نشرت في صفحة أصدقاء الشرطة على الفيس بوك صورة وبيانات لطفل يتيم فقد قبل أيام من عيد الأضحى راجي◌ٍا ممن يجده أو يعرف عنه شيئا◌ٍ إفادتنا لنطمئن ونطمئن زملائه وإدارة الدار الذي يرعاه , رغم التفاعل الإيجابي المحمود من كثير من أصدقاء الشرطة الكرام إلا أن بعض من مر وعلق على المنشور بطريق الاستهزاء آلمني جدا◌ٍ للواقع المرير الذي وصل إليه مجتمعنا الذي كان يفزع لمجرد أن يرى أبا◌ٍ قاسيا◌ٍ يؤدب ابنه بطريقة فضة وينتصر لكل مظلوم ظهرت للمجتمع مظلمته.
أعاد هذا إلى ذاكرتي مظالم كثيرة تخاذل مجتمعنا ” الجديد ” في رد الظلم عن ضعفاء الناس كقضية طفلة عصر الشهيرة التي حدثت بداية عامنا الحالي وتعرضت فيها طفلة فقيرة في السادسة عشرة من عمرها للاغتصاب من قبل سبعة ذئاب بشرية من المخمورين أفلتوا من العقاب لأنهم امتلكوا شفرة الحل خارج القانون في ظل ضعف جهاز الشرطة الذي لم يتحرك بجدية لجمع الاستدلال وضبط الجناة ( وهو الذي لم يستطع منع وقوع الجريمة في الأصل ) وفي ظل تخاذل المجتمع في نصرة المظلوم الذي أجبره الجناة ومناصروهم على إنكار وقوع الجريمة رغم شهود العيان الذين شهدوا حالة الاختطاف , وهي واحدة من قضايا كثيرة تفصح عن واقع التفكك والخذلان المجتمعي.
لعل هذا الخذلان هو أحد أسباب الضعف في الأداء الأمني الذي نعيشه , فالمجتمع الذي لا يتعاون مع الشرطة لا يستطيع انتزاع حقوقه التي على الشرطة .
أعود إلى حالة اليتيم التائه الذي مرت أيام عديدة وإدارة الدار لا تعلم عنه شيئا◌ٍ ورغم أننا أنزلنا صوره على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى والبلاغ الرسمي في البحث الجنائي إلا أن مركز الشرطة الذي وصل إليه هذا الطفل لم يستطع معرفة قضيته , وهذا يدلنا على مدى حاجة الوزارة إلى أن تتنبه إلى حاجة مراكز الشرطة فيها أكثر من حاجتها إلى قطع الأثاث الفاخر الذي زينت به مكاتب القادة الجدد فيها !!!
الأيتام هم أحد أكثر الفئات المستهدفة من عصابات الإجرام وجماعات الإرهاب , فالطفل اليتيم ليس له الأسرة التي تتولى رعايته وسد حاجياته ومتابعة شئون حياته فتتولد لديه المنعة والحصانة ضد إغراءات تلك العصابات التي تبدأ باستمالة الأطفال بإقناعهم بالهروب من المدرسة التي يصورونها على أنها ليست سوى عائق أمام جني الأموال والاستمتاع بمباهج الحياة , ويستدرجونهم شيئا◌ٍ فشيئا◌ٍ حتى إذا ما أدخلوهم عالم الإدمان على المخدرات ( غالبا◌ٍ ما تكون رخيصة القيمة شديدة الإتلاف لأجهزة الجسم مثل مادة الغراء والأسبرت وغيرها ) أصبحوا فريسة سهلة للاستغلال بكل معانيه المفجعة من استغلال جسدي وجنسي إلى استخدامهم في توزيع المخدرات وأعمال النشل والسرقة وغيرها , لذلك لابد أن تكون شريحة الأيتام ضمن اهتمامات وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية وغيرها من الوزارات الأخرى المختصة .
القاعدة بكل بساطة هي أن من يصل إلى هذه الشريحة أولا◌ٍ هو من يؤثر فيها أكثر , وكلما تخاذلت أجهزة الدولة وتخاذل المجتمع كلما كانت سيطرة واستغلال العصابات لهذه الفئة , وديننا حثنا كثيرا◌ٍ على الاهتمام بالأيتام ورعايتهم ولو لم يكن سوى أن خير البشر محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يتيما◌ٍ لكفى سببا للاهتمام بهم .
الأهم من كل ذلك أن برامج الرعاية والتحصين التي يمكن أن تقوم بها أجهزة وزارة الداخلية لحمايتهم ستكون أسهل بكثير وأكثر توفيرا للجهد والمال من متابعتهم إن احترفوا الإجرام مستقبلا◌ٍ.
همسة أمنية :
السلاح سبب مآسي كثيرة حولت أفراح العيد إلى مآتم ومآسي , الآباء والأمهات مسئولون أمام الله عن أطفالهم .
دام اليمن ودمتم بإذن الله سالمين.
alwajih@yahoo.com
قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقا◌ٍ