذي يتولى التحقيق في وفاة جورج فلويد في مينيابوليس قد أعاد توصيف الوقائع، وسيوجه إلى الشرطي الذي جثا على عنق فلويد تهمة “جريمة قتل من الدرجة الثانية”، مع توجيه اتهامات أيضا إلى عناصر الشرطة الثلاثة الآخرين الذين كانوا موجودين ساعة الواقعة.
وكتبت كلوبوشار على تويتر إن “مدعي عام مينيسوتا كيث أليسون سيشدد الاتهام بحق (الشرطي) ديريك شوفن في مقتل جورج فلويد إلى جريمة قتل من الدرجة الثانية وسيوجه اتهامات أيضا إلى عناصر الشرطة الثلاثة الآخرين”، مؤكدة “أنها خطوة مهمة أخرى للقضاء”.
وكان الشرطي المتهم ديريك شوفن قد وضع ركبته لأكثر من ثماني دقائق على رقبة جورج فلويد، الرجل الأربعيني في 25 مايو، متسببا بموته اختناقا، واتهم في أول الأمر بالقتل غير العمد. واتُّهم الأسبوع الماضي بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الثالثة.
وأحدثت وفاة فلويد (46 عاما) حركة احتجاج تاريخية في الولايات المتحدة، تمثلت بنزول مئات الآلاف إلى الشوارع يوما بعد آخر، تنديدا بالعنصرية والعنف الذي تمارسه الشرطة.
وقد تسمح الاتهامات الجديدة في إطار التحقيق في مقتل جورج فلويد بتهدئة الاحتجاجات في الشارع.
من جهة أخرى انتقدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، في بيان صدر أمس الأول، ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية من “اعتداء غير مسبوق” على الصحافيين، ووصفته بـ”العنصرية الهيكلية”، ويأتي هذا في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة حراكا احتجاجيا واسع النطاق تنديدا بالعنصرية ورفضا لعنف الشرطة، على خلفية مقتل جورج فلويد، الأمريكي من أصول أفريقية، اختناقا على يد شرطي أبيض في مينيابوليس.
ونددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بـ”العنصرية البنيوية” و”الاعتداء غير المسبوق” على صحافيين في الولايات المتحدة التي يستمر فيها حراك احتجاجي واسع النطاق رفضا للعنصرية وعنف الشرطة.
“الأصوات ..يجب أن تكون مسموعة”
وقالت ميشيل باشليه في بيان إن “الأصوات التي تطالب بإنهاء الجرائم بحق الأمريكيين العزل من أصل أفريقي يجب أن تكون مسموعة، إن الأصوات التي تطالب بإنهاء عنف الشرطة يجب أن تكون مسموعة. والأصوات التي تطالب بإنهاء العنصرية المزمنة والبنيوية التي تسود المجتمع الأمريكي يجب أن تكون مسموعة”.
ويأتي هذا الموقف فيما تحدى آلاف المتظاهرين في مختلف انحاء الولايات المتحدة حظر التجول للاحتجاج على وفاة جورج فلويد، الأمريكي من أصل أفريقي، اختناقا على يد شرطي أبيض في مينيابوليس.
انتقاد ترامب
ودعت باشليه إلى قيادة واضحة وبناءة لإخراج البلاد من الأزمة، في انتقاد واضح لموقف الرئيس دونالد ترامب الذي دعا إلى الحسم من دون أي تساهل، متوعدا بطلب تدخل الجيش “لإعادة القانون والنظام”.
وأضافت المسؤولة الأممية “خصوصا خلال أزمة، يحتاج بلد ما إلى أن يدين قادته العنصرية من دون تردد، وأن يفكروا في ما دفع السكان إلى غضب أقصى، وأن يصغوا ويأخذوا العبر من الوضع ويتخذوا إجراءات لتصحيح انعدام المساواة في شكل فعلي”.
ويشير البيان إلى “معلومات موثوق بها عن استخدام مفرط وغير مبرر للقوة من قبل قوات الأمن” خلال التظاهرات.
استهداف الصحفيين
ويتطرق البيان إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية باتّجاه متظاهرين وصحافيين.
وأبدت باشليه قلقها البالغ إزاء معلومات عن مضايقات وتوقيفات طالت مئتي صحافي على الأقل خلال تغطيتهم المظاهرات على الرغم من إبرازهم ما يثبت أنهم صحافيون.
وقالت إن “ما نشهده هو اعتداء غير مسبوق ضد صحافيين”، مؤكدة تعرّض صحافيين لاعتداء أو توقيف خلال تغطية مباشرة للأحداث، وأكدت أن “أكثر ما يثير الصدمة هو أن حرية التعبير وحرية الصحافة مبدآن أساسيان في الولايات المتحدة”.
كما أكدت أن من حق الصحافيين تأدية عملهم “من دون التعرّض للاعتداء أو القمع”، وطالبت باشليه المتظاهرين بنبذ العنف، مستنكرة وقوع خسائر بشرية ومادية خلال المظاهرات.
وقالت إن “العنف والنهب وتدمير الممتلكات لا يحلّ مشكلة عنف الشرطة والتمييز العنصري”، وأبدت قلقها إزاء تصريحات تعتبر المتظاهرين إرهابيين. وأكدت باشليه أن لا مجال لاتّهام أشخاص أو جهات بالوقوف وراء هذه التحرّكات الاحتجاجية، وقالت “شاهدنا الآلاف والآلاف من المتظاهرين السلميين من أصول مختلفة يشاركون في مسيرات للدفاع عن حقوقهم وللمطالبة بالتغيير”.
وفي سياق متصل احتج مئات الأشخاص في العاصمة البريطانية لندن، تضامناً مع المتظاهرين في الولايات المتحدة، على مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد، على يد الشرطة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.
وتحدى المتظاهرون من سكان لندن تدابير الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا، وشاركوا في مظاهرات للاحتجاج على مقتل فلويد، مرددين هتاف “لا عدالة لا سلام”، ورافعين لافتات كتب عليها “حياة السود مهمّة” خارج مجمع السفارة الأمريكية.
وفيما اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس الأول، أن وفاة فلويد أمر “فاضح، ولا يغتفر”، شدد على أن “التظاهرات يجب أن تجري بطريقة مشروعة وعقلانية”.
كذلك شهدت العاصمة الفرنسية باريس، ليل الثلاثاء الماضي، مواجهات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين، بدعوة من عائلة أداما تراوري الشاب ذي البشرة السمراء، الذي توفي في 2016م بعد توقيفه، وتضامناً مع المحتجين على عنف الشرطة الأمريكية.
كما وجهّت دعوة للتجمع دعماً للمتظاهرين، في الولايات المتحدة عبر “فيسبوك”، أمام سفارة الولايات المتحدة في لشبونة.
وفي ردود الفعل، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، يوم الاثنين الماضي، أن التظاهرات يجب أن تجري بشكل سلمي، مضيفاً أن عنف الشرطة يجب أن يكون في الولايات المتحدة موضع تحقيق.
من جهتها قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الثلاثاء الماضي إن الوباء والتظاهرات التي أثارها مقتل فلويد تظهر “التمييز العرقي المتجذر” في الولايات المتحدة.
وأعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عن هول الصدمة التي أصيب بها الأوروبيون بسبب وفاة جورج فلويد.
وعبرت روسيا عن “صدمتها” الثلاثاء إزاء العنف الذي تمارسه الشرطة الأمريكية ضد الصحافيين، وخصوصاً ضد صحافية من وكالة “سبوتنيك” الروسية، التي كانت تغطي الاضطرابات في الولايات المتحدة.
وأمام القنصلية الأمريكية في اليونان حرق العلم الأمريكي بعد مقتل فلويد على يد ضابط شرطة لتشعل بلدان العالم تضامناً.
وعلى الجانب الآخر من القارة الأوروبية جثا آلاف المتظاهرين في هولندا على ركبهم تعبيرا عن استنكارهم لجريمة قتل فلويد، حاملين لافتات كتب عليها عبارات منددة بالعنصرية، متضامنين مع المتظاهرين في أمريكا.
العدالة لجورج فلويد عبارة لخّص فيها المتظاهرون في الأرجنتين من أمام غرفة التجارة الأمريكية في البلاد، رسالتهم في وجهة العنصرية والتمييز الذي يتعرّض له الامريكيون الأفارقة منذ عقود.