السياسة الخارجية لحكومة مصطفى الكاظمي.. القضايا والمحاور

 

مع اجتياز العراق الوضع المتأزم لعدة أشهر بسبب تعيين خلف لعادل عبد المهدي رئيس الوزراء المستقيل، في 6 مايو 2020م وبعد منح البرلمان الثقة بـ 15 عضوًا من أصل 22 وزيراً في الحکومة رشحهم مصطفى الكاظمي، تشهد المنطقة الخضراء الآن رئيس وزراء جديد.
في غضون ذلك، ينصبّ التركيز الرئيسي لوسائل الإعلام والمراقبين السياسيين على کيفية مواجهة الكاظمي مع الأزمات الداخلية الأخيرة في العراق، لكن الحقيقة هي أنه في محور أكثر تعقيدًا ووعورةً، فإن السياسة الخارجية هي المجال الذي يجب على الكاظمي التعامل معه.
صعود داعش في العراق لم يتسبب فقط في إلحاق خسائر بشرية ومالية بمواطنيه وحكومته، ولكنه أوجد على نطاق أوسع مسألة دخول جهات أجنبية إلى ساحة المعادلة المحلية أيضًا. وفي مرحلة ما بعد داعش، نشهد أيضًا أن بغداد تواجه قضايا مهمة في السياسة الخارجية لا تزال دون حل.
وستبقی هذه القضايا تشكل المحور الرئيسي لسياسة العراق الخارجية في حكومة الكاظمي، وفي الأشهر المقبلة سيكون أساس نوع تفاعل الکتل السياسية العراقية مع رئيس الوزراء الجديد على محورها بالتأكيد.
وبهذه التفسيرات، يمكن تحليل وتقييم أربع قضايا باعتبارها أهم محاور السياسة الخارجية التي تواجه حكومة مصطفى الكاظمي.
نوع التفاعل مع معادلة المواجهة الإيرانية الأمريكية في العراق
لا شك أن أهم قضية تواجه الحكومة العراقية الجديدة في مجال السياسة الخارجية، تتعلق بمعادلة المواجهة بين إيران والولايات المتحدة على الأراضي العراقية.
لقد تصاعدت التوترات بين طهران وواشنطن في الأشهر الأخيرة، وخاصةً بعد اغتيال القوات الإرهابية الأمريكية الفريق الشهيد قاسم سليماني في 3 يناير 2020. وقد أثار هذا الإجراء الأمريكي غير القانوني والمخالف للقواعد الدولية على الأراضي العراقية، رد فعل قوي من الجمهورية الإسلامية تمثَّل في الهجوم على قاعدة عين الأسد العسكرية.
وفي ظل الوضع الحالي، يجد الكاظمي نفسه في مواجهة ما يجب عليه فعله في سياق التفاعل مع المواجهة الإيرانية الأمريكية في العراق. طبعاً تجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر کان مطروحاً على مر السنين منذ عام 2005م حتى الآن، أي بعد تشكيل أول حكومة رسمية عراقية منذ سقوط النظام البعثي، ولا يقتصر على الحكومة العراقية الجديدة.
في الوضع الحالي، من المحتمل أنه بالنظر إلى معرفة الكاظمي بقضايا العراق الأمنية، سيتبنى استراتيجية التوازن الإيجابي لكلا الجانبين. بالطبع، هذا النهج رغم كونه واقعياً، ولکنه يتعارض مع إرادة الشعب العراقي.
في الواقع، إن الموجة السائدة في صفوف الشعب العراقي تسير على طريق معارضة الولايات المتحدة، ولكن فيما يتعلق بإيران فيمكننا أن ندعي بجرأة أن هذا النهج إيجابي للغاية.
قضية انسحاب القوات الأمريكية من العراق
يمكن تقييم المسألة المهمة الثانية في السياسة الخارجية لحكومة مصطفى الكاظمي، بأنها ترتبط بانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
بعد قرار البرلمان العراقي بطرد القوات الأجنبية من البلاد في 5 يناير 2020م، ازداد الطلب العام على طرد الأمريكيين في صفوف الشعب والأحزاب السياسية بشكل کبير. ولذلك، فإن مهمة الكاظمي الهامة هي التشاور مع الأمريكيين لقبول آلية الخروج
وبالنظر إلی إرادة دونالد ترامب الجديدة لإبقاء القوات الأمريكية في العراق، يبدو أن رئيس الوزراء الجديد سيواجه العديد من الصعوبات في تنفيذ هذه المهمة.
تفاعل بغداد مع العالم العربي
القضية الهامة الأخرى في السياسة الخارجية للعراق خلال فترة رئاسة الكاظمي، يمكن تقييمها بأنها تتعلق بنوع وکيفية تفاعل بغداد مع الدول العربية، وخاصةً السعودية.
على مدى السنوات القليلة الماضية، عمل حكام الرياض بجد على استخدام أي وسيلة لتقريب العراق منهم وإبعاده عن إيران، والآن يحاول السعوديون جاهدين بأن يفضِّل العراق طبيعته العربية على الطبيعة الدينية، وبالتالي يلتحق بجامعة الدول العربية ضد إيران.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن جامعة الدول العربية والدول العربية الأخرى لم تعد موحدةً كما كانت من قبل، وقد أنشأت بعض الجهات المركزية محوراً منفصلاً يقوم على الاستقلالية في صنع القرار في السياسة الخارجية ورفض هيمنة الرياض.
والآن يجب على الكاظمي أن يقرر ما إذا كان سينحاز إلى المستقلين في طريق العودة إلى العالم العربي، أو سيكون على استعداد لاتباع السياسات السعودية.
العلاقات مع الصين وروسيا
المحور الرابع في مجال السياسة الخارجية لمصطفى الكاظمي، يتصل بتنظيم وإدارة مستوى العلاقات مع القوى الدولية الكبرى مثل الصين وروسيا.
مما لا شك فيه أن الحفاظ على المستوى الإيجابي للعلاقات مع الصين، بوصفها قوة عظمى والمشتري الرئيسي للنفط العراقي ومصدر معظم صادرات بغداد النفطية، له أهمية قصوى بالنسبة لحكومة الكاظمي. کذلك، يحتاج الكاظمي إلى العمل مع موسكو لتجهيز وتقوية القدرات الدفاعية والعسكرية العراقية.

قد يعجبك ايضا