تكمن ضرورات الحوار ليس في كونه مرتكزا◌ٍ من مرتكزات الديمقراطية فحسب¡ وإنما لأن الحوار يشكل الوسيلة الحضارية المثلى التي تمهد الطريق لفك التشابك الناتج عن التباين في وجهات النظر والاختلاف في الرؤى¡ فضلا◌ٍ عن أن الحوار يمثل الطريق الأصوب للوصول إلى المعالجات والحلول للقضايا الوطنية أيا◌ٍ كانت.. وإدراكا◌ٍ لأهمية الحوار ونجاعته فقد جاءت دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لمختلف أطياف العمل السياسي والحزبي في خطابه عشية احتفالات شعبنا بالعيد الوطني العشرين إلى حوار وطني جاد ومسئول وتعزيز الشراكة الوطنية والوقوف صفا◌ٍ واحدا◌ٍ في مواجهة التحديات التي تعترض طريق الوطن.
ويبقى من الواضح أنه وبقدر ما حملته هذه الدعوة من المعاني القيمية والوطنية وجسدته من حرص قيادي مسئول على تعميق أجواء الثقة بين مكونات منظومة العمل السياسي والحزبي¡ فإنها وبالقدر نفسه قد وضعت هذه المنظومة أمام مسؤولياتها التاريخية وجعلت الكرة في ملعبها¡ والجميع ينتظر منها موقفا◌ٍ إيجابيا◌ٍ مسؤولا◌ٍ عبر تفاعلها البناء والخلاق مع تلك الدعوة ومقاصدها النبيلة متجاوزة كل الشوائب والتراكمات التي أفرزتها المناكفات والمكايدات الإعلامية والسياسية خلال المرحلة الماضية¡ ومسترشدة في ذلك بالمدلول العام والشامل الذي لازم الدعوة إلى الحوار وبرز جليا◌ٍ في مطالبتها الجميع بطي صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة يتركز فيها الاهتمام على المستقبل ومتطلباته باعتباره الرهان القادم الذي ينبغي أن يحتل الأولوية لدى الجميع.
وإذا كانت ردود الفعل الطيبة والإيجابية التي قوبلت بها دعوة رئيس الجمهورية إلى الحوار¡ والتي عبرت عنها مختلف المواقف¡ قد خلقت حالة من الاستبشار والتفاؤل لدى مختلف أبناء الشعب اليمني وكل من يحبون له الخير والاستقرار والنماء من الأشقاء والأصدقاء¡ فإن ما يتعين الآن فعله من قبل كافة من شملتهم الدعوة هو المسارعة إلى التجاوب مع الدعوة وتلبيتها بالجلوس إلى طاولة الحوار¡ وجعل هذه الانطلاقة بمثابة الحافز الذي يسهم في تكريس ثقافة الحوار وتأصيله في حياتنا السياسية والعامة بحيث يغدو الحوار هو المرجعية التي نحتكم إليها كلما تباينت رؤانا أو تباعدت وجهات النظر في ما بيننا أو اختلفنا في أمر من الأمور طالما والقاسم المشترك بيننا هو اليمن والهدف هو تحقيق المصلحة الوطنية..
إذ لا يكفي أن نتحدث عن الحوار ولا نمارس ثقافته ونتمثل أخلاقياته ونتمسك بقواعده ونؤمن بمنهجيته ومسلكيته التي تستند إلى مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي وأسلوب الإقناع الذي ينتصر لمنطق العقل والمصلحة العليا للوطن والمجتمع وتغليبها على أية مصالح ذاتية أو حزبية ضيقة.
وما من شك أن من مصلحة القوى السياسية والحزبية سواء◌ٍ في السلطة أو المعارضة إحلال مبدأ الحوار وتحويله إلى ثقافة متجذرة في مجريات العمل السياسي والحزبي¡ وأن يغدو الحوار هو الآلية التي نحتكم إليها ليس لمجرد التقاط الأنفاس أو إعادة ترتيب الأوراق¡ وإنما لقناعتنا الراسخة أنه لا خيار أمامنا غير الحوار لمعالجة قضايانا وحلحلة خلافاتنا وتبايناتنا واستبدالها بالتوافق والتلاحم والشراكة الوطنية التي نتشارك فيها مسؤولية بناء الوطن والنهوض به¡ مستشعرين حقيقة أن هذا الوطن هو وطننا جميعا◌ٍ وعملية بنائه تقع على عاتق كل أبنائه دون استثناء.
ومن المؤكد أن التحلي بهذا الشعور يكتسب أهمية بالغة¡ خصوصا◌ٍ في هذه المرحلة التي تنتظر الشعب فيها الكثير من الاستحقاقات الدستورية والديمقراطية وفي مقدمتها إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في السابع والعشرين من ابريل 2011م.. ولأنه لا مجال لترحيل هذه الاستحقاقات الملزمة¡ فإن من الموضوعية عدم إضاعة الوقت في أي جدل كان والمضي في أقرب وقت ممكن صوب الحوار والخروج بتوافق وطني حول القضايا المطروحة بروح الإخاء والمحبة والحرص الوطني¡ خاصة وقد مررنا بتجربة أكدت وقائعها أن إهدار الوقت في الجدل والمناكفات لم يعد بأي نتيجة أو جدوى على أحد¡ بل أن الوطن كان هو الخاسر الأكبر من وراء ذلك النزيف المرهق.
وما يتمناه كل أبناء الوطن اليوم¡ هو أن تستفيد كل أطياف العمل السياسي والحزبي من الفرصة التي أتاحتها دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح للحوار وتعزيز الشراكة الوطنية¡ والتقاط هذه الفرصة لتعميق جسور الثقة وثقافة الحوار والتقدم بخطى واثقة وحس وطني مسئول في اتجاه تحقيق الوفاق الذي تعلو فيه مصلحة اليمن على ما سواها وتطلعات الجماهير اليمنية في التقدم والرخاء والنماء على ما دونها.. وذلك يتطلب حوارا◌ٍ بناء◌ٍ وجادا◌ٍ يخرج بحصيلة وافرة من الأفكار والرؤى التي تثري وتبني وتجمع ولا تفرق ولما فيه مصلحة الوطن أولا◌ٍ وأخيرا◌ٍ.
Prev Post
Next Post