المفارقة العجيبة أن البعض حينما يتحدثون عن مواجهة اليمن لظاهرة الإرهاب ينسون أو يتناسون بقصد أو بدون قصد أن هذه المواجهة قد فرضتها ضرورات وطنية ولم تكن نتيجة إملاء من أحد. وقد تعرضت اليمن قبل غيرها من دول العالم للاستهداف الإرهابي من من تنظيم القاعدة وغيره حيث كان من أولويات العناصر الإرهابية المتطرفة محاولة النيل من مقومات الدولة في هذا البلد عن طريق ضرب مرتكزات الأمن والاستقرار والاقتصاد الوطني والسياحة ومسارات التنمية وإشاعة الفوضى والخراب في كل أرجائه وتحويله إلى “إمارة إسلامية” تحكم على الطريقة الطالبانية ليصبح في أحسن الأحوال نسخة ثانية من افغانستان أو الصومال لاعتقاد عناصر التطرف والإرهاب بأن سيطرتها على هذا البلد الذي يتموضع في رقعة حيوية من شبه الجزيرة العربية وعلى منافذ بحرية هامة واستراتيجية تربط بين آسيا وافريقيا والعالم سيتيح لها زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة والنيل من السلم الإقليمي والعالمي.
وأمام الخطر الداهم الذي يمثله الإرهاب ليس على اليمن فحسب بل وعلى دول المنطقة والعالم فإنه يتعين ألا يجعل البعض من أية حادثة تفقدهم القدرة على التفكير الهادئ والموضوعي إذا ما انبروا للحديث عن آفة الإرهاب وأخطارها على الواقع الاجتماعي والمصالح العليا للوطن.
ولن نذهب بعيداٍ فالحقيقة أن الحادثة الأخيرة في محافظة مارب وما أسفرت عنها من نتائج مؤسفة تتحمل مسؤوليتها العناصر الإرهابية والتخريبية من تنظيم القاعدة لكونها جعلت من محافظة مارب ومنطقة وادي عبيدة كما قال المصدر المسؤول في السلطة المحلية بالمحافظة وكراٍ للتخطيط والإعداد لأعمالها الإجرامية والتي طالت عدداٍ من المواطنين وأفراد القوات المسلحة والأمن مروراٍ باستهدافها لبعض المنشآت الاقتصادية مثل أنابيب النفط وكابلات الكهرباء واحتجاز قاطرات نقل الغاز والمشتقات البترولية الأخرى وانتهاء بتنفيذ العمليات الإرهابية والانتحارية والتي كان آخرها المحاولة الفاشلة التي كان المستهدف فيها السفير البريطاني بصنعاء الأمر الذي ألحق الضرر البالغ بسمعة اليمن وبالاقتصاد الوطني وبمصالح الوطن والمواطن.
ومن الحكمة أن يستشعر المواطنون من أبناء محافظة مارب أن تواجد هذه العناصر الإرهابية يمثل الخطر الأكبر على محافظتهم والوطن وأن عواقب مثل هذا التواجد كارثية على الجميع. ولم تكن حادثة استشهاد الشيخ جابر الشبواني الذي دفعته غيرته الوطنية مراراٍ إلى محاولة إقناع تلك العناصر الضالة بالعودة إلى جادة الحق والصواب ليدفع في آخر محاولة له حياته ثمناٍ لذلك الموقف بعد أن جرجره أولئك المجرمون إلى أحد أوكارهم لتكون تلك النتيجة المؤسفة لتحدث لولا تخفي عناصر الإرهاب في منطقة وادي عبيدة غير عابئة بالتهديدات التي قد يتعرض لها المواطنون خلال عمليات ملاحقتها.
ومن الحكمة أيضاٍ أن يسعى أبناء محافظة مارب وخصوصاٍ في قبيلة عبيدة والأشراف إلى تفويت الفرصة على تلك العناصر التخريبية والإرهابية وعدم تركها تستغل حادثة استشهاد الشيخ جابر الشبواني لإثارة النعرات القبلية في نفوسهم وتحريضهم على ارتكاب بعض الممارسات الخاطئة وغير المحسوبة التي تسيء لهم ولأعرافهم وأخلاقياتهم وقيمهم الحضارية مدركين أن الجاني والفاعل الأساسي في هذه الحادثة ليس سوى تلك العناصر الإرهابية وأن الرد العملي والوفاء لدم الشهيد ومرافقيه هو في تطهير مناطقهم من تلك العناصر الإجرامية والتعاون مع الأجهزة الأمنية والسلطة المحلية في القيام بضبطها وتقديمها للعدالة ومحاسبتها على ما ارتكبته من إساءات بالغة بحق أبناء محافظة مارب وما اقترفته من جرائم بحق الوطن.
إذ أنه لا يشرف أحداٍ من أبناء مارب الحضارة والتاريخ الإخفاء أو التستر على مثل تلك العناصر الإجرامية التي باعت نفسها للشيطان وماتت ضمائرها الممسوخة وعميت عيونها عن رؤية الحق والصواب والتي نراها اليوم وقد استغلت تلك الحادثة لتمارس أعمالها الإرهابية والتخريبية عبر استهداف أنابيب النفط وكابلات الكهرباء والمنشآت الحكومية والاقتصادية في محاولة منها لإشعال الحرائق وإثارة الفتنة وهو ما استنكره الجميع وفي مقدمتهم أسرة الشهيد جابر الشبواني وكافة الشرفاء في محافظة مارب.
لقد كانت اليمن ضحية من ضحايا الإرهاب حيث طالت أياديه الآثمة اقتصادها وسمعتها واسمها وتعرضت مصالح مواطنيها للكثير من شرور هذه الآفة الخبيثة والتي لولا يقظة أجهزتها الأمنية وتعاون كل أبنائها المخلصين لتمكنت هذه الآفة من تحويل اليمن إلى أرض مدمرة ومحروقة تئن من الويلات والمآسي وشلالات الدماء.
وإزاء هذا الخطر الماحق فليس أمامنا في اليمن حكاماٍ ومحكومين سوى مواصلة الجهود في ملاحقة هذه العناصر الإجرامية التي بدأت تشارف على نهايتها بعد الضربات الاستباقية الموجعة التي تلقاها أفرادها في أكثر من منطقة ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يسمح أبناء مارب الشرفاء أن تكون محافظتهم مرتعاٍ لمثل هذه العناصر أو مأوى لمن تبقى منها كما لا يجوز أن يسمحوا لأي عناصر تخريبية بإلحاق الأذى بالمصالح العامة في المحافظة خاصة وأن القيادة السياسية قد بادرت إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الحادث المؤسف الذي أدى إلى استشهاد الشيخ جابر الشبواني وعدد من مرافقيه.
فالاعتداء على المصالح العامة أمر غير مقبول وهو مستهجن ومستنكر من غالبية أبناء محافظة مارب ومدان من كل أبناء الشعب اليمني باعتبار أن تلك المصالح هي مصالح المواطنين ومن غير المنطقي أن يترك العقلاء لبعض الغوغائيين أو مغسولي الأدمغة أو الرؤوس الإرهابية المحنطة العبث بمصالح هي ملك كل أبناء هذا الوطن.
Prev Post
Next Post