ما يثير الدهشة والاستغراب في آن واحد ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء جولته الأخيرة للشرق الأوسط من تصريحات أكد من خلالها رفض بلاده للاستيطان واعتبره غير شرعي وكأن وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وجود شرعي أما الاستيطان طبقا◌ٍ لذلك التصريح المفبرك فهو غير شرعي وليس ذلك فحسب¡ بل كأن الاستيطان أيضا◌ٍ في طور النشأة أو التكوين..
دونما وعي أو إدراك بأن العدو الإسرائيلي استكمل مشروع التوسع غير الشرعي على امتداد فلسطين بشكل كامل وإن كانت إدانة الولايات المتحدة بالظرف الراهن لذلك التوسع الذي تقوم به إسرائيل مجرد محاولة لتحريك المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين علما◌ٍ بأن تل أبيب عندما جرى انعقاد مؤتمر مدريد مطلع التسعينيات من القرن الماضي وما أسفرت عنه من مباحثات بين الجانبين خاصة أوسلو «ا» وأوسلو«2» دائما◌ٍ ما كانت إسرائيل تواصل مشروع بناء المستوطنات كمسألة طبيعية غير مكترثة بالمفاوضات.
وكان العالم كله يدرك بأن أبسط معنى يتصل في بناء المستوطنات يتمثل في مواصلة السياسة الإسرائيلية الداخلية التوسع في الاعمار وأن ماهو حاصل احتلال واستعمار لفلسطين بدليل ان الكيان الصهيوني لم يتخل عن سياسته التوسعية لأن ذلك مسألة طبيعية مرتبطة بنشأة الدولة اليهودية داخل فلسطين المحتلة.
وقد استمرت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في إعطاء الأولوية لبناء المستوطنات وتعتبر ذلك جزءا لا يتجزأ من السياسة الثابتة لها وهو ما يعني أن الحديث عن التوسع الإسرائيلي الذي تعارضه واشنطن حاليا◌ٍ مجرد محاولة¡ كما أشرنا الهدف منها إنعاش المفاوضات خاصة وقد أفاد بذلك الوزير بأن المستوطنات لا تساعد في عملية السلام وكأن تلك المستوطنات لم تعد حقيقة واقعية وكأنها ما تزال موضع نقاش أو جدل بين الأطراف الداعية لمفاوضات السلام¡ لأن التوسع دائما◌ٍ ما كان يتم ويتواصل بصورة أكبر وأعم وأشمل أثناء المباحثات السابقة التي طالت لعقود مضت ولم تستطع تلك المباحثات ان تثني إسرائيل عن مواصلة بنائها للوحدات السكنية وانما اتسع نطاق ذلك في ظل الدعوات المنادية لتحريك عملية السلام¡ خاصة وقد اثبتت الوقائع والادلة بأن لا أوراق جديدة لدى الإدارة الاميركية حتى تقنع الجانب الفلسطيني بمصداقية تل ابيب أو بمصداقية واشنطن المنحازة دائما◌ٍ لإسرائيل وبالتالي دعت حاليا◌ٍ إلى وقف الاستيطان وأبدت معارضتها لذلك من أجل استئناف مباحثات جديدة يتم الإعلان والترتيب لها برعاية الولايات المتحدة الاميركية لتكون كما جرت تسميتها مفاوضات السلام المباشرة لذر الرماد على العيون.
وليس أدل على ذلك مباحثات السلام السابقة التي كان أبرز نتائجها التوسع في المشروع الاستيطاني للكيان الصهيوني على حساب القضية المركزية للشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية وان كانت المباحثات المرتقبة ليست إلا فاتحة أخرى لاستيطان جديد تنفذه إسرائيل في فلسطين المحتلة على مرأي ومسمع العالم المنحاز لذلك الكيان المغتصب.
Prev Post
قد يعجبك ايضا