يوم القدس وسبب هوان الأمة من وحي خطاب قائد الثورة
منير إسماعيل الشامي
آخر جمعة من شهر رمضان هو يوم القدس العالمي الذي حدده الإمام الخميني كيوم سنوي لإحياء قضية الأمة المصيرية.
والهدف من إحياء هذا اليوم هو التذكير بالأهمية المصيرية لهذه القضية وكيف يجب أن تستشعر الأمة حجمها وخطورتها فالكيان الصهيوني لا يقتصر خطره على الشعب الفلسطيني فقط بل خطره يتعدى مجرد التهديد إلى مستوى الخطر الكبير على كل أقطار الأمة وشعوبها وخطورته تشمل مختلف جوانب الحياة اقتصاديا، وعسكريا، وثقافيا، وأخلاقيا، واجتماعيا…إلخ ولذلك فنظرة الأمة إلى الخطر الصهيوني نظرة قصور كبير نظرة ضيقة ومحددة في استشعار هذا الخطر وفي التعامل معه.
ومن ينظر الى خطر العدو الصهيوني مقتصر على المنطقة التي احتلها وينظر إلى تهديده على انه تهديد عسكري على الشعب الفلسطيني فهو غبي وأحمق نظاما كان أم شعبا .
وهذه النظرة هي من أهم الأسباب التي جعلت اهتمام الأمة بهذه القضية في تدنٍ مستمر رسميا وشعبيا ولا يرقى إلى أدنى مستويات الخطر الحقيقي على الأمة ويقتصر الاهتمام المسؤول بهذه القضية على جزء بسيط جدا في الأمة وأطراف محدودة للغاية.
لقد اتجهت بعض الجيوش العربية في مراحل سابقة لمواجهة إسرائيل ولكنها فشلت وهزمت رغم ما تملكه من إمكانيات كبيرة تفوق إمكانيات إسرائيل لأن الأداء العسكري لم ينطلق من رؤية واقعية وإيمانية ولم تتعاط مع هذا الخطر تعاطياً حقيقياً وتتعامل معه كعدو خطير وبمقارنة إمكانيات تلك الجيوش مع إمكانيات حزب الله نجد أن إمكانيات حزب الله لا تساوي شيئا أمامها ومع ذلك فقد صنع حزب الله مواقف عظيمة، وخالدة في مواجهة إسرائيل ولقنها هزائم نكراء وأذلها فعلا.
هذا يؤكد لنا أن الرؤية القرآنية هي الرؤية التي يجب أن تتحرك الأمة وفقها في مواجهة إسرائيل.
القرآن الكريم تحدث عن اليهود بشكل خاص وبمساحة واسعة في الكثير من سور القرآن الكريم ويمكن أن نسترشد من القرآن في حديثه عن اليهود ونستفيد من ذلك في طريق المواجهة الحقيقية مع الكيان الصهيوني وبرؤية حقيقية ومعرفة كاملة عن العدو الصهيوني من مختلف الجوانب خاصة وقد كشف كل حقائق العدو الذي سوف نواجهه وبين كل نقاط ضعفه وأصبحت معلومة للأمة الإسلامية كلها.
ضربت عليهم الذلة فهم أذلاء وجبناء يولّون الأدبار عند المواجهة ولا يقاتلون وجها لوجه إلا من وراء جدر أو في قرى محصنة قلوبهم شتى لا يمكن أن يتحركوا معتمدين على أنفسهم فلا يتحركون إلا إن كانوا واثقين من أمرين اثنين (إلا بحبل من الله وحبل من الناس) وهما:
1 -أن الله قد سلطهم على المواجه لهم، فحبل من الله يعني تسليط إلهي لهم على المسلمين ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إن ابتعد المسلمون عن ربهم ونبيهم ودينهم وكتابهم فيكون ذلك عقابا لهم.
2 – لا يمكن أن يتحركوا بدون مساندة ودعم حقيقي من غيرهم وهذا هو معنى (وحبل من الناس) وهو ما هو واضح وما يؤكده الواقع منذ وعد بلفور الذي يعتبر مساندة بريطانية وتوسعت بعد ذلك لتصبح اليوم مساندة أمريكية وغربية ودعم كامل منهم ماديا وسياسيا وعسكريا ولوجيستيا.
وبابتعاد الأمة عن ربها ونبيها وكتابها وأعلام هداها ضربت عليهم الذلة وباختلافها تفرقت فضربت عليها المسكنة فأصبحوا يعتقدون اعتقادا قاطعا استحالة مواجهة العدو الصهيوني وهزيمته، ومعنى ذلك أن الأمة فرطت وقصرت تجاه دينها وابتعدت كثيرا عن نهجها وكتابها ونتج عن ذلك أن تفرقت واختلفت فسلط الله عليها عدواً ضعيفاً وأصبحت في هذه الوضعية السيئة ولولا تفريطها وتقصيرها تجاه دينها وتفرقها واختلافها في أسرار قوتها وشدة بأسها لما كانت في هذه الوضعية أبداً لأن هذه الوضعية ليست وضعيتها الحقيقية، ما يعني أن تسليط الله عدوها عليها هو عقاب على تفريطها وتقصيرها وتخاذلها وهو ما أشار إليه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه صراحة فكيف لإسرائيل أن تكون أقوى من الأمة والأمة تمتلك كل عوامل القوة والتفوق عددا وعتادا وأموالا وأسلحة ، ما يعني أن تحرك تلك الجيوش لمواجهة إسرائيل لم يكن وفق رؤية حقيقية ومنهج قوي يضمن وحدة القيادة ووحدة الهدف ما يعني أن التحرك يجب أن يكون وفق الرؤية الإيمانية والمنهج القرآني.
فالركائز الأساسية لنجاح الأمة في مواجهة الكيان الصهيوني والقضاء على كل أخطاره هي الاعتصام بحبل الله والثقة به والتوكل عليه والتمسك بالنهج القرآني والتحرك من منطلق إيماني وتحت القيادة القرآنية والاقتداء بأعلام الهدى ومتى ما انطلقت الأمة على هذا النحو فلن يصمد هذا الكيان المجرم أمامها لأيام معدودة.
ما يعني أن الأمة لن تخرج من هذه الوضعية إلا إن أخرجت هي نفسها من هذه الوضعية ولن تستطيع ذلك إلا إن تمسكت بالثقلين وسارت على نهج الثقلين فإن فعلت ذلك وفرت لنفسها جميع الركائز الأساسية التي تضمن لها العزة والقوة والكرامة وتأهلت لتحظى بالتمكين والتأييد الإلهي ونفوز بوعده الحق بالنصر على أعدائها.