«لقد عاصرت الحرب العالمية الثانية وأنا طفل، وأحداثا مثيرة، منها اغتيال الرئيس كينيدي واغتيال الزعيم مارتن لوثر كينغ، ناهيك عن أحداث 11 سبتمبر وعدة حروب أميركية هنا وهنا، لكن لا أتذكر وجود حالة هلع كتلك التي أراها حاليا».
بهذه الكلمات تحدث مواطن أميركي مسن تخطى التسعين من عمره عما تشهده بلاده من تطورات تتعلق باتساع انتشار وباء كورونا في الولايات المتحدة.
وذكر ماتيوس هييرا -وهو مدرس بيانو متقاعد- أنه يشعر بالأسف لعدم قدرة بلاده على التعامل الجيد مع تبعات الأزمة الحالية.
وتتسع دائرة الهلع داخل أميركا على مدار الساعة لتشمل المزيد من القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وخلال جولة في أحد المراكز التجارية ظهر جليا حمى شراء غير طبيعية رغم توفر أغلب المنتجات الاستهلاكية.
وتحدث لنا أحد العاملين في المجمع قائلا «كل شيء متوافر إلا مطهرات اليد وكمامات الأنف، أما غير ذلك فلدينا مخزون ضخم من كل شيء».
إلغاء فعاليات
وتم إلغاء أغلب الفعاليات الرياضية، خاصة مسابقات كرة السلة للمحترفين والجامعات، إضافة إلى هوكي الجليد ومباريات كرة القدم، كما أغلقت مسارح بروداي الشهيرة بمدينة نيويورك.
وتتخطى هذه الإجراءات تلك التي شهدتها الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وقد ضاعفت تصريحات صدرت عن حاكم ولاية «أوهايو» مايك ديواين ومديرة دائرة الصحة في الولاية إيمي إكتون حدة الهلع.
فقد أشار المسؤولان خلال مؤتمر صحفي إلى أن أعداد المصابين بفيروس كورونا قد يزيد على 100 ألف داخل الولاية التي يقدر عدد سكانها بـ11 مليون نسمة.
وقالت إكتون «نحن نعلم فقط من خلال تفشي الفيروس في الولاية أن 1% على الأقل من سكان أوهايو يحملون الفيروس اليوم»، مضيفة «لدينا 11.7 مليون نسمة، لذا فإن نسبة الإصابة تزيد على 100 ألف، هذا قد يوفر لمحة بشأن مدى تفشي الفيروس وانتشاره السريع».
واتخذت ولاية أوهايو العديد من الإجراءات للحد من انتشار الفيروس، منها إغلاق المدارس والجامعات لثلاثة أسابيع، وحظر التجمعات التي يزيد تعدادها على مئة شخص.
كما تزايد عدد الولايات التي أعلنت حالة الطوارئ لتشمل ولاية فيرجينيا المجاورة للعاصمة واشنطن، وقبل ذلك أعلنت ولايات واشنطن وكاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا وغيرها حالة الطوارئ، وهو ما يسمح لها بالحصول على مساعدات فدرالية.
كما أقر الكونغرس سابقا مبدئيا تخصيص 8.3 مليار دولار في شكل مساعدات طارئة مخصصة للتعامل مع المرض.
إجراءات الطوارئ
ويتيح إعلان حالة الطوارئ كذلك لحكام الولايات عدم الامتثال لبعض القوانين، مثل فرض الحجر الصحي من دون إذن قضائي، وتقييد حرية التجمعات، وتغيير القوانين الصحية، لكن خلال فترات زمنية محددة يقررها حاكم الولاية.
وقررت حكومة العاصمة واشنطن والولايتان المجاورتان فيرجينيا وميريلاند تعليق الدراسة مبدئيا لثلاثة أسابيع لمنع انتشار الفيروس.
وكشف طبيب يعمل في أحد مستشفيات العاصمة واشنطن دون ذكر اسمه- أنه تلقى تعليمات «بضرورة حجز أي مريض يحضر لجناح الطوارئ ويشتبه في إصابته بفيروس كورونا لعدة ساعات لإجراء الاختبارات اللازمة»، مشيرا إلى أن تكلفة تلك التحاليل لا تقل عن 1800 دولار للفرد الواحد.
وانتقد الكثير من أعضاء الكونغرس عدم توافر اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، وقارن الأعضاء بين ما قامت به كوريا الجنوبية من إجراء الاختبارات على أكثر من 200 ألف شخص يوميا، في وقت يقتصر الكشف فيه داخل الولايات المتحدة على من سافر للخارج مؤخرا أو احتك بمصابين بالفيروس.
وأشارت بعض الإحصاءات إلى أن مركز مكافحة العدوى وانتشار الأمراض قد كشف عن 77 شخصا فقط هذا الأسبوع.
وذكرت النائبة الجمهورية من ولاية كاليفورنيا كاتي بوتر أنها راجعت تكلفة إجراء فحص الكشف عن الفيروس، واكتشفت أن تكلفة الفحص الواحد تصل إلى 1331 دولارا، مطالبة بضرورة توفير الحكومة الفدرالية هذه الفحوصات بالمجان.
ووجهت الكثير من المراكز الصحية دعوات للمواطنين ممن «يشعرون بآلام بسيطة» بالبقاء في منازلهم وعدم القدوم للمستشفيات والمراكز الصحية أو عيادات الأطباء، حيث لا تتوفر الإمكانيات لتوقيع كشف اختبار فيروس كورونا على المواطنين الأصحاء، كما أن الذهاب للمستشفيات يزيد مخاطر احتمال انتقال العدوى.
وانعكست آثار انتشار الفيروس أيضا على البورصات وأسواق المال، حيث انهارت بورصة وول ستريت أمس الخميس وسجل مؤشرها الرئيسي «داو جونز» أسوأ جلسة له منذ الانهيار المالي في 1987 بخسارته 10% من قيمته.
وكان البنك الفدرالي في نيويورك قد أعلن أنه سيضخ 1.5 تريليون دولار من السيولة في السوق هذا الأسبوع، لمواجهة الانخفاض الهائل في الأسواق.
كما أكد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن الإدارة الأميركية تعمل بلا توقف لوضع خطة لدعم الاقتصاد الوطني في مواجهة انتشار فيروس كورونا.
السباق الانتخابي
وفيما يتعلق بالسباق الانتخابي داخل الحزب الديمقراطي، تم الإعلان عن نقل المناظرة المهمة بين المرشحين بيرني ساندرز وجو بايدن من ولاية أريزونا إلى العاصمة واشنطن، على أن تعقد مساء الأحد المقبل دون جمهور.
كما جمد المرشحان الديمقراطيان والرئيس دونالد ترامب مؤتمرات وفعاليات انتخابية عدة كان ينتظر أن يحضرها الآلاف من مناصريهم.
ويخشى مسؤولو الحزب الديمقراطي أن تؤثر تطورات انتشار فيروس كورونا على نسب المشاركة في التصويت بسبب الخوف من الوجود في مناطق مزدحمة.
وتزايدت دعوات الخبراء للبحث في احتمال الاضطرار لإجراء التصويت إلكترونيا حال بسبب انتشار الفيروس.
كما وجه المرشح الديمقراطي جو بايدن خطة عمل لمواجهة انتشار الفيروس انتقد فيها طريقة إدارة ترامب للأزمة.
واتهم بايدن إدارة ترامب بالتقليل من أهمية المخاطر وعدم التراجع عن رأيه الذي يدعي أن الإعلام والديمقراطيين يضخمون أزمة فيروس كورونا رغبة في الإضرار بالاقتصاد الأميركي، وللإطاحة بترامب من منصبه في انتخابات نوفمبر المقبل.
قد يعجبك ايضا