رأس المال البشري ركيزة أساسية لتحقيق التنمية
الثورة / تنمية بشرية
في ظل الثورة المعرفية الهائلة والتطورات المتلاحقة في شتى مناحي الحياة تكمن اهمية تنمية رأس المال البشري كركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة
هذا الأمر بحسب استشاري التدريب والتنمية الإنسانية الدكتور جلال الدميني يتطلب إقامة مجتمع منتج من خلال التركيز على الفرد المنتج القادر على التوافق مع هذا التقدم وتغييراته المستمرة والمساهمة في عمليات الإبداع والابتكار.
ويحدد الدكتور جلال لـ تنمية بشرية” ثلاثة مسارات لتفعيل مجتمع منتج في اليمن تتمثل في التعليم الفني والمهني باعتباره أهم مسار لإيجاد عمال فنيين مهرة يساهمون في القدرات الانتاجية لقطاعات الأعمال وإعداد الكفاءات البشرية الوسطية في مختلف المجالات بالموازاة مع مسار اخر لتحسين بيئة العمل لجعلها أكثر انفتاحاٍ داخلياٍ وخارجياٍ وتفعيل أساليب التحفيز المادي والمعنوي وكذا مسار توعوي للتصدي لنظرة المجتمع الضيقة تجاه التعليم الفني والمهني والتخصصات المرتبطة بالإنتاجية بالإضافة الى تنويع الأنشطة والخدمات الاجتماعية.
للتعليم الفني والتدريب المهني دور أساسي في المساهمة بتحقيق التنمية الشاملة من خلال إعداد فئات من الفنيين المهرة º القادرين على النهوض بالعمليات الصناعية والإنتاجية وتحسين جودتها حيث يمثل التعليم الفني والتدريب المهني بمساقاته المتعددة بعداٍ مهماٍ من أبعاد التنمية الشاملة لإقامة المجتمع المنتج º والقادر على المنافسة في ظل الوضع الحالي الذي تحكمه آليات السوق واقتصاداته
ويرى الدكتور الدميني أن اليمن بذلت جهودا عملية لمواكبة التطورات العلمية والتقنية والاستثمارية المطلوبة في مجال التعليم º وذلك في إطار عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية كون التعليم هو أساس التطور والنهوض لأي مجتمع من المجتمعات ويلاحظ ذلك من خلال التوسع في مختلف مجالات التعليم العام º والتعليم الفني والمهني º والتعليم الجامعي .
وتبين مؤشرات التعليم مدى التطور الذي شهده هذا القطاع من خلال زيادة عدد المنشآت التعليمية º وزيادة عدد الملتحقين بالتعليم الفني والتقني حيث وصل عدد المعاهد المهنية والتقنية (دبلوم- ثانوية) نظام سنتين إلى ما يزيد عن 50 معهداٍ وبلغ عدد الطلاب في تلك المعاهد التقنية والمهنية إلى أكثر من (11384) طالباٍ وطالبة .
تدني
لكن في هذا الخصوص وعلى الرغم من اهتمام الدولة بالتعليم الفني والتقني بمختلف مراحله ومستوياته التعليمية باعتباره رافداٍ مهماٍ للتنمية الشاملة º حيث يعمل على إعداد الكفاءات البشرية الوسطية في مختلف المجالات º ويسد حاجة الشركات الصناعية والمعامل والورش من التخصصات الفنية المتعددة º إلا أنه بحسب الدكتور جلال لا يزال يعاني من عدد من المشكلات ومنها على سبيل المثال : قلة الإقبال على المعاهد الثانوية الفنية حيث يفضل الطلاب التعليم الثانوي العام على هذا النوع من التعليم وقبول المعدلات المتدنية مما يؤدي إلى ضعف مستوى مخرجاته ونظرة المجتمع الضيقة للتعليم الفني والتدريب المهني وقلة توافق مناهج التعليم الفني مع متطلبات سوق العمل المتجددة .
أسباب
لا يتوقف الأمر عند ذلك وما سيق يرتبط بالحالة الاجتماعية وتعاملها تجاه تعليم أو قضية معينة لكن المشاكل الحقيقية لهذا النوع من التعليم عديدة ومتنوعة تحد من إقبال المجتمع علية فهناك ضعف مستويات عدد من المعلمين والمدربين وضعف الطاقة الاستيعابية للمعاهد الفنية ومحدودية العلاقة بين المعاهد الفنية والجامعات وضعف التكوين الثقافي والتطبيقي المستمر لخريج التعليم الفني مما يحد من تعامله مع التقنيات الحديثة في بيئة العمل وضعف النظام الإداري والمالي وقلة مواكبته لحاجات التنمية الشاملة كما أن عدداٍ من المخرجات تبحث عن وظائف حكومية فيتحولون فيها مع الزمن إلى أعمال إدارية بينما يحاول عدد آخر منهم مواصلة الدراسة الأكاديمية النظرية في غير التخصص لتحسين مساره الوظيفي كما أن الأعداد المتواضعة من المتقدمين للدراسة – بين فترة وأخرى – يوضح أن التعليم الفني والتدريب المهني ما يزال دون المستوى المطلوب º ومساره المستقبلي غير محدد أو مخطط في ظل المشكلات القائمة وغيرها º مما يتطلب دراسة تشخيصية لمشكلاته º ووضع رؤية تطويرية مستقبلية له º بحيث يكون قادراٍ على تلبية الحاجات الحالية والمستقبلية للشركات الصناعية وسوق العمل بالجمهورية اليمنية .
تقييم
في تقييمه لوضعية التعليم الفني والأيادي العاملة المتعلقة بهذا النوع من التعليم الوسطي والأهم أسباب النظرة المجتمعية السلبية تجاهه يؤكد استشاري التدريب والتنمية الإنسانية الدكتور الدميني ضرورة معرفة ان هناك اختلالات ومشاكل مزمنة ومتشعبة أهمها مشكلات إدارية وإشرافية وتنظيمية ومنها : النظرة السلبية والضبابية تجاه المستقبل الوظيفي وصعوبة الوضع المعيشي مع قلة الراتب وقلة وجود نموذج حديث ومنطقي لتقويم الأداء واتباع أساليب إدارية تقليدية وأقل إنسانية وقلة تشجيع الإبداعات والابتكارات بما تستحقه من التكريم المادي والمعنوي وضعف الإجراءات الإدارية والتنظيمية المحافظة على العنصر الإنساني من التسرب .
ايضا “والحديث لايزال للدميني” هناك مشكلات فنية منها : قلة المشاركة في أعمال الصيانة التطبيقية في بيئة العمل وقلة الثقة بإمكانيات الخريجين وقدراتهم الفنية وضعف الأسس التقنية وقلة وضوحها لتنفيذ التدريب الشامل في بيئة العمل ومشكلات اجتماعية ومعنوية منها : زيادة الخوف بشعور الفصل من العمل وقلة الشعور بالولاء والانتماء للعمل وانخفاض مستوى التعامل الإنساني مع عدد من الحالات وانعكاس ذلك سلبياٍ على الأداء والإنتاجية والتفكير المستمر بالراتب التقاعدي والتأمين الصحي والاحتياجات المعيشية وغلاء الأسعار المستمر .
معالجات
تقتضي الضرورة تطوير اللوائح والأنظمة الداعمة للجوانب الإنسانية وتحسين بيئة العمل لجعلها أكثر انفتاحاٍ داخلياٍ وخارجياٍ وتفعيل أساليب التحفيز المادي والمعنوي وتنويع الأنشطة والخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والتي من شأنها الحفاظ على العنصر البشري من التسرب ومنها جعله شريكاٍ في عمليات التنمية والاستثمار .
ويشدد الدكتور جلال على أهمية رسم خارطة للمسار الوظيفي وفق معايير واضحة ومعلنة ومرتبطة بفترة زمنية محددة وتشجيع المبادرات الذاتية للتطوير الشخصي والعملي وجعل الأساليب الإدارية والإشراقية أكثر مرونة وإنسانية ورفع رواتب العاملين بما يتناسب مع الوضع المعيشي وتفعيل دور المجالس المحلية للتعليم الفني والتدريب المهني على مستوى محافظات الجمهورية بحيث تسير وفق أهداف وخطط عمل واضحة ومحددة وتعزيز دور ومساهمة القطاعين العام والخاص في بناء وتصميم وتقويم مناهج ومدخلات ومخرجات التعليم الفني والتدريب المهني وتوفير خبرات استشارية ومنح تدريبية وزيارات ميدانية مخططة محلية وخارجية للطلاب وهيئة التدريس وإنشاء وحدة متابعة فاعلة لقياس وتقويم مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني وعلاقتها باحتياجات سوق العمل.