يسألونك عن الرقابة!
عبدالملك سام
يعرف الجميع عملي الإعلامي، لذلك لا أتفاجأ كثيرا كلما جلست مع أحد فيفتح معي كلاما عن فلان أو علاَّن، على أساس أني جهة رقابية ما، أو أملك علاقات بأشخاص مهمين، ولعل أسوأ لحظة هي تلك التي أفتح فمي فيها لأرد عليهم بعد أن اكتفيت بالإنصات لفترة قد تمتد ساعة كاملة.
طبعا أنا أفعل حسب استطاعتي، وغالبا ما أزودهم بأرقام الشكاوى للجهة التي بيدها البت في الأمر، لكني أجد أن كلامنا ينتهي بنوع من الفتور، هذا إذا لم ينفجر محدثي فيَّ بسبب أنه كان يتوقع مني شيئا اكثر من ذلك! وأعاني لكي أقنع صاحبنا بأن هذا هو الأجراء السليم، قبل أن يتركني غاضبا أسفا!
أولا يجب أن نفهم أن هناك حالة من انعدام الثقة بين المواطن الذي اعتاد (واو) الوساطة طوال عمره وبين الجهة التي تستقبل الشكاوى، وهذا أمر يمكن أن نفهمه بمرور الوقت إذا وجدنا أن هذه الجهات حلت عدداً من المشاكل فعلا، لكن من المؤسف أن نسمع أن بعض هذه الجهات لا تملك أكثر من حق الاستفسار! هذا إذا لم تتسبب في مشكلة للشخص الذي قدم الشكوى بسبب انعدم وعي من يستقبلون الشكاوى بمبادئ أساسية في مهنتهم.
هناك عدد من القضايا التي تتكرر باستمرار، وهي ذات تأثير كبير وخطير على عملية الرقابة التي ستؤثر بدورها على حياة واستقرار الناس، وكما قلنا سابقا وسنظل نكرره بأن “العدل أساس الحكم”.. يجب أن نفهم أن عملية الرقابة تؤدي دورا كبيرا في الاستقرار وتعزيز صمود الشعب في مواجهة العدوان، كما أنها تحافظ على إيرادات الدولة في هذا الوضع الصعب الذي نعيشه بسبب الحصار، أيضا فإنها من أكثر الوسائل التي جعلت الكثير من المخدوعين يعودون إلى رشدهم في مناطق كثيرة عانت من ظلم العدو الغازي ومرتزقته.
هناك من يشتكي من موظف ضرائب يبتزه بينما يترك جاره دون أي سؤال، والبعض الآخر يشكو من نقطة تفتيش لا يعرف أحد من وراءها ولمصلحة من تعمل، وهناك من يشكو من قاض يتحيز لخصمه الذي يدفع مستخدما خبرته القانونية للتنكيل بالضعفاء، وهناك من يشكو من صاحب نفوذ أخذ أرضه بدون حق محتميا بمشرف أو ضابط شرطة، وهناك من يشكو من مسؤول في جهة ما قام بمخالفة القانون وليس هناك من يردعه، والكثير من هذه الشكاوى التي نسمعها باستمرار.
مع تقديرنا لجهات رقابية أثبتت جدارتها، ولكن هناك جهات رقابية لم تحرك ساكنا رغم كل الظروف التي يمر بها البلد! بعضها ليس لديه سلطة، وبعضها يتبع جهة المفترض أنها تحت سلطتها، وبعضها لا يملك العاملون فيها أي وعي بمهام وظيفتهم، وبعضها تعاني من فساد الموظفين فيها الذين كان من المفترض أنهم من يقومون بمحاربة الفساد، وجهات مازالت تعاني من سبات عميق كجهاز الرقابة وهيئة مكافحة الفساد!
أنا هنا أضم صوتي لبعض المواطنين لإيجاد حل ما، ولعل الحل يكمن في تجربة لجنة شكاوى كالتي أنشأها الرئيس الحمدي، حيث كان أي مواطن يستطيع تقديم شكواه للجنة بطرق سهلة، وتتكون اللجنة في معظمها من أشخاص عسكريين لهم سلطة البت والتنفيذ، هذه اللجنة التي كانت تخيف أي مسؤول من ارتكاب الأخطاء وحازت على سمعة جيدة لدى الناس.
لا عيب في أن نستفيد أيضا من تجارب أخرى في دول استطاعت تغيير واقعها للأفضل، ونحن نملك الكثير من الشخصيات القادرة على إحداث التغيير المنشود، ولعل تجربتنا مع اللجان الثورية خير شاهد على ما نستطيع أن نحدثه من تغيير رغم أنها كانت تعاني وضعا صعبا وحساسا للغاية في حينه.. ودمتم بود.