وُلِدَتْ مَيَّتَة صفقة ترامب .. فضيحة “القرن” والنقطة السوداء في التاريخ العربي

 

الثورة/ محمد عبدالسلام
بعد إعداد طويل وهرولة غير مسبوقة من قبل أنظمة الخزي والعمالة في المنطقة أعلن الرئيس الأمريكي ونالد ترامب ما أسمي بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية بمؤامرة خبيثة كانت انظمة عربية وخليجية اللاعب الرئيسي في رسم معالمها..
جاءت “الصفقة” المسخ مولودا ميتا ولم تؤد إلا إلى مزيد من السخط والاستياء من قبل الجماهير العربية والإسلامية على أعداء الأمة عبر التاريخ وعلى أذنابهم من العملاء والخونة..
هذه الصفقة المشبوهة التي قوبلت بتنديد واسع من قبل شعوب الأمة وحتى من قبل مختلف الدول والانظمة الحرة حول العالم التي رأت فيها تحايلا على حقوق الشعب الفلسطيني ومحاولة لبيع مقدسات الأمة مقابل أوهام كان لها- كما يقول محللون سياسيون -نتائج عكسية تخالف ما يخطط له العدو الأمريكي والصهيوني وأوقدت في أذهان الشعوب شعلة من الوعي والإدراك بمخططات ومخاطر المؤامرات التي تحاك ضد الأمة وحقوقها ومقدساتها ..
خاصة أن هذه الصفقة “الملعونة “تعطي الكيان الغاصب الضوء الأخضر لضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية المحتلة تتمركز حول مناطق أقيمت فيها مستوطنات لليهود وممارسة الضغوط على الفلسطينيين لقبول الأمر الواقع وايهامهم بالتركيز على الشؤون الاقتصادية بدلا من الطموحات الوطنية المبددة وأنهم سيرتكبون خطأ فادحا إن رفضوا الصفقة..
لكن الشعب الفلسطيني ومعه كل الشعوب العربية والإسلامية أبدوا رفضا قاطعا لهذه الصفقة المشبوهة وإذا بالمظاهرات الغاضبة تعم الساحات العربية في مواقف شعبية لا شك أرعبت العدو وجعلت أذنابه في المنطقة يعيدون حساباتهم كثيرا إزاء اعتقاداتهم الخاطئة بأن الشعوب وصلت إلى مرحلة من الخنوع والاستسلام أمام المغالطات والأكاذيب التي يسوقونها للتخلي عن مقدسات الأمة وحقوقها التاريخية والمشروعة مقابل سلام كاذب.
التطبيع تاريخياً
ظهر المصطلح لأول مرة في المعجم الصهيوني للإشارة إلى يهود المنفى (العالم)، الذين اعتبرتهم الحركة الصهيونية شخصيات طفيلية شاذة، منغمسة في الأعمال الفكرية، وفي الغش التجاري، ويعملون في أعمال هامشية، مثل الربا، وأعمال مشينة وقد طرحت الصهيونية نفسها على أنها الحركة السياسية والاجتماعية التي ستقوم بتطبيع اليهود، أي إعادة صياغتهم بحيث يصبحون شعباً مثل باقي الشعوب، ومع إنشاء الدولة الصهيونية اختفى المصطلح تقريباً من المعجم الصهيوني، بسبب حاجة الدولة الصهيونية الماسة لدعم يهود العالم لها..
لكن المصطلح عاود الظهور مرة أخرى في أواخر سبعينيات القرن الماضي، بعد توقيع معاهدة “كامب ديفيد”، ولكنه طُبِّق هذه المرة على العلاقات المصرية الإسرائيلية، إذ طالبت إسرائيل بتطبيع العلاقات بين البلدين، أي جعلها علاقات طبيعية عادية، مثل تلك التي تنشأ بين أي بلدين، وقد قاوم الشعب المصري هذا التطبيع، وقد كانت المطالبة الإسرائيلية بصياغة علاقات طبيعية (تطبيع) في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والمعرفية والثقافية..
“التطبيع السياسي والاقتصادي” هو إعادة صياغة العلاقة, بين بلدين بحيث تصبح علاقات طبيعية, وتصر إسرائيل على أن التطبيع السياسي والاقتصادي بينها وبين الدول العربية هو شرط أساسي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط, ولكن يوجد هنا خلل أساسي في المفهوم وفي المحاولة، فالتطبيع السياسي والاقتصادي يجب أن يتم بين بلدين طبيعيين، وهو الأمر الذي لا يتوافر في إسرائيل, فإسرائيل لا تزال تجمُّعاً استيطانياً, وليست دولة المواطنين الذين يعيشون داخل حدودها, حيث يعطي قانون العودة الإسرائيلي الحق ليهود العالم في الهجرة إلى فلسطين المحتلة، باعتبارها وطن أجدادهم, بعد أن تركوها منذ ألفي عام، وينكر هذا الحق على الفلسطيني الذي اضطر لمغادرتها منذ بضعة أعوام البنيوي في علاقة إسرائيل بالمنظمة الصهيونية وبالوكالة اليهودية، علاقة ليس لها نظير في الدول الأخرى، وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بعضوية مشروطة في هيئة الأمم المتحدة، وشرط قبولها في المنظمة الدولية هو عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهو الأمر الذي لا توجد أي مؤشرات، على احتمال تنفيذه في المستقبل القريب..
أما القول بأن إسرائيل ليست إلا بلدا صغيراً، لا يمكن أن تشكِّل خطراً ثقافياً أو اقتصادياً على العالم العربي، بالعدد الكبير لسكانها، فإنه قول يـكفي لإهماله أن نتذكر كيـف حكمت إنجـلترا في القرن الماضي، وهـي الجـزيرة الصغيرة إمـبراطورية لا تغـرب عنها الشمس، وأثرت تأثيراً بالغـاً في التـوجه الثقافي للدول الخاضـعة لها.

قد يعجبك ايضا