‬نتائج كارثية فمن المسؤول¿‮!!‬

■ مطلقـة تـرث زوجـها لعـدم قـدرة أبنـائـه علـى إثـبات تـاريـخ وفـاة والـدهـم
,‮ ‬مسؤولو المقابر‮ ‬يدفنون الموتى ولايعرفون هوياتهم‮

‮ ‬بضعة أيام حاسمة لطرفي‮ ‬القضية في‮ ‬حال نجح أحد الأطراف إثبات أحقيته بوثائق رسمية.‬
هذه حكاية حقيقية حدثت مؤخراٍ‮ ‬حين اختلف ورثة المتوفى حول أحقيتهم بالميراث‮ ‬فالأبناء‮ ‬يجاهدون من أجل إثبات انقضاء عدة طلاق زوجة أبيهم قبل تاريخ وفاته‭, ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬حرمانها من الميراث شرعاٍ‭, ‬والزوجة المطلقة تجتهد في‮ ‬سبيل تأكيد تاريخ وفاة زوجها قبل انقضاء عدتها‭, ‬لتظل القضية عالقة أمام القضاء‭, ‬بسبب‮ ‬غياب وثائق رسمية تحدد تاريخ واقعتي‮” ‬الطلاق والوفاة‮” ‬وكذا طعون الطرفين للشهادات‮.‬
تتكرر هذه الحالة أمام القضاء في‮ ‬ظل‮ ‬غياب الوعي‮ ‬لدى المواطنين بأهمية الحصول على الوثائق الرسمية خلال الفترة القانونية‮.. ‬في‮ ‬هذا التحقيق سنوضح المشاكل والأضرار الناتجة عن عدم قطع شهادة الوفاة في‮ ‬وقتها‮.. ‬وماهي‮ ‬الأسباب والحلول للقضية¿ وهل تملك اليمن إحصائيات للوفيات¿‮.‬
وأسباب الوفاة ¿ وكم عدد الوفيات كرقم‮ ‬يسجل لدى الجهات المختصة‮.. ‬نتابع تفاصيل هذا التحقيق‮.‬

‮> ‬عدم اهتمام المواطنين تجاه الحصول على شهادة الوفاة لموتاهم‮ ‬يضعهم في‮ ‬مشاكل عديدة‭, ‬بحسب قاضي‮ ‬الأحول الشخصية بمحكمة بني‮ ‬الحارث رضوان الخميسي‭, ‬منها عند طلب ورثة المتوفى حصر أملاك والدهم‭, ‬إذ لا‮ ‬يتم الحصر بدون شهادة وفاة تثبت الواقعة مما‮ ‬يجعل الورثة من ضمن المخالفين لقانون مصلحة الأحوال المدنية نظراٍ‮ ‬لتجاوزهم الفترة القانونية‮.. ‬واصفاٍ‮ ‬العميسي‮ ‬إجراءات الحصول على بطاقة الوفاة بـ”إجراءات روتينية ومملة‮”.. ‬معتبراٍ‮ ‬إياها أهم أسباب ابتعاد المواطن عن قطعها بالإضافة إلى انعدام الوعي‮ ‬القانوني‮ ‬لدى المواطنين بأهمية الحصول عليها‮.‬
بنك المعلومات
يعتبر السجل المدني‮ ‬بنك المعلومات لأي‮ ‬دولة‭, ‬فلا تخلو الدول المتقدمة من هذا البنك”السجل‮” ‬باعتباره كيان الدولة والعمود الفقري‮ ‬لها والمرجعية الرسمية‭, ‬كما‮ ‬يقول مدير عام الرقابة ومدير التحقيقات والشكاوى بمصلحة الأحوال المدنية العقيد‮/ ‬محمد حاجب‮.. ‬مضيفاٍ‮:»‬اليمن لا تملك بنك المعلومات‮ ‬وغيابه‮ ‬يخلف الكثير من الأضرار على الدولة منها عدم معرفة عدد حالات الوفاة وأسبابها وكذلك‮ ‬غياب سجل انتخابي‮ ‬صحيح‮«.‬
السجل الانتخابي
‮ ‬وعلى صعيد ذلك اتفق مدير الأحوال المدنية بمديرية معين أمانة العاصمة العقيد‮/ ‬فضل عبدالله الجبوبي‮ ‬مع العقيد حاجب على أن‮ ‬غياب إحصائيات الوفيات‮ ‬يفقد السجل الانتخابي‮ ‬المصداقية‭, ‬كونه بحاجة إلى عملية تحديث مستمر تشمل تنزيل أسماء المتوفين وإضافة من بلغ‮ ‬السن القانونية‭ ‬بالإضافة إلى الإخلال بقاعدة البيانات لدى مصلحة الأحوال المدنية لأن إحصائياتها ليست دقيقة‭, ‬مما‮ ‬يفقد ذلك قيمتها ومكانتها أمام الجهات الرسمية وذات العلاقة‮.‬
انعدام مراكز المصلحة
واعتبر العقيد الجبوبي‮ ‬غياب فروع الأحوال المدنية في‮ ‬بعض المديريات أهم أسباب إهمال المواطنين تجاه هذه الوثائق وعدم قطعها في‮ ‬الفترة المنصوص عليها في‮ ‬القانون‭, ‬نظراٍ‮ ‬لبعد مراكز الأحوال عن القرى وارتفاع تكلفة السفر‮.. ‬مشدداٍ‮ ‬على ضرورة تواجد فروع للمصلحة في‮ ‬المناطق البعيدة عن المدن‮ “‬الريف‮” ‬كون قاطنيه‮ ‬يمثلون‮ ‬75٪‮ ‬من السكان‭, ‬أو إعطاء عقال القرى نماذج بلاغات الوفاة‮.‬
وزارات مخالفة للقانون
‮ ‬عدم التنسيق بين وزارة الصحة التي‮ ‬يجب عليها أن تلتزم بإشعار المصلحة نهاية كل عام بعدد حالات الوفاة التي‮ ‬شهدتها المستشفيات‭, ‬بحسب مدير عام التخطيط والتقييم‮ “‬الإحصاء سابقاٍ‮” ‬العقيد الركن‮/ ‬خالد معياد من أهم أسباب انعدام إحصائيات دقيقة وشاملة للوفيات بالإضافة إلى تساهل وزارة الأوقاف بإلزام مسؤولي‮ ‬المقابر بعدم دفن أي‮ ‬شخص بدون شهادة وفاة‮.. ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن المصلحة لا تمتلك إحصائيات صحيحة ودقيقة للوفيات حتى لشهداء وزارتي‮ ‬الداخلية والدفاع التي‮ ‬يلزمها القانون برفع أسماء الشهداء نهاية كل عام‮.‬
قانون العقوبات
ويختلف معياد مع الجبوبي‮ ‬حول إعطاء عقال القرى والمستشفيات والمقابر استمارات الوفاة‭, ‬باعتبارها وثائق رسمية لا تعطى إلا للمختصين‮.. ‬منوهاٍ‮ ‬بأن المواطنين لا‮ ‬يستخرجون بطائق الوفاة خلال الفترة القانونية‮ (‬60‮ ‬يوماٍ‮) ‬نظراٍ‮ ‬لغياب وعي‮ ‬المواطن وعدم تفعيل قانون العقوبات على المتجاورين‮.‬
تنسيق شامل
من جانبه أكد مدير إدارة التخطيط بمصلحة الأحوال المدنية العقيد‮/ ‬محمد عمر العصري‮ ‬على أن عدم تفعيل قانون الأحوال المدنية والسجل المدني‮ ‬الصادر برقم‮ (‬23‮) ‬لسنة‮ ‬1991م وكذا تطبيق مبدأ الثواب والعقاب على المواطن والموظف‭, ‬ساعد على انتشار هذه الظاهرة‮.. ‬وبحسب العصري‮ ‬فإن حصر إحصائيات الوفيات‮ ‬يحتاج تنسيقاٍ‮ ‬شاملاٍ‮ ‬بين الجهات ذات العلاقةـ الآنف ذكرهاـ بالإضافة إلى توظيف كادر متخصص في‮ ‬الإدارات الإحصائية‭, ‬كون أكثر منتسبي‮ ‬المصلحة ليس لهم أي‮ ‬علاقة بعلم الإحصاء وكذا إيجاد عمل آلي‮ ‬بدلاٍ‮ ‬من اليدوي‮ ‬الذي‮ ‬يشكل عائقاٍ‮ ‬لإحصاء الوفيات‮.‬
إحصائيات مشكك بها
وبحسب إحصائيات مصلحة الأحوال المدني‮ ‬فقد شهد النصف الأول من العام الجاري‮ ‬قطع‮ “‬18183‮”‬شهادة الوفاة من مختلف فروع المصلحة بالمحافظات‮.. ‬إلا أن العقيد العصري‮ ‬شكك بهذه الإحصائية كونها‮ ‬غير دقيقة‮.. ‬لافتاٍ‮ ‬إلى أن‮ ‬80٪‮ ‬من المتقدمين للحصول على شهادة الوفاة متجاوزين الفترة القانونية ويستخدمونها لأغراض ومنافع شخصية‮.‬
مستشفيات متقاعسة
عدم رفع المستشفيات للمصلحة بحالات الوفاة خلال الفترة القانونية‮ (‬15‮ ‬يوماٍ‮) ‬من تاريخ وقوعها‭, ‬يعتبر أهم عوامل فشل المصلحة في‮ ‬حصر عدد الوفيات‭, ‬كما‮ ‬يقول مدير السجل المدني‮ ‬بأمانة العاصمة المقدم‮/ ‬أحمد الصرابي‭, ‬والذي‮ ‬أوضح بأن المستشفيات متقاعسة ولا تقوم بإبلاغ‮ ‬فروع المصلحة بأي‮ ‬واقعة وفاة‭, ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن فرع الأمانة‮ ‬يقوم بقطع ما لايقل عن‮ (‬2000‮) ‬شهادة وفاة خلال العام‮.‬
جريمة تعديل القانون
وفي‮ ‬السياق ذاته اعتبر مدير عام الرقابة ومدير التحقيقات والشكاوى بمصلحة الأحوال المدنية العقيد‮/ ‬محمد حاجب تقاعس المصلحة في‮ ‬تطبيق القانون على المتجاوزين الذي‮ ‬ينص على دفع عشرة آلاف ريال‮ ‬غرامة‭, ‬من أهم العوامل التي‮ ‬ساهمت بشكل كبير في‮ ‬إهمال المواطنين للحصول على وثيقة الوفاة‮. ‬
وعن الحلول التي‮ ‬تستطيع من خلالها الحكومة أن تمتلك سجلاٍ‮ ‬مدنياٍ‮ ‬دقيقاٍ‮ ‬شدد العقيد حاجب على ضرورة إعادة المجلس الأعلى للمصلحة الذي‮ ‬نص عليه قانون‮ ‬23‮ ‬لسنة‮ ‬1976م والذي‮ ‬تم إلغاؤه بعد صدور قانون‮ ‬93‮ ‬كون المجلس‮ ‬يعتبر العمود الفقري‮ ‬للحصول على الإحصائيات‮.. ‬منوهاٍ‮ ‬بأن المجلس فعل في‮ ‬الثمانينيات برئاسة رئيس المصلحة وبمشاركة الجهات ذات العلاقة كوزارة الصحة والأوقاف وغيرها‮.‬
وشدد العقيد حاجب على تطبيق نصوص القانون خاصة قانون الغرامات لما له من دور كبير في‮ ‬المساهمة على إقبال المواطنين باستخراج الوثائق الرسمية‭, ‬وذلك‮ ‬يأتي‮ ‬مصاحباٍ‮ ‬لتوعية إعلامية قانونية‮.‬
إجراءات حالية
الحصول على إحصائيات شاملة ودقيقة من وزارة الصحة باعتبارها أحد أطراف القضية‭, ‬خلال الحديث مع مدير عام الإدارة العامة للمعلومات والبحوث الدكتور‮/ ‬عبد الجبار علي‮ ‬الغيثي‮ ‬والذي‮ ‬تأسف لعدم امتلاك الوزارة إحصائيات شاملة لهذه المعضلة التي‮ ‬وصفها بـ”الكارثة‮”.. ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن الوزارة تسعى في‮ ‬الوقت الحالي‮ ‬للتنسيق مع مصلحة الأحوال المدنية ومنظمة الصحة العالمية لربط سجل الوفيات والولادة بشهادات منظمة الصحة العالمية‭, ‬للحصول على إحصائيات دقيقة‮.‬
استطاعت وزارة الصحة أن تجمع أسماء المتوفين وأسباب الوفاة مع تحديد مكان وزمان الوفاة التي‮ ‬تتم بالمستشفيات وإلزام المشافي‮ ‬بالرفع نهاية كل عام‭, ‬بحسب الغيثي‭, ‬إلا أن هذه الأرقام ليست شاملة‭, ‬إذ إنها ترفع من المستشفيات الكبيرة في‮ ‬المدن الرئيسية‮ ‬بينما من‮ ‬يتوفون في‮ ‬الأرياف والمنازل لا تضاف أسماؤهم‭, ‬نظراٍ‮ ‬لغياب الوعي‮ ‬لدى المواطنين بأهمية تسجيل حالات الوفاة‮.‬
تفعيل إدارات الإحصاء
وشدد البعيثي‮ ‬على ضرورة أن تمتلك الدولة إحصائيات الوفاة‭, ‬لما سيفيدها في‮ ‬تنفيذ مشاريع واستراتيجيات مهمة‭, ‬وكذلك معرفة أسباب الوفاة وإيجاد معالجات لها‭, ‬بالإضافة إلى أنها ستساعد على إجراء البحوث العلمية‮.. ‬مطالباٍ‮ ‬بتفعيل قانون مصلحة الأحوال المدنية‮ ‬لما سيساهم بشكل كبير في‮ ‬حل القضية وكذا إيجاد تنسيق مستمر بين المصلحة ووزارة الصحة والأوقاف والعدل‭, ‬وتفعيل إدارة الإحصاء لهذه الجهات ورفدها بمتخصصين بعلم الإحصاء وأهميته لما أصبح بهن الحال إلى إدارات‮ ‬غير فعالة‮.‬
نسب تقديرية
مسئول رفيع بوزارة الصحة ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ أرجع أسباب عدم امتلاك الوزارة أرقام الوفيات إلى عدم استشعار صناع القرار بالوزارة بالمسؤولية الوطنية وبأهمية الأرقام‮.. ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن أكثر المستشفيات لا تقوم برفع أسماء المتوفين بينما البعض‮ ‬يرفع أرقاماٍ‮ ‬بنسبة‮ ‬10٪‮ ‬من حالات الوفاة التي‮ ‬تشهدها المستشفيات‭, ‬خوفاٍ‮ ‬من مسألتهم عن ارتفاع أعداد الموتى والأسباب‮. ‬
واعتبر المصدر تهميش الشباب في‮ ‬هذا الجانب من أبرز أسباب عجز الوزارة عن الحصول على إحصائيات وذلك لعدم‮ ‬تفعيل طاقتهم عند النزول الميداني‮ ‬لحصر الوفيات الذي‮ ‬ينحصر على أصحاب القرار كالوزير والوكلاء ومدراء العموم‮ ‬الذين اتهمهم المصدر بعدم قيامهم بالنزول الميداني‮ ‬واكتفائهم بتقديرات نسبية ليس لها أي‮ ‬صحة على أرض الواقع‮.‬
مقابر بدون سجلات
وزارة الأوقاف والإرشاد أوضحت على لسان مدير مكتب أوقاف الأمانة المهندس محمد قايد بأن مسؤولي‮ ‬المقابر لا‮ ‬يرفعون بأسماء الأشخاص الذين‮ ‬يتم دفنهم‮.. ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن الوزارة تعمل في‮ ‬الوقت الحالي‮ ‬على توزيع سجلات للمقابر من أجل تسجيل اسم وبيانات الشخص المتوفى‮ ‬ورفعها للوزارة في‮ ‬فتره لم تحدد بعد‮.. ‬مشدداٍ‮ ‬على ضرورة التنسيق بين الجهات المختصة للحصول على إحصائيات دقيقة وشاملة‮.‬
رئيس هيئة المستشفى الجمهوري‮ ‬بصنعاء الدكتور‮/ ‬نصر القدسي‮ ‬أكد على أن هيئة المستشفى ترفع سنوياٍ‮ ‬إحصائيات شاملة لكل الأعمال الي‮ ‬تقوم بها منها حالات الوفاة وتسلم للمختصين بوزارة الصحة‮.. ‬مطالباٍ‮ ‬الوزارة في‮ ‬حال عدم امتلاكها إحصائيات الوفاة بإلزام المختصين داخل الوزارة وكذا هيئات المستشفيات ومراكز الصحة بالجمهورية برفع إحصائيات الوفاة خلال فترة محددة‭ ‬ومعاقبة من‮ ‬يخالف ذلك‮.‬
أهمية الإحصائيات
وعن أهمية الحصول على إحصائيات الوفاة‮ ‬يقول الدكتور القدسي‮ “‬لها أهمية كبيرة جداٍ‮ ‬ليس فقط من قبل عمل إحصائية سكانية ولكن لمعرفة أين ومتى تحصل هذه الوفيات وبالتالي‮ ‬تتبع معرفة الأسباب والعمل على مكافحتها مثل على سبيل المثال قد تكون الوفيات في‮ ‬مكان ما ناتجة عن وباء ما وهنا‮ ‬يجب تفعيل وتنشيط الترصد الوبائي‮ ‬وقد تكون هذه الوفيات ناتجة عن حوادث مرورية وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬تفعيل دور المرور أو عن إصابات أعيرة نارية وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬قانون منع حمل السلاح وقد‮ ‬يكون عن سوء تغذية كما هو في‮ ‬الأطفال وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬دور وزارة الصحة في‮ ‬الاهتمام بجانب الأمومة والطفولة أو قد تكون ناتجة عند عدم تحصين الأطفال وهنا‮ ‬يتمثل دور وزارة الصحة وهكذا تمثل أهمية وجود إحصائيات دقيقة‮”.

قد يعجبك ايضا