عن الاحتلال وأدواته .. !

 

عباس السيد

الاحتلال هو الاحتلال ، يتشابه في سياساته وأفعاله في كل زمان ومكان . يستعيد المحتل الجديد تجارب المحتل القديم ويستفيد منها . وفي حالة بلادنا التي قدر لها أن تكون محل أطماع الكثير من قوى الاستعمار القديم والحديث ، تراكمت تجارب وخبرات المحتلين ، وفي المقابل لم يستفد اليمنيون من تجارب آبائهم في المقاومة ومواجهة الغزاة كما يجب . وربما يعود السبب في ذلك إلى استفادة قوى الاستعمار من تراكم خبراتها وتجاربها في اليمن ، وعملت هذه المرة على خداع اليمنيين بعدم الظهور بصورتها الحقيقية ، واختفت خلف أكثر من قناع ، يبدأ بالتنظيمات الإرهابية “داعش والقاعدة و غيرها” ثم قناع العملاء والمرتزقة المحليين ، ثم قناع “السعودية والإمارات” وهما دولتان عربيتان شقيقتان ، لكن الأحداث في المنطقة العربية تشير إلى أن الدولتين تعملان كوكيلين للاستعمار القديم .
إذا ما استعرضنا السياسات والأحداث التي مرت بها المحافظات والمناطق المحتلة من قبل دول تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية ومعها الإمارات ، سنرى أن سياسة ” فرق تسد ” التي اعتمد عليها الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن طيلة أكثر من قرن وربع ، يجري تطبيقها في المناطق المحتلة حالياً من قبل السعودية والإمارات . فالمكونات المتصارعة والمتضادة والفوضى التي تعم المحافظات المحتلة هي نتيجة سياسة “فرق تسد” التي يطبقها الاحتلال الجديد .
لا يوجد صراع حقيقي بين السعودية والإمارات في اليمن ، كما يعتقد البعض . والمعارك التي دارت في عدن منذ أغسطس 2018 والتي انتهت بسيطرة ما يسمى “المجلس الانتقالي” على عدن ، كانت بين أدوات الاحتلال ، بين المكونات المتناقضة التي صنعها الاحتلال . وأي صراع ينشأ بين تلك الأدوات ، يتم توجيهه وضبط إيقاعه ، بحيث يؤول إلى حيث يريد الرعاة والمشرفون ، أو المحتلون الجدد .
في عدن، انتهى صراع الأدوات بسيطرة ما يسمى “الانتقالي”، وهو المكون الذي يتبنى الأهداف التي يريدها الاحتلال ، وفي مقدمتها ” الانفصال والتفتيت “، وبموازاة النصر الذي حققه “الانتقالي” توارت الإمارات من الواجهة العدنية ، وتسلمت القوات السعودية مهام السيطرة والتحكم في عدن ، فهي من تسيطر على المطار ، والميناء ، وهي من تدير الأمن والجيش من داخل القاعدة العسكرية في البريقة .
نفس السيناريو ، يتكرر حالياً في جزيرة سقطرى، المعارك التي دارت بين أدوات الاحتلال في الجزيرة انتهت بإعلان سيطرة “الانتقالي” على الوضع ، وترحيبه بإنشاء قاعدة عسكرية للسعودية في الجزيرة .
الأحداث التي شهدتها الجزيرة خلال الأسبوع الماضي أثبتت أن ما يسمى “المجلس لانتقالي” مدعوم من السعودية أكثر من الإمارات..
ولذلك يفترض بنا أن نصحح المفاهيم، ونتوقف عن إضافة جملة “المدعوم إماراتياً” عندما نذكر الانتقالي والأفضل أن نقول: المدعوم سعودياً، أو من تحالف العدوان.
استمرار وصفنا للانتقالي بأنه يتبع الإمارات، خطأ سياسي يُبْعِدُ مسؤولية السعودية عن كل المؤامرات والمخططات التي تحاك وتنفذ على الأرض اليمنية.
كما أن حكاية الصراع بين الإمارات والسعودية في اليمن ، كما يردد البعض ، لا وجود له في الحقيقة ، فالتنسيق بينهم مستمر، وسمن على عسل ، والصراع بيننا نحن ، بين اليمنيين الذين يقفون مع الاحتلال ، ومن يقفون ضده .
في كل مرة ، وعند كل حدث يكشف حقيقة أهداف العدوان وتواطؤ حكومة المرتزقة ، ينبري العديد من الأبواق لترميم صورة الاحتلال والعميل هادي. وتعليقاً على ما حدث في سقطرى ، نقلت وسائل إعلام هادي عن مصدر وصفته بالحكومي، ولم تسمه ، قوله أن “تواطؤ ” السعودية مع الانتقالي في سقطرى يأتي ضمن ضغوط يواصلها التحالف على هادي لإجباره على توقيع اتفاق يقضي بتأجير جزيرة سقطرى للإمارات والمهرة للسعودية.» .
مثل هذه الأخبار، الهدف منها نفخ الروح في هادي واستمرار استخدامه كغطاء لكل العمليات والمؤامرات القذرة التي تستهدف اليمن أرضاً وشعباً.
هادي الذي يحاولون إظهاره كبطل وطني ، هو أكبر خائن وطني على مر التاريخ .. يمكن لهادي أن يوافق على تأجير “أي شيء ” وليس جزيرة أو محافظة ، لكن السعودية والإمارات يدركان أن حصولهما على عقود تأجير من هادي، ستكون بلا قيمة ، لأن مثل هذه القضايا ليست من صلاحيات الرئيس ، سواء كان الرئيس الحمدي أو سالمين أو صالح، أو المشاط… فكيف برئيس مشكوك في شرعيته حتى من أسرته..
السعودية والإمارات تعملان على فرض واقع جديد، ومن خلاله تعتقدان أنهما ستحصلان على ما تريدان ، والبداية بدعمهما الانفصال والتفتيت.

قد يعجبك ايضا