الإسراء والمعراج وواقع المقدسات الإسلامية

عبدالفتاح علي البنوس
يحتفل المسلمون في مختلف أرجاء المعمورة بذكرى الإسراء والمعراج والتي خلدها الله عز وجل في كتابه الكريم وسميت باسمها سورة الإسراء قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) هذه الذكرى العطرة التي عرج فيها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء السابعة وبلغ سدرة المنتهى، ورأى خلالها الكثير من الآيات الإلهية الكبرى، وفرضت فيها الصلاة، وتزينت السماء وابتهجت الملائكة بزيارة الرسول الأعظم، وشرف بالصلاة إماما بالأنبياء والرسل تكريما له ولمكانته ومقامه الرفيع عند ربه.
حيث يتخلل الاحتفالات بهذه المناسبة الكثير من المحاضرات والندوات والموشحات والأناشيد التي تتناول هذه الذكرى والدلالات التي تحملها، والمحطات التي قطعها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمواقف التي حصلت له، والتوقيت الإلهي لهذه الرحلة الخاطفة والمعجزة الخالدة، التي جاءت بعد عام الحزن الذي فقد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وعمه أبو طالب عليهما السلام، فجاءت حادثة الإسراء والمعراج لتطبيب الجراح وتجاوز مشاعر الحزن والأسى، فأسري بالرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، قبل أن يعرج به جبريل عليه السلام إلى سدرة المنتهى.
واليوم تحل هذه الذكرى العطرة والمسجد الحرام موصدة أبوابه أمام المصلين والمعتمرين والزائرين تحت ذريعة الحيلولة دون انتشار فيروس كورونا، بعد أن عملوا على بناء جدارين عازلين حول الكعبة المشرفة لذات المبرر، وبعد أن شرعوا في اتخاذ سلسلة إجراءات غير منطقية منها تقليص مدة الصلوات بما في ذلك خطبة الجمعة وتعمدهم تخويف الناس من الدخول للمسجد الحرام لذات الدواعي والمبررات غير المنطقية المبالغ فيها، في الوقت الذي يعيث فيه مهفوف آل سعود محمد بن سلمان الفساد في بلاد الحرمين الشريفين تحت شماعة الانفتاح وما يسمى برؤية المملكة 2030م والتي دشنها بافتتاح المراقص ونوادي الديسكو والقمار ودور السينماء والشرعنة للاختلاط والسفور داخل الحرم المكي وإدخال الأصنام والتماثيل تحت يافطة حرية الأديان والتي فرضها بن سلمان بالقوة وقام باعتقال كل من ينتقده من علماء وخطباء ووعاظ وسياسيين وناشطين وحقوقيين، ولم يسلم منه حتى عمه وأبناء عمومته وكل ذلك من أجل تربعه على عرش المملكة خلفا لوالده الذي بات خارج نطاق الخدمة بسبب تداعيات الزهايمر الذي يعاني منه.
علاوة على قيامه بالشرعنة لصفقة ترامب، وتعهده بتقديم مساعدات مالية ضمن سلسلة الإغراءات المالية التي أعلن ترامب عن تقديمها للفلسطينيين في حال موافقتهم على صفقة القرن، والتي تأتي في ظل حالة من التقارب السعودي الإسرائيلي وتسارع وتيرة التطبيع مع هذا الكيان والدخول معه في تحالفات، وعلاقات ومصالح مشتركة على حساب القضية الفلسطينية، والقدس الشريف مسرى الرسول الأعظم، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والذي يتعرض اليوم لأكبر مؤامرة تستهدف قضية العرب المصيرية الأولى، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وحمد بن عيسى آل خليفة وبقية ملوك وقادة وزعماء العهر والعمالة والتطبيع، الذين يتسابقون على مسح الغبار من على نعال الأمريكي والإسرائيلي طمعا في رضاهم عنهم والتقرب إليهم، من أجل تأمين تواجدهم على كراسي السلطة.
بالمختصر المفيد، ذكرى الإسراء والمعراج محطة إيمانية يجب أن نستلهم منها الدروس والعبر التي من شأنها توثيق صلتنا وعلاقتنا بالله، وتمسكنا بهدي وسنة محمد بن عبدالله عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، وخصوصا وهي تتزامن مع دخول عدوان آل سعود وآل نهيان ومن تحالف معهم عامه السادس واحتفالاتنا بالذكرى الخامسة للصمود الوطني، لنؤكد للعالم بأننا بالله أقوى، وبأن تمسكنا برسول الله والسير على خطاه واقتفاء أثره هو سر صمودنا وانتصاراتنا، وأننا على العهد ماضون، وعلى هذا الدرب سائرون، قدما قدما حتى النصر، لا تفريط بثوابتنا ومقدساتنا وقضايانا المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس الشريف والحرمين الشريفين ولا تراجع عن تطهيرها من دنس الصهاينة وأبناء عمومتهم آل سعود.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا