وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
إكرام المحاقري
أقبل الشهر الفضيل في هذا العام وقد حدثت الكثير من المتغيرات في الساحة الخاصة بالمجتمعات المسلمة في ظل الوقت الحساس لتفشي “جائحة كورونا” والتي ألزمت الغالبية الكثيرة من المسلمين بالجلوس في منازلهم على غير عادتهم الرمضانية.
تعودت المجتمعات المسلمة على إحياء ليالي هذا الشهر الفضيل بإقامة طقوس دينية متنوعة وكلها تصب في الوازع العبادي كالصلاة والصدقات وسماع المحاضرات والخطب التوعوية وما إلى ذلك مما يتطلب من هذه المجتمعات الخروج من المنازل والاختلاط في المساجد ودور الندوات ومجالس الذكر وغيرها..
إلا أن جائحة الكورونا حالت بين المسلمين وبين هذه الطقوس الدينية بالتزامهم في منازلهم للحد من انتشار هذا الوباء الخطير, لكن (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) ولعل رمضان في هذا العام فيه من الخير ما ليس في غيره من الأعوام الماضية, ولعل هذا الجلوس والاختلاء بالأسرة له ثمرته الطيبة تربية إيمانية قرآنية لجميع أفراد الأسرة ومن ثم تتفرع روح عطرة إلى جميع المجتمعات المسلمة.
جميعنا يعرف أهمية اللحمة الأسرية وكيف يجب أن تكون الأسرة تحت لواء (ربها) الذي هو الأب (ومجتمعها) التي هي الأم, وكيف يجب أن تتحلى الأسرة بتربية القرآن الفضيلة لما لها من أخلاقيات وقيم الدين الحميدة والأصيلة ولعلها فرصة في حد ذاتها ينعم بها الأب في هذا الشهر الفضيل للتعرف على واقع أسرته والغوص في أعماق مجتمعها الذي لطالما كان بعيدا عنها منشغلا بأعماله الخاصة, لا يعرف ماهية ثقافتهم وماذا يتبعون وكيف هو ارتباطهم بالدين وماذا يسمعون وماذا يشاهدون وهل يصلون !! ويمكن أنه في حد ذاته بعيدا عن الدين في أخلاقه وتوجهاته ووو..الخ
لذلك فلتكن المحطة الرمضانية محطة خير وسبيل رشاد وعودة صادقة محمودة مخلصة لله سبحانه وتعالى ولتلتف الأسرة حول كتاب الله يتلونه حق تلاوته ويتعرفون على عظيم آيات احتوتها صفحاته, كذلك الإلتفاف في غرفة دافئة يسكنها الهدوء والخشوع والجو الإيماني يستمعون للمحاضرات الرمضانية التي يلقيها السيد العلم القائد : عبدالملك بدرالدين الحوثي, ولتتناقش الأسرة في كل ما طرحه السيد القائد في تلك المحاضرة القرآنية ولتضع واقعها إلى واقع القرآن الكريم ولنعرف جميعنا أين نحن وفي صف من وفي حزب من نحن محسوبون.
هذه هي مسؤولية الأسرة التي كان يجب أن تكون بعيدا عن جو “الكورونا” قريبة من جو “الدين”, لكن فلتكن فيها الخير حتى وإن كانت وقاية من شر هذا الفيروس الفتاك, ولتقينا جميعا من آفة جهنم والعياذ بالله والتي لا خروج ولا عودة ولا رجعة منها إذا ما قضي الأمر ونحن في وضعية الغفلة والتفريط ولم نعُد العُدة ليوم تشخص فيه الأبصار.