رسائل السماء
حمدي دوبلة
“البنيان المرصوص” وقبلها “نصر من الله ” ومن قبلهما المئات وربما الآلاف من المسميات لعمليات عسكرية لأنصار الله على مدى العقد الماضي وما سبقته من أحداث صاحبت المسيرة القرآنية التي بدأت برجل واحد يحاربه القريب والبعيد لتصبح وفي غضون فترة بسيطة لا تعني شيئا بمقياس تاريخ الشعوب والأمم، ورغم كل ما أحاط ويحيط بها من تحديات ومصاعب واحدة من اعظم الحركات الإسلامية المجاهدة في عالم اليوم وأكثرها ارتباطا بالانتصارات والنجاحات على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية حتى صارت كما تقول شواهد الأحداث وحجم التحالفات العسكرية والسياسية في منطقتنا والعالم أبرز الحركات الجهادية التي تثير إزعاج وقلق ومخاوف أعداء الأمة وأذنابهم وأدواتهم في مختلف أرجاء المعمورة.
-ربما نختلف كثيرا وتتباين الآراء في أوساط المتابعين من النخب الفكرية والسياسية محليا وإقليميا وحتى على المستوى الدولي حول اداء المسيرة القرآنية التي يقودها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي باقتدار وثقة من مرحلة الى أخرى وتثار حولها الكثير من التساؤلات والاستفهامات الحائرة أمام سر هذا النجاح وهذا الصمود الإعجازي أمام كل هذا التكالب العالمي وهذه الهجمة الشرسة التي تستهدف اليمن بكل مكوناته ومقدراته حاضرا ومستقبلا، لكن ما يظل محل اجماع بين مختلف تلك التيارات أن ما حدث ويحدث لا يخلو من الآيات والمعجزات الواضحة والشواهد البينة بأن هذا المشروع الإيماني الذي جعل من القرآن الكريم منهجا له ومرجعية لضبط ايقاعات الأداء في كل شؤون الحياة إنما هو مشروع مؤيد ومسدد من السماء وان الصدفة وضربات الحظ التي تصيب حينا وتخطئ أحيانا لا وجود لها في هذا التوجه.
-خلال الخمس السنوات الماضية من العدوان على اليمن بل وحتى من قبل هذا العدوان الاكبر والأشرس في التاريخ الحديث صارت المعادلة واضحة للجميع معارضين ومؤيدين وهو أن كل ما أعد العدو لهجمة كبرى تقصم ظهر الجيش واللجان الشعبية وتحقق نصرا حاسما لجحافله وجيوشه تأتي النتائج والخسائر مدوية في صفوفه، وكل ما تغنى الاعداء بانتصارات وتقدمات ميدانية معينة سرعان ما تحل النكبات به وبأدواته ومناصريه في الداخل والخارج.
-بالأمس القريب هللت قوى العدوان طويلا وتغنت أبواقه في زهو وغرور بانتصارات ساحقة حققها ما يسمى “الجيش الوطني” في منطقة نهم الاستراتيجية وصارت كتائبه على بعد مرمى حجر من العاصمة صنعاء وذلك بعد ان تم تجييش الجيوش الجرارة وتوفير كميات هائلة من الأسلحة الحديثة والمتطورة مع إسناد جوي كثيف من أحدث الطائرات الحربية، لكن ما تم إعداده خلال عدة سنوات تلاشى وتبخر خلال أيام معدودات فقط على أيدي ابطال الجيش واللجان قليلي العدة والعدد، لتتحق معجزة جديدة على درب هذه المسيرة القرآنية الحافلة بالآيات والمعجزات واذا بالمجاهدين يذهبون في تقدمهم ودحرهم للعدو الى أبعد ما كان يرجو أكثر الناس تفاؤلا واذا بالتهديد الذي كان يلامس ضواحي صنعاء الشرقية ينتقل الى ضواحي مارب الغربية في نتيجة رأيناها تتكرر كثيرا دون إدراك واستيعاب رسائل السماء الكامنة في اعماقها البعيدة من قبل العدو ومعظم المتابعين لتطورات العدوان على اليمن نخبا وعامة ما يجعل من التدبر والتفكير في تلك الرسائل والدلالات موضوعا في بالغ الأهمية، وبالتالي استيعابها وبناء المواقف والتوجهات وفقا لأبعادها وحيثياتها وعدم الايغال في التصدي لإرادة “القاهر فوق عباده” ومن يمن بفضله وكرمه على من يشاء من عباده وان لم يكن هناك قناعة كافية من قبل البعض بهذه الأسباب فعليهم سرد أسباب ومعطيات منطقية ومقنعة لما حدث ويحدث وبالتالي المضي في نهج العناد والإصرار حتى تمضي سنة الله في خلقه والى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا.