السعودية والأمريكان وشماعة إيران

عبدالفتاح علي البنوس
لا يجد الأمريكان أي حرج في تكرار العزف على وتر إيران والدعم الإيراني ، والسلاح الإيراني ، والعمل على شيطنة النظام الإيراني ، ترجمة للسياسة الإسرائيلية التي تهدف إلى خلق عدو جديد للدول العربية والإسلامية هو إيران وحرف الأنظار عن العدو الأول لكل العرب والمسلمين والمتمثل فيها ، فإسرائيل تدرك جيدا أنها الغدة السرطانية التي زرعتها بريطانيا وآل سعود في الجسد العربي بهدف افتعال الحروب والصراعات والفتن والأزمات بين دول المنطقة والعمل على تفكيك أوصالها وخلق العداوات بين أبنائها ، وأن من مصلحتها الاستعانة بأمريكا لتزعم الجناح المعادي لإيران ، وتصويرها على أنها الخطر الكبير الذي يتهدد أمن واستقرار دول المنطقة وفي مقدمتها دول الخليج التي تحاول إقناع بعضها بأن إيران تتربص بها الدوائر ، وأنها تسعى إلى ضمها وإلحاقها بها ، كونها ما تزال تعتبرها ضمن مناطق الخليج الفارسي التابع لها .
هذا الطرح الأمريكي الذي يخدم في المقام الأول إسرائيل ومن ثم المصالح الأمريكية يتم تمريره والترويج له عبر وسائل إعلامية وأبواق وأدوات رخيصة تعمل لحساب هذا الكيان الغاصب ، وتتستر وتتدثر بعباءة الإسلام ، والهدف منه ابتزاز هذه الدول وفي مقدمتها السعودية ( البقرة الحلوب ) بهدف الضغط عليها وإجبارها على تقديم المزيد من قرابين الولاء والطاعة ودفع (الجزية) للأمريكي الذي يقدم نفسه على أنه المنقذ لآل سعود ولمملكتهم التي قال عنها ترامب إنها لا تستطيع البقاء لمدة أسبوعين بدون الحماية الأمريكية.
والمشكلة هنا ليست في أمريكا ولا في إسرائيل ،فنحن نعرفهما جيدا ومشاريعهما باتت مكشوفة للجميع ، لكن المشكلة في السعودي الذي يعي ويدرك أن إيران لا تمثل أي خطر عليه ولا على مملكته ، وأنه تربطه بها علاقات جيدة وتجمعهما مصالح ومنافع مشتركة ، ولم يحصل منها ما يثير القلق ويستدعي كل هذا الكره والعداء ، والأمر ذاته ينطبق على الإمارات التي تربطها علاقات تجارية واقتصادية كبيرة مع إيران وتتواجد جالية إيرانية كبيرة في الإمارات علاوة على الاستثمارات الإيرانية هناك في كثير من المجالات ووجود أعداد كبيرة من الإماراتيين من أصول إيرانية ، لكن التحريض والتعبئة الأمريكية أجبرت هذه الدول على استعداء إيران وتوجيه الاتهامات لها بدعم ما تسميه بالمد الشيعي في اليمن ولبنان والعراق ، هذا المد الذي تصوره على أنه يستهدف الدولة السُنِّية السعودية حسب وصفهم ، في صورة قذرة للتحريض والتأليب الطائفي والمذهبي الذي تشتغل عليه أمريكا وإسرائيل بهدف تمرير أجندتهما وتنفيذ مشاريعهما وتوسيع قاعدة نفوذهما ، وتعزيز تواجد القوات الأمريكية في المنطقة تحت شماعة الحماية .
وفي اليمن تعودنا منذ بدء العدوان وتدشين الرد اليمني على الإجرام السعودي والإماراتي ، وخصوصا عقب أي انتصارات أو عمليات نوعية يحققها وينفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية، تعودنا ذهاب الجانب الأمريكي نحو استدعاء الخطر والتدخل الإيراني المزعوم ، والحديث عن تزويد إيران الجيش واللجان الشعبية اليمنية بالأسلحة من خلال تهريبها عبر الحديدة وميدي ، وظلوا يرددون هذه الأسطوانة المشروخة التي مللنا وسئمنا من الاستماع إليها ، وعندما شعروا بالملل ذهبوا نحو السواحل الجنوبية للتسويق لأكذوبة جديدة ، حيث أعلن سلاح البحرية الأميركية مصادرة أسلحة إيرانية في البحر الحربي كانت في طريقها إلى الحوثيين حسب تعبيرهم .
بالمختصر المفيد: مفضوحون حتى وهم يكذبون ، بالله عليكم أين يقع البحر العربي ؟! وما هي المحافظات التي تشرف عليه ؟! ومن هي القوى المسيطرة عليها والمتحكمة في كل شؤونها ؟! أيعقل أن الإيرانيين سذج إلى هذه الدرجة ؟! (قد كانوا على ميدي والحديدة) على الأقل من باب المعقول منطقيا ، أما البحر العربي فهذا يندرج في سياق (الكذب المعسبل ) ، عموما لا يوجد ما يجرِّم أو يحرِّم علينا شراء الأسلحة من إيران أو من روسيا أو الصين أو حتى من أمريكا نفسها ، وما لا يدركه الأمريكي أو ما يحاول التغابي والتظاهر بعدم إدراكه أن العقول اليمنية في وحدة التصنيع الحربي نجحت في تطوير وتحديث المنظومات الدفاعية الصاروخية والجوية ، وباتت تمتلك القدرة على التصنيع الحربي المتطور بفضل الله وتأييده ، وأن بأس المقاتل اليمني المسنود بقوة الله نجح في التغلب على أحدث المدرعات والمعدات والأسلحة الأمريكية والأوربية ، وأن الكثير من هذه الأسلحة والمعدات العسكرية التي تعمل بنظام الليزر وبتقنيات حديثة ومتطورة باتت ضمن قوة الردع اليمنية بعد أن تمكن أبطالنا من اغتنامها خلال عمليتي “نصر من الله” و”البنيان المرصوص” ، وفي جبهات ما وراء الحدود ، وهو ما يعني أننا لم نعد بحاجة إلى أسلحة من إيران ولا من غيرها ، فالعقول اليمنية ماضية في التصنيع والتطوير والتحديث ، ورجال الرجال في الجبهات يسطرون ملاحم الانتصارات البطولية ويغتنمون أحدث الأسلحة الأمريكية والأوروبية ويقومون بتفعيلها ضد أعداء الله وأعداء الوطن ، والحديث عن أسلحة إيرانية عبارة عن محاولة بائسة للتغطية على الانتكاسات والهزائم التي يتكبدها مرتزقة العدوان وأسيادهم ، والتغطية على انتصارات أبطال الجيش واللجان الشعبية الساحقة الماحقة بذريعة الدعم الإيراني المزعوم ، متجاهلين الدعم العسكري الأمريكي والأوروبي للسعودية والإمارات الذي فشل على مدى خمس سنوات في هزيمة المقاتل اليمني (المبردق)، ( حافي القدمين) وصنع منه أعجوبة للعالم .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .

قد يعجبك ايضا