د. جابر يحيى البواب
لم يعد بالإمكان اليوم أن تسلم الرياضة مِن آثار السياسة التي طالت كل شيء تقريباً في حياتنا، ومن الطبيعي أن يكون لكرة القدم النصيب الأكبر من تلك الآثار باعتبارها اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم، ورغم أن الرياضة من المفترض أن تكون في إطار الممارسة الممتعة، والتنافس الشريف، ورسالة حُب وسلام بين البشر، وبعيدة عن أي نزاعات طائفية أو صراعات سياسية، إلا أن الواقع للأسف مختلف…! حيث تركت السياسة بصمات واضحة على الرياضة، وخاصة كرة القدم، لما لها من تأثير كبير على شعوب الأرض، لذلك نجد أن العلاقة أصبحت وثيقة بين لعبة كرة القدم والسياسة التي تنتهجها الحكومات.
وانطلاقاً من ذلك فقد توهمت إدارة نادي أهلي صنعاء أن التنازل عن الحق والتساهل في إسقاط حقوق الفريق وسمعة النادي، وعدم التمسك باللوائح والأنظمة هو عمل وطني يحافظ على سمعة ومكانة اليمن ويقطع الطريق على الساعين إلى تشطير اليمن وعودة الانفصال؛ مع يقينهم التام بأن هذا لن يحدث أبدا، لسبب بسيط جدا هو أن اليمن جسد واحد متلاحم بكل قيمه وأعرافه وعاداته.
لقد أقدم نادي وحدة عدن وجمهوره على نشر الفوضى واستعمال العنف العنصري ورفع أعلام التشطير والتحريض على الدعوة للانفصال ومحاولة اغتيال الجمهورية اليمنية من مدرجات ملعب سيئون تحت أنظار الاتحاد العام لكرة القدم، الذي سهَّل لهذه الفوضى وحاول الحفاظ على ماء وجهه بقرار عقوبات شكلي لا تأثير له ولا دور في الحفاظ على سمعة الاتحاد وتأمين تاريخ ومكانة أندية الجمهورية اليمنية.
سار الدوري التنشيطي بعكازات مكسرة، مشلول تنافسيا ،معوق تنظيميا متدهور ،فنياً وإدارياً وإعلامياً، أعمى البصيرة يسير في دهاليز شخصيات انتهازية متعصبة لأفكار رجعية لا تسعى لتطوير الكرة اليمنية بقدر ما تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية، تخالف الأنظمة واللوائح وتقصِّر عن عمد إزاء البت في قضايا واضحة ومخالفات مصطنعة استهدف من خلالها نادي أهلي صنعاء صاحب الأهداف الخمسة في مباراة نظيفة ليس فيها أي مخالفات، عدا القصور المتعمَّد إداريا من قبل الاتحاد في عدم استكمال إجراءات تسجيل اللاعب الدولي.. كل ذلك من أجل اغتيال فريق نادي أهلي صنعاء بقرار غبي وفاضح اسمه إعادة المباراة بين الفريقين وفي توقيت غير مناسب لينتهي الاغتيال بهزيمة الأهلي بهدف دون مقابل بعد أن كان فائزاً بخمسة أهداف.
الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يعمل دائماً على أن تكون هناك استقلالية للاتحادات المحلية الوطنية في البلدان المختلفة، ولا يقبل التدخلات الحكومية في إدارة شؤون اللعبة، كي تكون العلاقة ثنائية بين الفيفا وأي اتحاد كرة محلي وطني دون طرف ثالث، وذلك لتسهيل إدارة شؤون الكرة في العالم والنهوض بها، وأيضاً لضمان استقرار واستقلال إدارات الاتحادات المحلية الوطنية دون أي تأثيرات خارجية، لتتمكن من القيام بواجباتها والتزاماتها المحلية والدولية، ما يعمل على سير الأنشطة والبطولات بانتظام ودون مواجهة أية عوائق يمكن أن تسببها الحكومات؛ لكن الاتحاد اليمني العام لكرة القدم يعوم في عكس هذا الاتجاه ويشكِّل مساراً واحداً مع الحكومة التي تسعى دوما لتحقيق سياساتها، وهو ما ينعكس سلبا على أنشطة وبطولات أندية كرة القدم، وبالتالي يؤدي إلى فشل ذريع للمنتخبات الوطنية التي تمثل الجمهورية اليمنية في المنافسات الكروية الدولية والعربية.
يؤكد النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” في بعض مواده ضرورة استقلال الاتحادات الوطنية، حيث تركز المادتان (13)، (17) من نظام الفيفا الأساسي، وهي المواد الخاصة بالتزامات الأعضاء وواجباتهم، واستقلالية الاتحادات الوطنية، بالإضافة إلى المادة (34) التي تنظم عمل اللجان الدائمة؛ وقد أضاف مؤخرا “فيفا” فقرتين في تعديله للمادة (13) وذلك لدعم استقلال الاتحادات الوطنية، حيث تنص الفقرة الأولى على: أن “يلتزم الأعضاء بالأداء باستقلالية بما يضمن إدارة شؤون اللعبة من دون أي تأثير خارجي من طرف ثالث”.
وتنص الفقرة الثانية على: أن “انتهاك الفقرة السابقة سيؤدي إلى فرض عقوبات على الاتحاد الذي يسمح بتدخل طرف ثالث لأن العضو سيعتبر مخالفا للنظام حتى إن لم تكن المخالفة خطأ الاتحاد ذاته”.
وأوضح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” أنه لن يقبل أي أعذار مستقبلاً من الأعضاء، مثل أن التدخل الحكومي جاء لأسباب ضرورية، كي لا تكون مثل هذه الأسباب المختلقة ذريعة للتدخل من أي طرف في إدارة شؤون اللعبة، وسيكون تعليق العضوية أو التهديد بالتجميد والطرد من البطولات من وسائل الردع القوية ضد كل من يخالف قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ختام شكلي للدوري التنشيطي رائع وجميل ومميز استحقه شعب حضرموت .. مبارك لجماهير ختام الدوري التنشيطي ،وجبر الله مصابكم في الاتحاد اليمني لكرة القدم.