عوامل مساندة لنشوء الفساد
د. أحمد عبدالله الشيخ أبو بكر
يعتبر الفساد من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمعات وتجهض كل الجهود ومجالات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي على عامة الأصعدة.. هذه الظاهرة وجدت منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض , حيث عرفتها المجتمعات البشرية المتقدمة منها والمتأخرة الغنية منها والفقيرة.
تكستب هذه الظاهرة أهميتها من كون مكافحة الفساد مسؤولية مجتمع وأن مشاركة المجتمع في مكافحة الفساد هو النهج الذي يتبنى منظور الأفراد والمجتمع بوصفهم شركاء مستفيدين من مكافحة الفساد ويؤكد على حقهم في الحصول على المعلومات والتثقيف والتدريب والدعم، للمشاركة في حماية أنفسهم ومجتمعهم كشركاء أساسيين ومكملين للحكومات وليسوا بديلين عنها، بالإضافة الى دورهم في دعم السياسات الهادفة إلى محاربة الفساد في ظل علاقة متكافئة ومتبادلة يتم من خلالها تشارك المعلومات وتقييم الأداء..
لذا تأتي مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد لتعزيز دور المجتمع في مكافحته والوقاية منه ونشر قيم النزاهة والشفافية تزامنا مع الحدث الوطني الأبرز المتمثل في إطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وإعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ودورها بالتعاون مع بقية أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة في إعداد وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2020- 2024م.
الأسبــاب والعـوامــل المســانـــدة لنشــــــوء الفســـــاد :
ينشأ الفساد وتزداد فرصة ممارسته في المجتمعات غالبا في ظل الأزمات وفترات التحول بين المراحل الانتقالية أي الفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، واستغلال ضعف الأجهزة الرقابية في هذه المراحل، ويهيكل الفساد نفسه لضعف الرقابة في هذه الفترات وتصبح للفساد مؤسسات غير معلنة، وعلى هذا ينتشر الفساد وينشأ عادة في ظل بيئة تتوفر فيها العوامل التالية:
عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وغياب مبدأ التداول السلمي للسلطة والمبادئ الديمقراطية في الحكم.
عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها وعدم استقلاليتها وضعفها.
غياب آليات واضحة للفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وطغيان السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، وضعف وغياب استقلالية ونزاهة الجهاز القضائي.
احتكار المعلومات وغياب الشفافية وعدم وضوح العلاقة مع الجمهور فيما يخص السياسات المالية العامة المتبعة.
غياب حرية الإعلام، وعدم السماح للإعلام وللمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة ما يحول دون ممارستهم دورهم الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة.
ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على الأداء الحكومي.
اتساع الهوة بين كتلة الأجور والقدرة الشرائية مع جمود سياسات الأجور والمرتبات وعدم مواكبتها للظروف الاقتصادية والتغيرات الجذرية في المجتمع، ما يشكل بيئة ملائمة لبعض الموظفين للبحث عن مصادر مالية أخرى عن طريق الرشوة في ظل غياب قواعد مكتوبة للعمل ومدونات لسلوك الموظفين في قطاعات العمل العام والخاص ما يفتح المجال لممارسة الفساد.
انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة وتقديم القيم التقليدية والروابط القائمة على القرابة والانتماءات العشائرية والمناطقية على القوانين في التعامل لتحقيق مكاسب خاصة بدون وجه حق.
شيوع ثقافات مغلوطة في المجتمع تمجِّد الفاسدين وتقلل من شأن المتمسكين بقيم النزاهة.
عوامل خارجية ناتجة عن وجود مصالح وعلاقات مع شركاء خارجيين تؤدي إلى استخدام وسائل غير قانونية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل الدولة.
عواقب الفســـاد الوخيمة:
إضعاف سيادة القانون وإعاقة كل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
عدم الاستقرار وزيادة القلق والتوتر السياسي في المجتمع.
إعاقة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وانخفاض مستوياتها.
زيادة الإنفاق العام وهدر الثروة وزيادة البطالة.
عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد
وعضو لجنة التوعية والتثقيف والمشاركة المجتمعية