إبراهيم طلحة
الكون عبارة عن علامات كل منها تدل على الأخرى، وللتخاطب مع هذا الكون آداب يتقنها العارفون، وسنبدأ بضرب المثل من الحديث إلى القديم.
“أمبرتو إيكو”، الأديب وفيلسوف اللغة والمؤرّخ الإيطالي، مثال من عصرنا الحديث على المثقف الموسوعيّ الذي يؤسس لنظريات جديدة بشأن انفتاح الأنساق المعرفية على بعضها، فهو كاتب وروائي ولغوي معروف، وله عدة أعمال بعضها مترجم إلى العربية، ولعل أشهرها: السيميائية وفلسفة اللغة، والسيميائية التي يؤسس لها إيكو تنطلق من فكرة العلامات، أي الدالّ والمدلول والرمز.. إلخ، وتنبع الفكرة من منظور أنَّ الإنسان يقرأ الكون المحيط به من خلال علامات ويعبّر عنه من خلال أنظمة مختلفة تتكون في مجملها من علامات سواء كانت لغةً أو رسمًا أو رموزًا.
وفي تراثنا أمثلة كثيرة على عقليات موسوعيّة الثقافة، كالجاحظ وابن قتيبة والغزالي وغيرهم، ممن خاطبوا العالَمين بلغة العالِمين، وعرفوا الدال والمدلول وتحدثوا عن العلامات والأعيان مبكرا، لكن نحن نستنكف عن قراءة تراثنا ومحتوياته، بينما يهتم غيرنا بالاطلاع عليه وقراءته واكتشاف مكنوناته.