عمار المعلمي – مقاطعة خونان – دكتوارة
لم يرعب كورونا الصين ولم يصبها بصدمة جراء غدره وهجومه المفاجئ ودون سابق إنذار، فقد ظهرت الصين بقوة ورباطة جاش منقطعة النظير.
كورونا الذي ارهب الجميع وقذف الرعب في قلوب الكثير من بلدان العالم أظهر مواطن جديدة من مواطن العظمة في هذا البلد العظيم، فقد أبهر العالم وكشف صورًا جميلة من صور التلاحم بين الشعب الصيني وحكومته، وأظهر مدى التنسيق والتعاون والعمل جنبًا إلى جنب في مواجهة هذا الفيروس اللعين ومواجهة تحدياته وخطورته.
فعلى الرغم من أن هذا الوباء قد ضرب أكبر البلدان من الناحية السكانية واقوى حضارة صناعية في العالم وهو ما يضاعف من آثاره الكارثية على كافة الأصعدة، إلا أننا رأينا على أرض الواقع صلابة وتخطيطاً وتنظيمًا لا يعرف المستحيل في محاربة هذا الوباء. فقد رأينا تناغماً رائعاً من أعلى هرم السلطة الى أسفل الهرم وكأن الأعداد الضخمة لعدد السكان قد تلاشت واتحدت في كيان واحد.
فعلى الرغم من ان حوالي خمسة ملايين شخص انتشروا من المدينة الموبوءة إلى كافة أنحاء الصين لمشاركة اهلهم بمناسبة السنة الصينية الجديدة ، الا ان السلطات الصينية استطاعت حصرهم بشكل دقيق ومتابعتهم إلى كل مدن ومناطق الصين المترامية الاطرف وفي وقت قياسي .
أضف إلى ذالك ، وضع ملايين الأشخاص وكبرى المدن تحت الحجر الصحي لتصبح تلك المدن اكبر حجر صحي عرفته البشرية . كما تم توفير الخدمات الصحية والمعيشية لجميع الأشخاص القابعين تحت الحجر الصحي ، وتشكيل فرق من المتطوعين وموظفي المؤسسات الحكوميات ومنظمات المجتمع المدني لمتابعة وتوفير كل المتطلبات في كل مدن الصين ومقاطعاتها حتي القرى عملت بأسلوب واحد وبطريقة متناغمة لمتابعة حالات جميع السكان وإرشادهم بالتعليمات الصحية والوقاية وفحص جميع السكان بشكل يومي للتأكد من خلوهم من أعراض المرض أو تطورها إلى حالات الإصابة .
حالة استنفار وإحساس بالمسئولية من كافة شرائح المجتمع ، فكل المسئولين كانوا في الميدان وفي مقدمه الصفوف يطمئنون الناس ويساعدونهم في حل كافة مشاكلهم ، تحركت الدولة بكل امكانياتها وتم توفير معظم الخدمات بالمجان وبالأخص في المجال الصحي.
راينا الآلاف المتطوعين الذين لبو ندى الواجب و تقدموا الصفوف الأولى وبالأخص في المدينة الموبوءة في تفاني واخلاص وحب للوطن منقطع النظير. حتي الأجانب أولتهم الحكومة اهتمام خاص ، فنحن مثلا كطلاب قامت جامعاتنا بتوفير كل المتطلبات اليومية المعيشية والصحية والاطمئنان على كافة الطلاب بشكل متواصل.
إننا اليوم ونحن نشارك الصينيين هذه الأحداث نقف مذهولين من كل شئ نشاهده حولنا وكيف تم إدارة الأزمة والى أي مستوى وصل تكاتف الشعب مع القيادة الصينية في هذه الأزمة
عاش العديد من الأجانب مايقرب من العقد والعقدين ولكن ما عشناه في هذه المحنة كشف لنا حقيقة لماذا استحقت الصين كل هذا التطور في شئ المجالات ولماذا أصبحت أقوى الحضارات الإنسانية في تعمير الأرض وخدمة الإنسان.
الصين اليوم تقود الإنسانية جمعا ضد وباء يهدد الكرة الأرضية وبينما تقف الكثير من الدول المتقدمة والمتطورة موقف المتفرج أخذت الصين على عاتقها هذه الحرب بثقة واعتماد على الذات والإيمان العميق بالدولة والشعب دون الحاجة للتأويل أو التسويف.
اننا ونحن نعيش هذه التجربة لنزداد فخر واعتزازا كوننا جزء من هذه الأحداث و اتيحت لنا الفرصة لكي نرى كيف تقاد الأمم وكيف تحارب الشعوب من اجل انجازاتها ومقدراتها بإيمان عميق نابع من الاعتماد على الذات ، نعم اتينا إلى هنا وبدعم من الحكومة الصينية لطلب العلم ولكن ما تعلمناه من الواقع والحياة والاختلاط بهذا الشعب اكبر وأعظم من أن تستطيع تلك الكتب ان تخطه بما في ذلك من حب وتفاني واخلاص واقدام على تحمل المسئولية.
إننا وبلا شعور أصبحنا سفراء للصين في كل دول العالم ننقل ما عشناه او عرفناه عن هذا الشعب العظيم ونحن نقص تجربتنا باعتزاز وفخر اننا كنا جزء من هذه الأمة ولو لفترة وجيزة من الزمن.
وفي الختام ومما لاشك فيه فقد عزز كورونا من ثقة الحكومة الصينية بقدراتها ومنحها دافعًا جديداً للمضي قُدماً وفتح أمامها مجالات جديدة لتقف عندها لتمنح العالم والبشرية إنجازًا جديدًا يضاف إلى إنجازاتها الكبيرة في خدمة العالم و البشرية جمعاء