قالت إن غارات طيرانها رداً على قصف عمقها وأنها لا تسعى لتصعيد الصراع
السعودية تتحاشى الرد بنفي نية التصعيد وتبحث عن مخرج بعباءة «الراعي»
الثورة / إبراهيم يحيى
رد عضو الوفد الوطني المفاوض عبد الملك العجري على مزاعم السفير السعودي محمد آل جابر عن «وجود محادثات هاتفية يومية بين الرياض وصنعاء». ودعوته إلى ما سماه «محادثات سلام في المملكة». وأوضح أنه «كان هناك في السابق تواصل مباشر وأحيانا عبر وسطاء محليين ودوليين لنقل رسائل متبادلة». مؤكدا «لا يوجد خلال الفترة الراهنة أو الماضية تواصل مباشر بين صنعاء والرياض، والتواصل الآن يتم عبر الوسيط الأممي».
وزعم سفير السعودية لدى اليمن (غير المقيم) محمد آل جابر إنه «منذ العام الماضي كانت هناك مكالمات هاتفية يومياً بين مسؤولي التحالف بقيادة السعودية والحوثيين». مضيفا في حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال الأمريكية»، إن: «القناة الدبلوماسية افتتحت في سبتمبر الماضي بعدما أعلن الحوثيون أنهم سيوقفون الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة على الأراضي السعودية» إثر عملية توازن الردع الثانية، وإعلان مبادرة الرئيس المشاط «وقف متبادل للهجمات».
تواصل أممي
من جهته، أوضح عضو الوفد الوطني المفاوض، عبدالملك العجري « لا توجد تواصلات مباشرة خلال هذه الفترة أو خلال الفترة الماضية». مضيفا : «التواصلات تتم عبر الأمم المتحدة وهي تقوم بجهود من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في اليمن، بالإضافة إلى بعض الترتيبات المتعلقة بالجانب الإنساني وبالجانب الاقتصادي، ما يتعلق بتسهيل دخول السلع الأساسية وفتح المطارات
وتابع العجري في مداخلة هاتفية مع قناة «الجزيرة» مساء أمس الأول، قائلا: «بالإضافة إلى تنسيق الجهود في مكافحة كورونا في حال لا سمح الله ظهرت حالات أو انتشر في اليمن. الأمور تجري في هذا السياق». موضحا أنه كان «هناك منذ 2015م تواصلات بشكل مباشر وغير مباشر مع السعودية باعتبارها الطرف الأساسي في الصراع، تنشط أحيانا وأحيانا تتراجع، ونشطت بعد استهداف منشآت شركة أرامكو (في 14 سبتمبر 2019)».
عضو الوفد الوطني، عبد الملك العجري، أوضح بشأن هذا التواصل التالي لعملية توازن الردع الثانية، قائلا: « كان هناك محاولة أو مبادرة من أنصار الله على أساس تلتقطها السعودية كبادرة حسن نية أو تهيئ الأجواء للدخول في ترتيبات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، ومن ثم الدخول في تسوية سياسية، لكن للأسف لم تستجب إليها الرياض، وتعاملت معها كسابقاتها من المبادرات التي يبديها طرف صنعاء».
وفي رد على سؤال عن آخر تواصل مباشر بين صنعاء والرياض، قال: «كما تعرفون في أثناء مشاورات الكويت كان هناك لقاءات عقدت في ظهران الجنوب. بعدها تواصلات بشكل غير مباشر عبر وسطاء محليين أو وسطاء دوليين» مردفا: «التواصلات كانت عبارة عن نقل رسائل متبادلة بين الطرفين باعتبار الرياض هي الطرف الأساسي في الصراع، وأي تفاوض دون أن يكونوا جزءا من عملية التفاوض، لن يسمح له أو يكتب له النجاح».
مُدللا على فشل تجارب مفاوضات سلام لا تكون السعودية جزءا أساسيا فيها باعتبارها الطرف الأساسي في الصراع، بقوله: « لن يسمح أو يكتب النجاح لأي تفاوض لا تكون السعودية جزءا منه كما حدث مع مشاورات الكويت وما بعدها. السعودية تعرقل حتى أي تسوية في اليمن، ولا يمكن أن تسمح لليمنيين أن يحلوا مشكلتهم». مردفا: «تعرفون أن لديها أهدافاً من وراء حربها لم تشنها من أجل ما يسمى الشرعية أو سواد عيون الشرعية بل من أجل أهدافها الإقليمية».
مآرب المزاعم
من جانبه أكد وزير الإعلام وناطق حكومة الإنقاذ الوطني، ضيف الله الشامي أن ما نقلته صحيفة وول ستيريت جورنال الأمريكية على لسان السفير السعودي محمد آل جابر غير دقيق. وقال: إنه «يتحدث بلسان السفير السعودي في اليمن الذي نعرف عنه دائما أنه يحاول أن يكذب لإبراز السعودية بأنها تقف في خط السلام وأنها تريد إحلال السلام». هم تواصلاتهم لا تأتي في إطار ما ذكره». وأضاف الوزير الشامي في مداخلة هاتفية مع قناة «الجزيرة» التي أولت اهتماما لافتا بتصريحات السفير السعودي، قائلا: «دائما التواصلات (من الجانب السعودي) تأتي لمحاولة التخفيف من ردود الفعل التي تصيبهم، لمحاولة الاصطياد في الماء العكر، لمحاولة خداع الشعب اليمني». مردفا: هناك اتصالات من السعودية تتم عبر وسطاء لاحتواء التصعيد، لكن تصريحات السفير السعودي بشأن اتصالات يومية معنا غير دقيقة».
وزير الإعلام وناطق حكومة الإنقاذ الوطني، ضيف الله الشامي، أكد في تصريحه الصحافي عبر الهاتف لقناة «الجزيرة»، ما أعلنه عضو الوفد الوطني المفاوض، وقال: «فالأمور واضحة .. والمشاورات والوفد الوطني واضح، والأمم المتحدة هي التي ترعى محادثات السلام ولا يمكن أن يكون هناك محادثات جانبية». وأضاف مجددا موقف المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني حيال المساعي الأممية لإحلال السلام في اليمن، بقوله: «نمد يدنا لسلام شامل يضع حلولا كاملة غير مجتزأة».
تحاشي الرد
لكن تصريحات السفير السعودي محمد آل جابر، وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال» لم تقتصر على مزاعم وجود «محادثات هاتفية يومية مع الحوثيين». بل امتدت إلى التلميح حد التصريح بسعي السعودية إلى تحاشي الرد اليمني على تصعيد غاراتها الاثنين، والبحث عن مخرج مشرف من ورطة الحرب على اليمن، ولكن بعباءة راعية السلام في اليمن، لا راعية الحرب على اليمن. بحديثه عن انعدام رغبة السعودية في تصعيد الصراع ودعوتها إلى محادثات سلام في المملكة.
وقال محمد آل جابر لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، عبر الهاتف من الرياض، إن «المسؤولين السعوديين تحدثوا مع نظرائهم الحوثيين يوم الاثنين للتأكيد على أن الغارات الجوية على صنعاء كانت رداً على الهجمات الصاروخية البالستية التي وقعت يوم السبت، وليس هدفها تصعيد الصراع». معتبرا أن «الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية يوم الاثنين على صنعاء، وهي الضربات الأولى من نوعها على العاصمة اليمنية منذ شهور».
الأمر الذي تدحضه وقائع الأحداث ومجريات العدوان على اليمن، بثبوت تصعيد تحالف العدوان بقيادة السعودية من وتيرة غاراته الجوية ليتجاوز عددها 300 غارة منذ أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس نداءه العالمي لوقف الحروب في العالم والتفرغ لمواجهة فايروس كورونا، ودعوته الخميس الماضي «الأطراف المتحاربة في اليمن إلى وقف فوري لإطلاق النار واتخاذ خطوات في المجالين الإنساني والاقتصادي».
عباءة خروج
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإن السفير السعودي محمد آل جابر، قال: إن حكومة هادي المدعومة من السعودية، قبل ما سماه «أعمال العنف التي وقعت قبل أيام، وافقت على تهدئة النزاع وبدء محادثات لبناء الثقة». وأضاف: «العرض السعودي لإجراء محادثات في المملكة تم بناء على طلب من مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن». مردفا: «اقتراح إجراء المحادثات لإنهاء الحرب ما زال مطروحاً رغم تصاعد العنف قبل أيام».
السفير السعودي، حاول تحميل المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ مسؤولية عرقلة السلام في اليمن، ومساعي السعودية إلى إحلاله. وقال: إن «المملكة دعت ممثلي الحوثيين وحكومة هادي إلى محادثات سلام في المملكة. لكن الحوثيين لم يستجيبوا للعرض بعد». مضيفا: «نحن ملتزمون بخفض التصعيد، ومستعدون لوقف إطلاق النار في جميع الأراضي اليمنية إذا قبلوا ذلك». ما اعتبر محاولة لقلب الحقائق والقفز على منطق الواقع.
حوار ندّي
محاولة السعودية التذاكي وتقديم نفسها راعية للسلام لا الحرب بإطلاق دعوتها إلى محادثات سلام تستضيفها في الرياض، رد عليها عضو الوفد الوطني المفاوض عبدالملك العجري قائلا : لا يصح لا من ناحية منطقية ولا من ناحية سياسية أن ترعى الحرب وترعى المصالحة في ذات الوقت، فهما ضدان لا يجتمعان. ومنذ اخترت رعاية الحرب العدوانية فإنك قد حددت موقعك على طاولة المفاوضات كخصم ولا يصح أن تطلب لنفسك أي صفة أخرى غيرها».
وتابع العجري، مخاطبا السفير السعودي محمد آل جابر، قائلا: «هنا أنت في موقع المدعو للحوار لا في موقع الداعي إليه». في إشارة إلى دعوات المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، المتعاقبة إلى «حوار مباشر مع دول تحالف العدوان وفي مقدمها السعودية» للتوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل ودائم، يمكن من إجراء حوار يمني-يمني بين مختلف المكونات لصياغة تسوية لاستئناف العملية السياسية.
وهو ما جدد تأكيده، أمس الأول، عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، بتشديده على أهمية أن أي جهود أو مساعٍ جادة إلى وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، لا يمكن أن يكتب لها النجاح مالم تبدأ أولا بحوار مباشر مع أطراف العدوان على اليمن وفي مقدمها السعودية. وقال: « اللقاء مع أطراف العدوان كأطراف هي الطريقة الحقيقية لإيقاف العدوان وفك الحصار وهو ما نتحدث عنه دائما». محمد علي الحوثي، استدل في هذا، بنتائج تجارب محادثات السلام السابقة التي رعتها الأمم المتحدة، بين وفدي المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ وحكومة مرتزقة الرياض في جنيف والكويت، وتابع في تغريدة على حسابه في «تويتر» مساء الثلاثاء، قائلا: «فشل تجارب اللقاءات السابقة سببه هو عدم وجود من يملك القرار، حتى أن المرتزقة قد يقدمون نقاطا في موضوع معين أو يوافقون على اتفاق بتأييد أمين عام الأمم المتحدة ثم لا يستطيعون تنفيذه».
البحث عن مخرج
إلى ذلك، يظهر من تصريحات السفير السعودي محمد آل جابر، حالة الارتباك والتخبط التي تعيشها السعودية، بين ما تفرضه تداعيات الحرب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية الداخلية للمملكة من ضرورات وقف عدوانها على اليمن، وبين ما ترومه من أطماع وتنفذه من أجندات أمريكية وصهيونية، تملي عليها الاستمرار في العدوان، رغم معرفة العواقب سلفا، وعلى نحو تجاوز الاحتمالات إلى اليقين.
حول هذا، تقول الصحيفة الأمريكية نفسها التي نشرت تصريحات السفير السعودي إنه «يُنظر إلى أن المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط حريصة بشكل متزايد لتخليص نفسها عسكرياً من اليمن، حيث تدخلت في مثل هذا الشهر قبل خمس سنوات». ونقلت أحاديث عن خبراء سياسيين وعسكريين واقتصاديين، يؤيدون هذا المنحى بوصفه طوق النجاة المتاح للسعودية، من تداعيات سلبية كبيرة، قد تقوض المملكة نفسها.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن الخبيرة في شؤون اليمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إيلانا ديلوزيير، قولها: إن «الدعوات الحالية للقاء الحوثيين وجهاً لوجه لإجراء محادثات بعد الهجمات الاستفزازية نهاية الأسبوع، تشير إلى أن السعوديين يريدون بشدة إنهاء الحرب في اليمن». وأضافت: إنه «على الرغم من المكاسب الإقليمية الأخيرة التي حققها الحوثيون فإن السعوديين يؤيدون القنوات المباشرة مع الجماعة».
كذلك صحيفة ذي تايمز(The Times) البريطانية، نشرت السبت، تقريرا بعنوان مباشر « السعودية تبحث عن مخرج من اليمن بعد 5 سنوات من الفشل»، قالت فيه: «أصبحت السعودية تنشدُ السلام في اليمن بعد الهزيمة المذلّة لقواتها المتحالفة في شمال البلاد، وبعد خمس سنوات من التدخل في الحرب الأهلية، إذ أعلن التحالف الذي تقوده السعودية، أنه سيقبل دعوة لوقف إطلاق النار وجهتها الأمم المتحدة لمواجهة جائحة فيروس كورونا».