الانقسام الفلسطيني وخيارات الوحدة الوطنية

 

13 عاماً ولا يزال الانقسام الفلسطيني الداخلي قائماً دون الوصول إلى حل جذري لإنهاء الخلاف بين الأطراف الفلسطينية بالرغم من العمل على عدة مصالحات كان آخرها “اتفاق القاهرة” في 12 أكتوبر الأول 2017م، لكنه لم يطبق، بسبب نشوب خلافات حول عدة قضايا، لكن اليوم الأمور أصبحت اكثر تعقيدا بعد اقتراب موعد إقرار قانون “إسرائيلي” رسمي بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية؛ هذا ما يمكن أن نقول عنه لحظة الحقيقة، وسيكون موقف حماس وفتح مصيريا بشأن عمليات “الضم” القادمة ولن يكون هناك حل لإيقاف هذه المخططات الصهيونية إلا بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
لا ننكر بأن هناك محاولات من هنا وهناك لإنهاء الانقسام لكنها لم تأخذ إطارا جديا حتى اللحظة، حيث لا يزال أطراف النزاع الفلسطيني يتبادلون الاتهامات فيما بينهم، ورغم أن هناك مواضيع كثيرة عالقة وهناك خلافات حول الرؤى وربما الاستراتيجية ولكن ما يجمع الفلسطينيين أكثر مما يفرقهم وهناك عشرات الأسباب لكي ينهون هذا الخلاف ويجلسون على طاولة واحدة، خاصة وان مصير البلاد على حافة المجهول، في ظل استغلال “إسرائيل” لهذا الانقسام والاستمرار في عمليات التهويد وبناء مستوطنات هنا وهناك وتدمير المزيد من منازل الفلسطينيين وبالتالي حياتهم، وبالتالي فإن استمرار الخلاف سيعرض الشعب الفلسطيني برمته للخطر وسيكون مستقبله أمانه في أعناق القيادات الفلسطينية وعليها انتقاء الخيار الصحيح قبل فوات الآوان.
محاولات لإنهاء الانقسام
يوم الخميس الماضي، أعلنت 8 فصائل فلسطينية، تقديم “رؤية وطنية” لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، استنادًا لاتفاقيات المصالحة الوطنية السابقة.
وأصدرت هذه الفصائل بيانا جاء فيه: “في إطار الجهود المتواصلة من أجل إعادة الحياة لمسار المصالحة، وبعد مشاورات وطنية مكثفة، نقدم رؤية وطنية لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، استنادا لاتفاقيات المصالحة الوطنية السابقة في القاهرة وبيروت”.
وأضافت: “الرؤية متضمنة جدولا زمنيا للبدء في إنجاز الاتفاق، وذلك تقاطعا مع الجهود في مصر، والذين أكدوا لنا أنهم سيستأنفون جهود المصالحة خلال الأسابيع القادمة”.
وتأمل الفصائل أن تُشكّل الرؤية الوطنية الصادرة عنها نقطة ارتكاز تساهم في وضع حد للانقسام.
وأكدت الفصائل الـ8 أنها “وجهت نسخا من الرؤية الوطنية إلى مصر، من خلال الوزير عباس كامل (رئيس المخابرات العامة المصرية) وجامعة الدول العربية عبر السيد الأمين العام أحمد أبو الغيط، وإلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية”.
ودعت الفصائل إلى “أوسع حالة التفاف شعبي وفصائلي ومؤسساتي مع هذه الرؤية، كخطوة هامة على طريق إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام إلى الأبد”.
واعتبرت أن الوحدة الوطنية “ضرورية من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وصوغ الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الاحتلال، والمخططات التصفوية التي تستهدف قضيتنا الوطنية”.
اتهامات للسلطة الفلسطينية
عقبت الفصائل والقوى الفلسطينية على قرار تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا عقده يوم السبت الماضي في مقر رئاسة السلطة، بحضور عدد من فصائل المنظمة.
وقالت الفصائل إن إعلان تأجيل الاجتماع جاء بدعوى “انتظار الإعلان عن البرنامج السياسي لحكومة العدو”، ليعكس حجم الارتهان للمواقف الصهيونية والأمريكية، للدرجة التي تتحدد أجندة هذا الاجتماع وفق إعلان برنامج حكومة الاحتلال، وكأن مشكلتنا مع سياسات وخطط هذه الحكومة وليس مع مبدأ وجود الاحتلال ذاته لأرضنا ومقدساتنا وما يرتكبه يوميا من عدوان وجرائم استيطان وتهويد الأمر الذي يستوجب إعلان المواجهة الشاملة معه.
واستنكرت فصائل المقاومة الفلسطينية بشدة إصرار قيادة السلطة والمنظمة على البقاء في دائرة التسوية والاتفاقات المذلة التي كبلت منظمة التحرير وحولتها إلى أداة تُستدعى عند الحاجة لتمرير مشاريع التسوية الهزيلة.
ودعت الفصائل إلى الكف عن هذا الهوان ، مطالبة بعقد الإطار القيادي على مستوى الأمناء العامين لكافة الفصائل والمكونات السياسية، وإجراء مراجعة شاملة لكل السياسات التي مكنّت العدو من التغول على حقوقنا وأرضنا، وإعلان الخروج من نفق التسوية الذي وصل إلى نهاية كارثية ووقف التنسيق الأمني.
وحول رفض كل من “حماس” و”الجهاد الإسلامي” دعوة السلطة الفلسطينية للاجتماع الأخير، قالت حماس إنها لم تتلق أي دعوة رسمية لحضور اللقاء، مشيرة إلى جاهزيتها للمشاركة في أي لقاء جدي قادر على إحداث التغيير المطلوب بشأن الوضع الفلسطيني.
واعتبرت حماس أن “تكرار مواجهة المشروع التصفوي للقضية بالأدوات والآليات نفسها، هو تضييع وهدر لطاقات شعبنا، وتشجيع إضافي للاحتلال”.
مشكلة الفصائل الفلسطينية مع السلطة الفلسطينية تكمن في عدم جدية الأخيرة في اتخاذ اي موقف حازم وجاد تجاه الكيان الإسرائيلي، فمنذ العام 2015م كان هناك الكثير من القرارات العالقة التي لم تنفذ وبقيت حبرا على ورق، ولو كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس جادا لنفذ القرارات السابقة واتخذ خطوات عملية تؤكد على صدق النوايا كسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التعاون الأمني وبناء وحدة فلسطينية قائمة على الشراكة السياسية قادرة على بناء استراتيجية لمواجهة الاحتلال.
الاستيطان الإسرائيلي
عبَّر رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن ثقته في أن الولايات المتحدة ستسمح لإسرائيل بالمضي قدما في خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، حيث حدد موعد الأول من يوليو، لمناقشة بسط سيادة إسرائيل على أجزاء من الضفة الغربية وضم غور الأردن.
وفي أوائل الشهر الجاري، صادق وزير الدفاع في حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية، نفتالي بينيت، على توسيع مساحة مستوطنة “أفرات” الواقعة في المجمع الاستيطاني الضخم (غوش عتصيون) جنوبي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، بحوالي 1100 دونم، تمهيدا لبناء قرابة 7000 وحدة سكنية جديدة.
ويمثل الاستيطان الإسرائيلي واحدة من أكبر عقبات إحلال السلام وحجر عثرة أمام المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتؤكد الأمم المتحدة عدم مشروعية المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967م، في الضفة الغربية وشرقي القدس.

قد يعجبك ايضا