دعوة للشراكة الوطنية 

ينتظر أبناء شعبنا بتفاؤل في أن يتغلب صوت العقل والحكمة وأن تلتئم القوى السياسية والحزبية في الساحة الوطنية عما قريب على طاولة الحوار¡ استجابة لدعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية¡ التي أطلقها عشية الاحتفال بالعيد الوطني العشرين للجمهورية اليمنية¡ وجدøد التأكيد عليها يوم أمس¡ لقناعته بأن الحوار هو الوسيلة الحضارية المثلى التي يمكن من خلالها الوصول إلى كلمة سواء¡ واصطفاف وطني بناء وتوافق عملي خلاق إزاء مختلف القضايا التي تواجه الوطن وحاضره ومستقبله.
وبعد أن صارت الطريق ممهدة أمام هذا الحوار¡ وتحددت ملامحه واحتلت الدعوة إليه اهتماما◌ٍ بالغا◌ٍ على خريطة العمل السياسي والحزبي¡ ولم يعد هناك عائق يحول دون مباشرة المنظومة الحزبية والسياسية لحوار جاد ومسؤول يعلي من شأن الوطن ولا يتعالى عليه¡ ويضع مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته على رأس سلم الأولويات متقدمة على كل المصالح الذاتية والشخصية والحزبية¡ باعتبار أن مصلحة الجميع هي في مصلحة اليمن¡ وليست في أي مصلحة أخرى.
ومن المؤكد والثابت أن الكرة صارت في ملعب القوى السياسية والحزبية¡ وعليها أن تبرهن أنها بمستوى هذا الاختبار الحقيقي والمسؤولية الوطنية¡ وأنها لن تدع الفرصة المتاحة أمامها اليوم تضيع منها تحت أي حجة مزعومة أو مبرر أو مكابرة أو عناد¡ بعد أن سقطت كل الحجج والمبررات وأصبحت طاولة الحوار مفتوحة أمام الجميع¡ لبناء شراكة وطنية حقيقية¡ تنهض بالوطن وتدفع به نحو الأمام¡ وترسم مسارات حاضره ومستقبله على قاعدة أن الوطن هو وطن كل أبنائه¡ ويتسع للجميع¡ ومسؤولية بنائه تقع عليهم كافة.
وليس من حق أحد بعد كل ذلك أن يتذمر أو يفسر منطق الحوار وفق أهوائه أو رغباته¡ أو يفرض عليه شروطا◌ٍ مسبقة¡ حيث ومن الموضوعية والواقعية أن يرتفع الجميع إلى مستوى شجاعة المبادرة التي تحسب لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي أراد أن يعيد الجميع إلى مربع الحكمة اليمانية والتي لاشك وأنها تستوعب الجميع وتقبل بالجميع¡ وهي موجهة للجميع ومن أجل الجميع دون استثناء أو إقصاء لأحد.
وما ينتظره المواطن من كافة أطراف المنظومة السياسية والحزبية هو التحلي بروح المسؤولية والحكمة اليمانية وإرادة جديدة ونوايا صادقة تفتح أمام اليمن آفاقا◌ٍ رحبة وواسعة للانطلاق صوب الغد الأفضل والأرغد¡ الذي يكون الجميع فيه مساهما◌ٍ في صنع إشراقاته وبناء تحولاته وإنجاز متطلباته النهضوية¡ والتي لايمكن لها أن تتحقق إلاø من خلال العمل وتكاتف الجهود والطاقات والقدرات الوطنية¡ مدركين جميعا◌ٍ أن الأوطان لا تبنى بالأمنيات أو بالشعارات الفارغة أو بأحلام اليقظة¡ أو بالاستسلام لعوامل اليأس والقنوط¡ كما أن صنع التطور والتقدم لا يمكن إنجازه وبلوغ أهدافه وغاياته بالخطب والكلمات الإنشائية أو بالمصطلحات المعبرة عن الشيزوفرينيا وإنما بالعمل الجماعي¡ وجعل السياسة رافعة للاقتصاد والحزبية أداة للوئام والسلم الاجتماعي¡ ونحن أحوج ما نكون إلى تقديم مثل هذه النماذج اقتناعا◌ٍ بأنه وكلما حرصت النخبة في الأحزاب والتنظيمات السياسية وغيرها من النخب الثقافية والفكرية والجماهيرية والشعبية على تأدية أدوارها بشكل سليم¡ وجعلت من نفسها قدوة في التفاني والإيثار من أجل وطنها ومجتمعها¡ كانت النتائج بقدر الطموح والمأمول والمنشود.
وكما أن الحوار هو المدخل الصحيح لجمع الكلمة وتوحيد الصف والجبهة الداخلية وتلاحم النسيج الاجتماعي¡ وحل الخلافات وتكريس الوئام¡ فإن إنجاز الأهداف الكبيرة على الأصعدة التنموية والاقتصادية والبناء المستدام يقتضي أيضا◌ٍ استشعار الجميع لواجباتهم ومسؤولياتهم الوطنية وأنهم شركاء في هذا الوطن سواء كانوا في السلطة أو المعارضة¡ فالكل لابد وأن يؤدي مهامه على أكمل وجه ولا ينتظر من أحد أن ينوب عنه في ذلك مما يعني معه أن اليمن أمانة في أعناق أبنائها حكاما◌ٍ ومحكومين¡ ومثل هذه الأمانة لا تقبل القسمة أو الاتكالية أو المماطلة أو الانسياق وراء شعارات وهتافات المقامرين والمغامرين أو المتاجرين بحاضر ومستقبل الوطن.
وما دمنا قد اخترنا العودة إلى مربع الحكمة اليمانية¡ وغلبنا الحوار على الصراع والوئام على الاختلاف والتكاتف على الفرقة¡ فعلينا أن نبøöرø◌ِ بوطننا كما نبøöرø◌ِ بآبائنا وأهلينا¡ مستوعبين أنه لا وطن لنا غير هذا الوطن ولا مأوى لنا سواه مما يقتضي أن نجعل من اليمن أولا◌ٍ وأخيرا◌ٍ فوق كل الاعتبارات والمصالح الذاتية أو الحزبية لأن من أصعب الأشياء أن يكون الإنسان عاقا◌ٍ لوطنه وجاحدا◌ٍ بأفضاله عليه.

قد يعجبك ايضا